الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 263 ] درس ] فصل يذكر فيه أربع مسائل قضاء الفوائت وترتيب الحاضرتين والفوائت في أنفسها ويسيرها مع حاضرة وذكرها على هذا الترتيب فقال ( وجب ) فورا ( قضاء ) صلاة ( فائتة ) على نحو ما فاتته من سفرية وحضرية وسرية وجهرية [ ص: 264 ] فيحرم التأخير إلا وقت الضرورة ويحرم التنقل لاستدعائه التأخير إلا السنن والشفع المتصل بالوتر وركعتي الفجر ( مطلقا ) ولو وقت طلوع شمس وغروبها وخطبة جمعة سفرا وحضرا صحة ومرضا ولو فاتته سهوا أو تبين له فسادها أو شك في فواتها لا مجرد وهم [ ص: 265 ] وتوقى وقت النهي في المشكوكة وجوبا في المحرم وندبا في المكروه وندب لمقتدى به إن قضى بوقت نهي أن يعلم من يليه

التالي السابق


( فصل وجب قضاء فائتة ) ( قوله يذكر فيه أربع مسائل ) اعترض بأنه ذكر في الباب أكثر من أربعة إلا أن يقال إن ما عداها من تعلقاتها .

( قوله قضاء الفوائت ) أي حكم قضائها .

( قوله والفوائت في أنفسها ) عطف على الحاضرتين أي وترتيب الفوائت في أنفسها وكذا قوله ويسيرها إلخ أي وترتيب يسيرها مع حاضرة .

( قوله فورا ) أي على الراجح خلافا لمن قال إنه واجب على التراخي وخلافا لمن قال إنه ليس بواجب على الفور ولا على التراخي بل الواجب حالة وسطى فيكفي أن يقضي في اليوم الواحد صلاة يومين فأكثر ولا يكفي قضاء صلاة يوم في يوم إلا إذا خشي ضياع عياله إن قضى أكثر من يوم في يوم وفي بن نقلا عن أجوبة ابن رشد أنه إنما أمر بتعجيل قضاء الفوائت خوف معاجلة الموت وحينئذ فيجوز التأخير لمدة بحيث يغلب على الظن وفاؤه بها فيها وعدم عده مفرطا ا هـ واستدل للفورية بآية { فاعبدني وأقم الصلاة لذكري } ولأن تأخير الصلاة بعد الوقت معصية يجب الإقلاع منها فورا .

( قوله من سفرية إلخ ) فتقضى السفرية مقصورة ولو قضاها في الحضر وتقضى الحضرية كاملة ولو قضاها في السفر وتقضى النهارية سرا ولو قضاها ليلا وتقضى الليلية جهرا ولو قضاها نهارا لأن القضاء يحكي ما كان أداء وحينئذ فيقضيها بصفتها إلا حالتي القدرة على الأركان أو الماء والعجز عنهما فإنها عوارض حالية فمن فاتته صلاة حال عجزه عن القيام أو عن الماء ثم قدر عليه قضاها بالقيام والماء ومن فاتته صلاة حال قدرته على القيام [ ص: 264 ] أو الماء ثم عجز عنه قضاها بما قدر عليه من الجلوس والتيمم ويقنت في قضاء الصبح ويقيم للمقضية وفي التطويل خلاف .

( قوله فيحرم التأخير ) أي للقضاء وهذا مفرع على كون القضاء واجبا على الفور .

( قوله إلا وقت الضرورة ) أي إلا الوقت الذي يشغله لتحصيل ضروريات ومن جملتها درس العلم العيني وتردد بعضهم في درس العلم غير العيني هل يكون عذرا أم لا قال شيخنا الظاهر أنه غير عذر وأن قضاء الفائتة يقدم عليه لأنه عيني وهو مقدم على الكفائي وإنما لم يجزم بذلك لإمكان أن يقال إن العلم الكفائي لما كانت الحاجة إليه شديدة ربما يتسامح في شغل الزمان به .

( تنبيه ) لا ينتظر الماء عادمه بل يتيمم ولو أقر الأجير بفوائت لم يعذر حتى يفرغ مما عقد عليه ولا تفسخ الإجارة لاتهامه انظر عج .

( قوله ويحرم التنفل إلخ ) أي ولو قيام رمضان كما في بن عن ابن ناجي وقال ابن العربي يجوز له أن يتنفل ولا يبخس نفسه من الفضيلة وقال القوري إن كان يترك النفل لصلاة الفرض فلا يتنفل وإن كان للبطالة فتنفله أولى قال زروق ولم أعرف من أين أتى به انظر ح .

( قوله مطلقا ) مرتبط في المعنى بقوله : قضاء وبقوله فائتة فهو حال من أحدهما ومحذوف مثله من الآخر والمعنى حالة كون القضاء مطلقا أي في جميع الأوقات ولو وقت طلوع الشمس ووقت غروبها ووقت خطبة الجمعة وزمن السفر والحضر والصحة والمرض وحالة كون الفائتة فاتت مطلقا أي عمدا أو سهوا تحقيقا أو ظنا أو شكا لا وهما .

( قوله ولو فاتته سهوا ) أي هذا إذا تركها عمدا بل ولو كانت فاتته سهوا هذا إذا تركها من غير فعل لها بالمرة بل ولو فعلها ثم تبين له فسادها هذا إذا تحقق أو ظن فواتها بل ولو شك في فواتها وفي ابن ناجي على الرسالة قال عياض سمعت عن مالك قولة شاذة لا تقضى فائتة العمد أي لا يلزم قضاؤها ولم تصح هذه المقالة عن أحد سوى داود الظاهري وابن عبد الرحمن الشافعي وخرجه صاحب الطراز على قول ابن حبيب بكفره لأنه مرتد أسلم وخرجه بعض من لقيناه على يمين الغموس ا هـ وقد رد الشارح على هذه المقالة بالمبالغة المذكورة .

( قوله أو شك في فواتها ) أي والحال أنه مستند لقرينة من كونه وجد ماء وضوئه باقيا أو وجد فراش صلاته مطويا ونحو ذلك وأما مجرد الشك من غير علامة فلا يوجب القضاء وأولى الوهم كما قال الشارح ( قوله لا مجرد وهم ) أي فإذا ظن براءة الذمة من صلاة وتوهم شغلها بها فلا قضاء عليه إذ لا عبرة بالوهم إن قلت إن من ظن تمام صلاته وتوهم بقاء ركعة منها فإنه يجب عليه [ ص: 265 ] العمل بالوهم والإتيان بركعة فأي فرق قلت ما هنا ذمته غير مشغولة تحقيقا بخلاف المسألة الموردة فإن الذمة فيها مشغولة فلا تبرأ إلا بيقين لأنه جازم بأن الصلاة عليه وأما هنا فهو ظان للبراءة وقد مضى الوقت فالأصل الإتيان بها كذا ذكر شيخنا .

( قوله وتوقى ) أي الشخص القاضي للفوائت .

( قوله في المشكوكة ) أي في المشكوك في فواتها وأما المشكوك في عينها فكالمحققة كما يأتي وحينئذ فلا يتوقى في قضائها وقتا من الأوقات .

( قوله في المحرم ) أي في أوقات الحرمة وقوله في المكروه أي في أوقات الكراهة .

( قوله وندب لمقتدى به إلخ ) أي فإذا تذكر أن في ذمته الصبح أو غيرها من الصلوات والإمام يخطب أو عند طلوع الشمس أو غروبها فليقم ويصلها بموضعه فإذا كان ممن يقتدى به فيندب له أن يقول لمن يليه من الناس أنا أصلي فائتة لئلا يوقع الناس في إيهام جواز النفل في ذلك الوقت وإن كان ممن لا يقتدى به فلا يندب له إعلامهم




الخدمات العلمية