الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وندب ) ( لمن لم يحصله ) أي فضل الجماعة ( كمصل بصبي ) وأولى منفرد

ولو حكما كمن أدرك دون ركعة ( لا ) مصل مع ( امرأة ) لحصول فضل الجماعة معها بخلاف الصبي لأن صلاته نفل ( أن يعيد ) صلاته ولو لوقت ضرورة لا بعده [ ص: 321 ] ناويا الفرض ( مفوضا ) أمره لله تعالى في قبول أيهما شاء لفرضه ( مأموما ) لا إماما لأن صلاة المعيد تشبه النفل إلا من لم يحصله بأحد المساجد الثلاثة فإنه لا يعيد في غيرها جماعة ومن صلى في غيرها منفردا فإنه يعيد فيها ولو منفردا ومن صلى في غيرها جماعة أعاد بها جماعة لا فذا ويعيد ( ولو مع واحد ) والراجح أنه لا يعيد مع الواحد إلا إذا كان إماما راتبا ( غير مغرب ) وأما المغرب فيحرم إعادتها لأنها تصير مع الأخرى شفعا ولما يلزم من النفل بثلاث ولا نظير له في الشرع ( كعشاء بعد وتر ) فلا يعاد أي يمنع لأنه إن أعاد الوتر لزم مخالفة قوله عليه السلام { لا وتران في ليلة } .

وإن لم يعده لزم مخالفة { اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا } وفي إفادة هذه العلل المنع نظر ومفهوم الظرف إعادتها قبل الوتر وهو كذلك اتفاقا ( فإن أعاد ) أي شرع في إعادة المغرب سهوا عن كونه صلاها أولا ( ولم يعقد ) ركعة ( قطع ) وجوبا [ ص: 322 ] ( وإلا ) بأن عقدها برفع رأسه من الركوع ( شفع ) ندبا مع الإمام وسلم قبله وتصير نافلة ولو فصل بين ركعتين بجلوس كمن دخل مع الإمام في ثانية المغرب وأما العشاء فيقطع مطلقا عقد ركعة أم لا كما لو أعاد عمدا ( وإن أتم ) المغرب سهوا مع الإمام ولم يسلم معه بل ( ولو سلم ) معه ( أتى برابعة ) وجوبا ( إن قرب ) تذكره بأنه كان قد صلاها فذا وسجد بعد السلام وأما إن تذكر قبل السلام فيأتي بالرابعة ولا سجود عليه ومفهوم قرب أنه إن بعد لا شيء عليه

التالي السابق


( قوله ناويا الفرض مفوضا ) ظاهره أنه لا بد من نية الفرض مع نية التفويض وهو ما نقله ح عن الفاكهاني وابن فرحون وذكر أن ظاهر كلام غيرهما أن نية التفويض لا ينوى بها فرض ولا غيره وجمع بينهما بعضهم بأن التفويض يتضمن نية الفرض إذ معناه التفويض في قبول أي الفرضين فمن قال لا بد معه من نية الفرض لم يرد أن ذلك شرط بل أشار لما تضمنته نية التفويض ومن قال لا ينوى معه فرض مراده أنه لا يحتاج لنية الفرض مطابقة لتضمن نية التفويض لها فقول عبق فإن ترك نية الفرض صحت إن لم يتبين عدم الأولى أو فسادها فيه نظر بل صرح اللخمي بأنه إذا لم ينو إلا التفويض وبطلت إحداهما لا إعادة عليه وسواء الأولى والثانية نقله ابن هلال في نوازله ونحوه لابن عرفة عنه وهو ظاهر لما علمت أن التفويض يتضمن نية الفرضية وما ذكره المصنف من كون المعيد ينوي التفويض قال الفاكهاني وهو المشهور وقيل ينوي الفرض وقيل ينوي النفل وقيل ينوي إكمال الفرضية ونظم بعضهم هذه الأقوال الأربعة بقوله

في نية العود للمفروض أقوال فرض ونفل وتفويض وإكمال

وكلها مشكلة كما في التوضيح ا هـ بن .

( قوله إلا من لم يحصله ) أي فضل الجماعة .

( قوله فإنه لا يعيد في غيرها جماعة ) أي ولا منفردا وإنما يعيد بها جماعة ولا فرق بين فاضل ومفضول ( قوله ومن صلى في غيرها جماعة أعاد بها جماعة ) أي وحينئذ فتستثنى هذه من مفهوم قول المصنف وندب لمن لم يحصله إلخ وهذا هو المذهب خلافا لقول اللخمي وسند لا يعيد على ظاهر المذهب وإذا أعاد فيها من صلى في غيرها جماعة فإنه يعيد مأموما إذا صلى في غيرها إماما أو مأموما ولا تبطل صلاة المأموم إلا بالإعادة الواجبة كالظهر عند الجمعة عند الشافعية أو بالاقتداء به في نفس الإعادة قاله شيخنا .

( قوله لا فذا ) هذا هو الأصح وقيل لمن صلى بغيرها جماعة وأن يعيد فيها ولو فذا لأن فذها أفضل من جماعة غيرها ورد بأنه لا يلزم من أفضلية شيء الإعادة لأجله ألا ترى ما سبق في تفاوت الجماعات .

( قوله والراجح أنه لا يعيد مع الواحد إلخ ) فإن أعاد مع واحد غير راتب فليس له ولا لإمامه الإعادة على ما مشى عليه المصنف وأما على الراجح فالظاهر أن لهما الإعادة كذا ذكر عبق في صغيره .

( قوله غير مغرب كعشاء بعد وتر ) قال أبو إسحاق أجازوا إعادة العصر مع كراهة التنفل بعدها وإمكان أن تكون الثانية نافلة وكذلك الصبح لرجاء أن تكون فريضة وكره إعادة المغرب لأن النافلة لا تكون ثلاثا مع إمكان أن تكون هي الفريضة لأن صلاة النافلة بعد العصر والصبح أخف من أن يتنفل بثلاث ركعات وبه تعلم ما في كلام خش ا هـ بن .

( قوله نظر ) أي لاحتمال أن يكون النهي في قوله { لا وتران في ليلة } على جهة الكراهة والأمر في قوله اجعلوا إلخ للندب ، فمخالفة الأمر المذكور أو الدخول في النهي المذكور حينئذ لا يقتضي المنع .

( قوله ولم يعقد ) أي [ ص: 322 ] وتذكر قبل أن يعقد إلخ وقوله قطع أي وخرج واضعا يده على أنفه كالراعف خوفا من الطعن في الإمام بخروجه على غير هذا الوجه .

( قوله وإلا بأن عقدها ) أي وإلا بأن لم يتذكر صلاتها أولا منفردا إلا بعد أن عقدها .

( قوله شفع ندبا إلخ ) وما ذكره من أن الأولى الشفع وهو ما في المدونة ونصها : ومن صلى وحده فله إعادتها في جماعة إلا المغرب فإن أعادها فأحب إلي أن يشفعها إن عقد ركعة ا هـ وفي المواق نقلا عن عيسى أن القطع أولى والعجب للمواق كيف غفل عن نصها مع أن الغالب عليه الاستدلال بكلامها قاله طفى ثم إن ظاهر المصنف أنه إذا تذكر أنه صلاها بعد أن عقد ركعة يشفع ولو كان ترك الفاتحة مع الإمام في الركعة التي ذكر بعدها وهو كذلك لأنه إنما تركها بوجه جائز خصوصا وقد قيل إنما تجب الفاتحة في البعض .

( قوله وسلم قبله ) أي ولم ينظر هنا لخشية الطعن في الإمام .

( قوله ولو فصل إلخ ) مبالغة في قوله شفع .

( قوله وأما العشاء إلخ ) أي إذا شرع في إعادتها بعد الوتر سهوا فيقطع مطلقا عقد ركعة أم لا كذا قال الشارح تبعا لغيره والذي لابن عاشر أن العشاء كالمغرب إن تذكر قبل أن يعقد ركعة قطع وإن تذكر بعد أن عقدها شفع وهو الظاهر من التوضيح أيضا وإن كان النص إنما وجد في المغرب وغاية هذا أنه تنفل بعد الوتر وهو جائز إذا أراده وحدثت له نية فأحرى إن كان غير مدخول عليه وقد نصوا على أن من شرع في العصر ثم تبين له أنه صلاه شفع لأنه غير مدخول عليه ا هـ بن وذكر شيخنا أن المعتمد ما قاله ابن عاشر .

( قوله كما لو أعاد عمدا ) أي أو جهلا فإنه يقطع مطلقا عقد ركعة أم لا ما لم يرفض الأولى وإلا فلا يقطع بناء على تأثير الرفض بعد الفراغ وأما على القول بعدم تأثيره فإنه يقطع مطلقا ولو رفض الأولى كذا قرر شيخنا .

( قوله وأما إن تذكر قبل السلام فيأتي بالرابعة ) أي قبل سلام الإمام على الظاهر لأنه ليس من مساجينه كذا قرر شيخنا .

( قوله ولا سجود عليه ) إن قلت أن المتنفل بأربع يلزمه السجود قبل السلام كما مر لنقص السلام من ركعتين إلخ قلت ذاك فيما إذا كان داخلا على النفل بأربع وما هنا ليس كذلك ( قوله أنه إن بعد ) أي تذكره بعد أن أتم المغرب وسلم منها




الخدمات العلمية