الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وروى المعلى عن أبي يوسف في عبد بين شريكين قال أحدهما للآخر : هذا ابني وابنك أو ابنك وابني فقال الآخر : صدقت .

                                                                                                                                فهو ابن المقر خاصة دون المصدق .

                                                                                                                                وكذلك قال محمد في الزيادات في صبي لا يعقل في يد رجلين قال أحدهما للآخر : هو ابني وابنك ، وصدقه صاحبه وإنما كان كذلك ; لأنه لما قال هو ابني فكما قال ذلك ثبت نسبه منه لوجود الإقرار منه بالنسب في ملكه ، فلا يحتمل الثبوت من غيره .

                                                                                                                                بعد ذلك قال محمد : لو قال هذا ابنك ، وسكت فلم يصدقه صاحبه حتى قال هو ابني معك ، فهو موقوف .

                                                                                                                                فإن قال صاحبه : هو ابني دونك فهو كما قال ; لأنه أقر له بالنسب ابتداء وسكت فقد استقر إقراره ووقف على التصديق فقوله بعد ذلك هو ابني يتضمن إبطال الإقرار فلا يسمع فإذا وجد التصديق من المقر له ثبت النسب منه قال : فإن قال المقر له : ليس بابني ولكنه ابنك أو قال : ليس بابني ولا ابنك أو قال : ليس بابني ، وسكت فليس بابن لواحد منهما ، في قياس قول أبي حنيفة ، وقال محمد إن صدقه فهو ابن المقر له وإن كذبه فهو ابن المقر .

                                                                                                                                فهذا فرع اختلافهم فيمن أقر بعبد أنه ابن فلان وكذبه المقر له وادعاه المولى أنه لم تصح دعوته في قول أبي حنيفة ، وفي قولهما تصح ، وجه قولهما أنه لما كذبه المقر له فقد بطل إقراره كما في الإقرار بالمال [ ص: 128 ] وإذا بطل إقراره التحق بالعدم فجاز أن يدعيه لنفسه ولأبي حنيفة أنه لما أقر بالنسب لغيره فقد زعم أنه ثابت النسب منه ، فتكذيبه ينفي ثبوت النسب منه في حقه لا في حق الشريك بل بقي ثابت النسب منه في حقه .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية