الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

وإن كانت مسبية ، ففي جواز الاستمتاع بغير الوطء قولان للفقهاء ، وهما روايتان عن أحمد - رحمه الله - .

[ ص: 657 ] إحداهما : أنها كغير المسبية ، فيحرم الاستمتاع منها بما دون الفرج ، وهو ظاهر كلام الخرقي ، لأنه قال : ومن ملك أمة لم يصبها ولم يقبلها حتى يستبرئها بعد تمام ملكه لها .

والثانية : لا يحرم ، وهو قول ابن عمر - رضي الله عنه - ، والفرق بينها وبين المملوكة بغير السبي ، أن المسبية لا يتوهم فيها كونها أم ولد ، بل هي مملوكة له على كل حال ، بخلاف غيرها كما تقدم والله أعلم .

فإن قيل : فهل يكون أول مدة الاستبراء من حين البيع ، أو من حين القبض ؟

قيل : فيه قولان ، وهما وجهان في مذهب أحمد - رحمه الله - . أحدهما : من حين البيع ؛ لأن الملك ينتقل به . والثاني : من حين القبض ؛ لأن القصد معرفة براءة رحمها من ماء البائع وغيره ، ولا يحصل ذلك مع كونها في يده ، وهذا على أصل الشافعي وأحمد . أما على أصل مالك ، فيكفي عنده الاستبراء قبل البيع في المواضع التي تقدمت . فإن قيل : فإن كان في البيع خيار ، فمتى يكون ابتداء مدة الاستبراء ؟

قيل : هذا ينبني على الخلاف في انتقال الملك في مدة الخيار ، فمن قال : ينتقل ، فابتداء المدة عنده من حين البيع ، ومن قال لا ينتقل فابتداؤها عنده من حين انقطاع الخيار .

فإن قيل : فما تقولون لو كان الخيار خيار عيب ؟ قيل : ابتداء المدة من حين البيع قولا واحدا ؛ لأن خيار العيب لا يمنع نقل الملك بغير خلاف ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية