الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما الذي هو عند الخروج من الصلاة فلفظ السلام عندنا ، وعند مالك والشافعي فرض والكلام في التسليم يقع في مواضع في بيان صفته أنه فرض أم لا ، وفي بيان قدره ، وفي بيان كيفيته ، وفي بيان سننه ، وفي بيان حكمه .

                                                                                                                                أما صفته فإصابة لفظة السلام ليست بفرض عندنا ولكنها واجبة ، ومن المشايخ من أطلق اسم السنة عليها وأنها لا تنافي الوجوب لما عرف ، وعند مالك والشافعي فرض حتى لو تركها عامدا كان مسيئا .

                                                                                                                                ولو تركها ساهيا يلزمه سجود لسهو عندنا ، وعندهما لو تركها تفسد صلاته ، احتجا بقوله صلى الله عليه وسلم وتحليلها التسليم ، خص التسليم بكونه محللا فدل أن التحليل بالتسليم على التعيين فلا يتحلل بدونه ; ولأن الصلاة عبادة لها تحليل وتحريم فيكون التحليل فيها ركنا قياسا على الطواف في الحج .

                                                                                                                                ( ولنا ) ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه { قال لابن مسعود حين علمه التشهد إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد قضيت ما عليك إن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد } والاستدلال به من وجهين : أحدهما ، أنه جعله قاضيا ما عليه عند هذا الفعل أو القول وما للعموم فيما لا يعلم فيقضي أن يكون قاضيا جميع ما عليه .

                                                                                                                                ولو كان التسليم فرضا لم يكن قاضيا جميع ما عليه بدونه ; لأن التسليم يبقى عليه ، والثاني أنه خيره بين القيام والقعود من غير شرط لفظ التسليم ولو كان فرضا ما خيره ; ولأن ركن الصلاة ما تتأدى به الصلاة ، والسلام خروج عن الصلاة وترك لها ; لأنه كلام وخطاب لغيره فكان منافيا للصلاة فكيف يكون ركنا لها ؟ .

                                                                                                                                وأما الحديث فليس فيه نفي التحليل بغير التسليم إلا أنه خص التسليم لكونه واجبا ، والاعتبار بالطواف غير سديد ; لأن الطواف ليس بمحلل إنما المحلل هو الحلق إلا أنه توقف بالإحلال على الطواف فإذا طاف حل بالحلق لا بالطواف ، والحلق ليس بركن فنزل السلام في باب الصلاة منزلة الحلق في باب الحج وينبني على هذا أن السلام ليس من الصلاة عندنا ، وعند الشافعي التسليمة الأولى من الصلاة والصحيح قولنا ; لما بينا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية