الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            9953 وعن علي قال : لما قدمنا المدينة أصبنا من ثمارها ، فاجتويناها ، فأصابنا بها وعك ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخبر عن بدر ، فلما بلغنا أن المشركين قد أقبلوا سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر - وبدر بئر - فسبقنا المشركون إليها ، فوجدنا فيها رجلين منهم رجلا من قريش ، ومولى لعقبة بن أبي معيط ، فأما القرشي فانفلت ، وأما مولى عقبة ، فأخذناه فجعلنا نقول له : كم القوم ؟ فيقول : هم والله كثير عددهم ، شديد بأسهم ، فجعل المسلمون إذا قال ذلك ضربوه حتى انتهوا به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " كم القوم ؟ " . فقال : هم والله كثير عددهم ، شديد بأسهم . فجهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخبره فأبى ، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأله : " كم ينحرون من الجزر ؟ " . قال : عشر لكل يوم . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " القوم ألف ، كل جزور لمائة ونيفها " . ثم إنه أصابنا طش من مطر ; فانطلقنا تحت الشجر والحجف نستظل تحتها من المطر ، وبات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو ربه ويقول : " اللهم إن تهلك هذه الفئة لا تعبد " . قال : فلما أن طلع الفجر نادى : " الصلاة عباد الله " . فجاء الناس من تحت الشجر والحجف ، فصلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحض على القتال ، ثم قال : " إن جمع قريش تحت هذه الضلع الحمراء من الجبل " . فلما دنا القوم وصافناهم إذا رجل منهم على جمل له أحمر يسير في القوم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا علي ، ناد لي حمزة " . وكان أقربهم من المشركين : " من صاحب الجمل الأحمر ؟ وماذا يقول لهم ؟ " .

                                                                                            ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن [ ص: 76 ] يكن في القوم أحد يأمر بخير ، فعسى أن يكون صاحب الجمل الأحمر " . فجاء حمزة فقال : هو عتبة بن ربيعة ، وهو ينهى عن القتال ويقول لهم : يا قوم ، إني أرى قوما مستميتين لا تصلون إليهم وفيكم خير ، يا قوم ، اعصبوها اليوم برأسي وقولوا : جبن عتبة بن ربيعة ، ولقد علمتم أني لست بأجبنكم .

                                                                                            فسمع بذلك أبو جهل فقال : أنت تقول ذلك ؟ والله لو غيرك يقول لأعضضته ، قد ملأت رئتك جوفك رعبا ، فقال عتبة : إياي تعني يا مصفر استه ، ستعلم اليوم أينا الجبان ؟ قال : فبرز عتبة ، وأخوه شيبة ، وابنه الوليد حمية ، فقالوا : من يبارز ؟ فخرج فتية من الأنصار ستة ، فقال عتبة : لا نريد هؤلاء ، ولكن يبارزنا من بني عمنا من بني عبد المطلب ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قم يا علي ، وقم يا حمزة ، وقم يا عبيدة بن الحارث بن المطلب " . فقتل الله شيبة وعتبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة ، وخرج عبيدة ، فقتلنا منهم سبعين وأسرنا سبعين .

                                                                                            فجاء رجل من الأنصار قصير بالعباس بن عبد المطلب أسيرا ، فقال العباس : يا رسول الله ، إن هذا والله ما أسرني ، أسرني رجل أجلح من أحسن الناس وجها على فرس أبلق ما أراه في القوم ، فقال الأنصاري : أنا أسرته يا رسول الله . قال : " اسكت فقد أيدك الله بملك كريم " .

                                                                                            قال علي - عليه السلام - : فأسرنا وأسرنا من بني المطلب العباس وعقيلا ونوفل بن الحارث
                                                                                            .

                                                                                            قلت : روى أبو داود منه طرفا . رواه أحمد والبزار ، ورجال أحمد رجال الصحيح غير حارثة بن مضرب وهو ثقة .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية