الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما تستحقه الزوجة]

                                                                                                                                                                                        والذي تستحقه الزوجة: النفقة والكسوة والغطاء والوطاء، وما يميط الأذى، ويزيل الشعث، ومن يخدمها إذا كان واجدا لذلك. فأما النفقة فمن الصنف الذي يجري بين هذين الزوجين بذلك البلد: قمحا أو شعيرا أو ذرة أو تمرا.

                                                                                                                                                                                        واختلف في القدر، فقال مالك في كتاب محمد: مد وثلث بمد النبي - صلى الله عليه وسلم -.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: ويبتان ونصف في الشهر إلى ثلاث. يريد: لمن كان بمصر. وأرى أن يفرض في كل بلد الوسط من الشبع، إلا أن يعجز عن ذلك، فليس الموسر [ ص: 2024 ] كالمعسر، وليس الشدة كالرخاء، ويفرض لها الماء للشرب والغسل، والزيت للأكل، والوقيد، والحطب، والبقل، واللحم في بعض الأيام.

                                                                                                                                                                                        قال محمد: ويجمع ذلك كله ثمنا فتعطاه مع القمح. قال: ولا يفرض من العسل والسمن والحالوم، ولكن الخل والزيت. قال ابن حبيب: ولا فاكهة. وهذا يحسن في المتوسط، وليس في ذوي اليسار.

                                                                                                                                                                                        ولها أجرة الطحن، والعجن، والخبز إذا كان ممن لا يلزم بخادم.

                                                                                                                                                                                        وأما اللباس: فقميص ووقاية وقناع، وهي في الجودة والدناءة على قدرهما ويسار الزوج، ويزاد لبعض النساء ما يكون في الوسط، ويزدن في الشتاء ما يدفع البرد.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في كتاب محمد: لا يفرض خز، ولا وشي، ولا حرير، وإن كان متسعا. وقال أبو الحسن بن القصار: إنما قال مالك: لا يفرض الخز، والوشي والعسل لأن أهل مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيهم قناعة، فأما سائر الأمصار فعلى حسب أحوالهم كالنفقة. [ ص: 2025 ]

                                                                                                                                                                                        ويختلف في ثياب مخرجها، كالثياب التي العادة أن تخرج بها كالملحفة، فالظاهر من المذهب أن لا شيء لها.

                                                                                                                                                                                        وقال في المبسوط: يفرض على الغني ثياب مخرجها.

                                                                                                                                                                                        وأما الغطاء، والوطاء، ففراش، ووسادة، ولحاف، ويزاد في الشتاء ما يدفع البرد.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: والسرير في الوقت الذي يحتاج إليه لخوف العقارب وشبهها. قال ابن حبيب: أو براغيث أو فأر، وإلا فلا.

                                                                                                                                                                                        قال محمد: وما يزيل الشعث كالمشط والمكحلة والنضوح، ودهنها وحناء رأسها. وقال ابن وهب في العتبية، في الطيب والزعفران، وخضاب اليدين والرجلين: ليس ذلك عليه. وقاله محمد في الصبغ، وقال مالك في المبسوط: يفرض لها على الغني طيبها، ولا يفرض الصباغ، إلا أن يكون من أهل الشرف والسعة، وامرأته كذلك.

                                                                                                                                                                                        وأما الخدمة فخادم، واختلف في أكثر إذا كان موسعا عليه.

                                                                                                                                                                                        فقال ابن القاسم في كتاب محمد: إن كان لها رقيق، لم ينفق إلا على واحدة، وإن قال: تخدمها خادمي، لم يكن له ذلك، ولعل خادمها أوفق لها من خادم زوجها. [ ص: 2026 ]

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في المبسوط: إن كان ممن لا يصلحه ولا امرأته إلا أكثر من واحدة، فعليه أن ينفق على أكثر إذا لم تكفها واحدة.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن الماجشون وأصبغ: إن لم تكن الزوجة من ذات الشرف، وليس في صداقها ما تشتري به خادما، فعليها الخدمة الباطنة؛ العجن والطبخ، والكنس، والفرش، واستقاء الماء.

                                                                                                                                                                                        وكذلك إن كان الزوج مليا، إلا أنه مثلها في الحال أو أشرف، ولم يكن من أشرف الرجال الذين لا يمتهنون نساءهم في الخدمة، وإن كان معسرا، لم يكن عليه إخدامها، وإن كانت ذات شرف، وعليها الخدمة الباطنة كما هي على الدنية.

                                                                                                                                                                                        فأما ما اختلف فيه من الخز، والحرير، والوشي، والطيب، والصباغ، وما زاد على خادم فراجع إلى ما قاله أبو الحسن بن القصار، وأنه لم يكن ذلك فيما قبل.

                                                                                                                                                                                        فرأى مالك الفرض مرة على ما تقدم، وأن الزائد محدث ومكارمة، وأبقاها مكارمة على الأصل، وألزم ذلك مرة؛ لأنها صارت عادة.

                                                                                                                                                                                        وقد اختلف قوله في هدية العرس وهي من هذا الأصل، إلا أن يكون الزوج كثير العيال، أو كثير الغاشية والقصد، ولا يقوم به خادم، فعليه أن يأتي بمن يقوم بذلك وإن كثرن. [ ص: 2027 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية