الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وأما أن الماشي إلى المبتدع والموقر له معين على هدم الإسلام :
فقد تقدم نقله .
وروي أيضا مرفوعا : من أتى صاحب بدعة ليوقره ، فقد أعان على هدم الإسلام .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام .
ويجامعها في المعنى ما صح من قوله عليه الصلاة والسلام : nindex.php?page=hadith&LINKID=1013149من أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . الحديث .
فإن الإيواء يجامع التوقير ، ووجه ذلك ظاهر لأن المشي إليه والتوقير له تعظيم له لأجل بدعته ، وقد علمنا أن الشرع يأمر بزجره وإهانته وإذلاله بما هو أشد من هذا ، كالضرب والقتل ، فصار توقيره صدودا عن العمل بشرع الإسلام ، وإقبالا على ما يضاده وينافيه ، والإسلام لا ينهدم إلا بترك العمل به ، والعمل بما ينافيه .
وأيضا فإن توقير صاحب البدعة مظنة لمفسدتين تعودان على [ ص: 152 ] الإسلام بالهدم :
إحداهما : التفات الجهال والعامة إلى ذلك التوقير ، فيعتقدون في المبتدع أنه أفضل الناس ، وأن ما هو عليه خير مما عليه غيره ، فيؤدي ذلك إلى اتباعه على بدعته; دون اتباع أهل السنة على سنتهم .
والثانية : أنه إذا وقر من أجل بدعته; صار ذلك كالحادي المحرض له على إنشاء الابتداع في كل شيء .
وعلى كل حال ، فتحيا البدع ، وتموت السنن ، وهو هدم الإسلام بعينه .
وعلى ذلك دل حديث معاذ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=1013150فيوشك قائل أن يقول : ما لهم لا يتبعوني وقد قرأت القرآن ؟ ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره ، وإياكم وما ابتدع ، فإن ما ابتدع ضلالة " .
فهو يقتضي أن nindex.php?page=treesubj&link=20452السنن تموت إذا أحييت البدع ، وإذا ماتت [ السنن ] ; انهدم الإسلام .
وعلى ذلك دل النقل عن السلف; زيادة إلى صحة الاعتبار ، لأن الباطل إذا عمل به لزم ترك العمل بالحق كما في العكس ، لأن المحل الواحد لا يشتغل إلا بأحد الضدين .
وأيضا; فمن السنة الثابتة nindex.php?page=treesubj&link=20343ترك البدع ، فمن عمل ببدعة واحدة; فقد ترك تلك السنة .
فمما جاء من ذلك ما تقدم ذكره عن حذيفة رضي الله عنه : " أنه أخذ [ ص: 153 ] حجرين فوضع أحدهما على الآخر ثم قال لأصحابه : هل ترون ما بين هذين الحجرين من النور ؟ قالوا : يا أبا عبد الله ! ما نرى بينهما إلا قليلا ، قال : والذي نفسي بيده لتظهرن البدع حتى لا يرى من الحق إلا قدر ما بين هذين الحجرين من النور ، والله لتفشون البدع حتى إذا ترك منها شيء ، قالوا : تركت السنة " .
وله آخر قد تقدم .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=11811أبي إدريس الخولاني : أنه كان يقول : " ما أحدثت أمة في دينها بدعة; إلا رفع الله بها عنهم سنة " .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=15714حسان بن عطية; قال : " ما أحدث قوم بدعة في دينهم; إلا نزع الله من سنتهم مثلها ، ثم لم يعدها إليهم إلى يوم القيامة " .
وعن بعض السلف يرفعه : لا يحدث رجل في الإسلام بدعة; إلا ترك من السنة ما هو خير منها .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنه; قال : " ما يأتي على الناس من عام إلا أحدثوا فيه بدعة ، وأماتوا فيه سنة ، حتى تحيا البدع ، وتموت السنن " .