الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 27 ] وأربع صلاة التسبيح بثلاثمائة تسبيحة ، وفضلها عظيم .

التالي السابق


مطلب في صلاة التسبيح .

( قوله وأربع صلاة التسبيح إلخ ) يفعلها في كل وقت لا كراهة فيه ، أو في كل يوم أو ليلة مرة ، وإلا ففي كل أسبوع أو جمعة أو شهر أو العمر ، وحديثها حسن لكثرة طرقه . ووهم من زعم وضعه ، وفيها ثواب لا يتناهى ومن ثم قال بعض المحققين : لا يسمع بعظيم فضلها ويتركها إلا متهاون بالدين ، والطعن في ندبها بأن فيها تغييرا لنظم الصلاة إنما يأتي على ضعف حديثها فإذا ارتقى إلى درجة الحسن أثبتها وإن كان فيها ذلك ، وهي أربع بتسليمة أو تسليمتين ، يقول فيها ثلثمائة مرة { سبحان الله ، والحمد لله ولا إله إلا الله ، والله أكبر } " وفي رواية زيادة { ولا حول ولا قوة إلا بالله } " يقول ذلك في كل ركعة خمسة وسبعين مرة ; فبعد الثناء خمسة عشر ، ثم بعد القراءة وفي ركوعه ، والرفع منه ، وكل من السجدتين ، وفي الجلسة بينهما عشرا عشرا بعد تسبيح الركوع والسجود ، وهذه الكيفية هي التي رواها الترمذي في جامعه عن عبد الله بن المبارك أحد أصحاب أبي حنيفة الذي شاركه في العلم والزهد والورع ، وعليها اقتصر في القنية وقال إنها المختار من الروايتين . والرواية الثانية : أن يقتصر في القيام على خمسة عشر مرة بعد القراءة ، والعشرة الباقية يأتي بها بعد الرفع من السجدة الثانية ، واقتصر عليها في الحاوي القدسي والحلية والبحر ، وحديثها أشهر ، لكن قال في شرح المنية : إن الصفة التي ذكرها ابن المبارك هي التي ذكرها في مختصر البحر ، وهي الموافقة لمذهبنا لعدم الاحتياج فيها إلى جلسة الاستراحة إذ هي مكروهة عندنا . ا هـ .

قلت : ولعله اختارها في القنية لهذا ، لكن علمت أن ثبوت حديثها يثبتها وإن كان فيها ذلك ، فالذي ينبغي فعل هذه مرة وهذه مرة .

[ تتمة ] قيل لابن عباس : هل تعلم لهذه الصلاة سورة قال : التكاثر والعصر والكافرون والإخلاص . وقال بعضهم : الأفضل نحو الحديد والحشر والصف والتغابن للمناسبة في الاسم . وفي رواية عن ابن المبارك : يبدأ بتسبيح الركوع والسجود ثم بالتسبيحات المتقدمة . وقال المعلى : يصليها قبل الظهر هندية عن المضمرات . وقيل لابن المبارك : لو سها فسجد هل يسبح عشرا عشرا قال : لا إنما هي ثلثمائة تسبيحة . قال الملا علي في شرح المشكاة : مفهومه أنه إن سها ونقص عددا من محل معين ، يأتي به في محل آخر تكملة للعدد المطلوب ا هـ .

قلت : واستفيد أنه ليس له الرجوع إلى المحل الذي سها فيه وهو ظاهر ، وينبغي كما قال بعض الشافعية أن يأتي بما ترك فيما يليه إن كان غير قصير فتسبيح الاعتدال يأتي به في السجود ، أما تسبيح الركوع فيأتي به في السجود أيضا لا في الاعتدال لأنه قصير .

قلت : وكذا تسبيح السجدة الأولى يأتي به في الثانية لا في الجلسة لأن تطويلها غير مشروع عندنا على ما مر [ ص: 28 ] في الواجبات . وفي القنية : لا يعد التسبيحات بالأصابع إن قدر أن يحفظ بالقلب وإلا يغمز الأصابع . ورأيت للعلامة ابن طولون الدمشقي الحنفي رسالة سماها [ ثمر الترشيح في صلاة التراويح ] بخطه أسند فيها عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : أنه يقال فيها بعد التشهد قبل السلام : اللهم إني أسألك توفيق أهل الهدى ، وأعمال أهل اليقين ، ومناصحة أهل التوبة ، وعزم أهل الصبر ، وجد أهل الخشية ، وطلب أهل الرغبة ، وتعبد أهل الورع ، وعرفان أهل العلم حتى أخافك . اللهم إني أسألك مخافة تحجزني عن معاصيك حتى أعمل بطاعتك ; وعملا أستحق به رضاك ، حتى أناصحك بالتوبة خوفا منك ، وحتى أخلص لك النصيحة حبا لك ، وحتى أتوكل عليك في الأمور حسن ظن بك ، سبحان خالق النور " . ا هـ .




الخدمات العلمية