الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) عفي عن مصيب ( خف ونعل من روث دواب ) حمار وفرس وبغل ( وبولها ) بموضع يطرقه الدواب كثيرا ( إن دلكا ) بتراب أو حجر أو نحوه حتى زالت العين وكذا إن جفت بحيث لم يبق شيء يخرجه الغسل سوى الحكم ( لا ) من ( غيره ) أي غير ما ذكر من روث وبول كالدم وكفضلة آدمي أو كلب ونحوها فلا عفو ، وإذا كان لا عفو وقد كان فرضه المسح على خفه ( فيخلعه الماسح ) أي من حكمه المسح الذي أصاب خفه ما لم يعف عنه حيث [ ص: 76 ] يجد من الماء ما يكفيه لوضوئه وإزالة النجاسة ( ويتيمم ) ولا يكفيه الدلك فينتقل من الطهارة المائية للترابية ( واختار ) اللخمي من نفسه ( إلحاق رجل الفقير ) الذي لا قدرة له على تحصيل خف أو نعل بالخف والنعل في العفو عما أصاب رجله من روث دواب وبولها ودلكها ، ومثله غني لم يجد ما ذكر أو لم يقدر على اللبس لمرض ( وفي ) إلحاق رجل ( غيره ) أي غير الفقير وهو غني يقدر على لبسه ووجده وتركه حتى أصيبت رجله بذلك ودلكها ( للمتأخرين قولان ) في العفو وعدمه ويتعين الغسل ولو قال وفي غيره تردد لكان أخصر مع الإتيان باصطلاحه

التالي السابق


( قوله : وعفي عن مصيب خف ) أي عما أصاب الخف والنعل من أرواث الدواب وأبوالها لا عما أصاب الثياب من ذلك أو الأبدان ( قوله : بموضع يطرقه الدواب كثيرا ) أي كالطرق لمشقة الاحتراز فيها عما ذكر قال بن وهذا القيد نقله في التوضيح عن سحنون والظاهر اعتباره ، وفي كلام ابن الحاجب إشارة إليه لتعليله بالمشقة والمشقة إنما هي مع ذلك وإنما سكت المصنف عنه هنا ; لأنه قدم أن العفو إنما هو لعسر الاحتراز وعلى هذا فلا يعفى عما أصاب الخف والنعل من أرواث الدواب بموضع لا تطرقه الدواب كثيرا ولو دلكا ( قوله : أو نحوه ) أي كالخرقة ولا يشترط زوال الريح ( قوله : وكذا إن جفت ) أي وكذا يعفى عن الخف والنعل إذا جفت النجاسة المذكورة ( قوله : لا من غيره ) أي لا إن كان المصيب للخف والنعل من غيره ( قوله : : فلا عفو ) أي ولا بد من غسله قال ح نقلا عن ابن العربي والعلة ندور ذلك في الطرقات ، فإن كثر ذلك فيها صار كروث الدواب ا هـ بن .

( قوله : وإذا كان لا عفو إلخ ) حاصله أن الخف إذا أصابه شيء من النجاسات غير أرواث الدواب وأبوالها كخرء الكلاب أو فضلة الآدمي أو أصابه دم، فإنه لا يعفى عنه كما مر ولا بد من غسله ، وإذا قلنا بعدم العفو وقد كان ذلك الشخص حكمه المسح على الخف وليس معه من الماء ما يتوضأ به ويزيل به النجاسة بأن كان لا ماء معه أصلا إلا أنه متطهر قد مسح على خفه وأصابته نجاسة أو كان انتقض وضوءه وليس عنده من الماء ما يكفي إلا الوضوء والمسح دون إزالة النجاسة ولا يمكنه جمع ماء أعضائه من غير تغيره ليزيل به النجاسة ، فإنه ينزعه وينتقض وضوءه بمجرد النزع في المسألة الأولى وينتقل للتيمم ويبطل حكم المسح في حقه ولا يكفيه دلكه ; لأن الوضوء له بدل وغسل النجاسة لا بدل له وأخذ من هذا تقديم غسل النجاسة على الوضوء في حق من لم يجد من الماء إلا ما يكفيه لإحدى الطهارتين وبه صرح ابن رشد وابن العربي وروي عن أبي عمران أنه يتوضأ به ويصلي بالنجاسة ثم إن كلام المصنف مبني على القول بوجوب إزالة النجاسة أما على القول بالسنية ، فإنه يبقى خفه من غير نزع ويصلي بالنجاسة محافظة على الطهارة المائية ( قوله : وقد كان فرضه ) أي حكمه ( قوله : أي من حكمه المسح إلخ ) أشار الشارح بهذا إلى أن خلع الخف ليس مختصا بمن كان على طهارة مسح فيها بالفعل بل يدخل من لم يتقدم له مسح أصلا بأن لبسه على طهارة وأصابته النجاسة وهو متطهر أو بعد انتقاض وضوئه وقد تبع الشارح في إدخال هذه الصورة في كلام المصنف تت التابع لابن فرحون في شرحه لابن الحاجب قال طفى وما قاله غير صحيح بل المسألة مفروضة فيمن تقدم له مسح ووضوؤه باق وأصاب خفه نجاسة لا يعفى عنها ولا ماء معه ; لأنه في هذه يتردد في أنه هل ينزعه وينتقض وضوءه بالنزع ويتيمم أم يبقيه ويصلي بالنجاسة محافظة على الطهارة المائية فذكر المصنف الحكم بقوله فيخلعه الماسح أما من لم يتقدم له مسح ووضوءه باق أو انتقض وضوءه فلا [ ص: 76 ] إشكال في نزعه ولا يحتاج للتنبيه عليه إذ نزعه لا يوجب له نقضا فلا يتوهم أنه لا ينزعه قال بن : إن قلت يمكن أن تصور المسألة بغير الماسح إذا لبس الخف على طهارة وانتقض وضوءه ومعه ماء قليل لا يكفيه إلا لغسل النجاسة أو للوضوء مع المسح فهذا يتردد هل يتوضأ ويمسح فيصلي بالنجاسة أو يخلعه ويتيمم لقصور الماء عن غسل رجليه وحينئذ فيصح حمل الماسح على من حكمه المسح كما قاله ابن فرحون ومن تبعه قلت لا يصح دخول هذه في كلام المصنف لأمرين الأول أن خلع الخف في حقه غير متعين ; لأن له أن يغسله ويتيمم ، الثاني : أنا لا نسلم أنه يتأتى التردد في هذه الصورة لفقد شرط المسح وهو طهارة الجلد فلا يتوهم صحة الوضوء حتى يتردد بينه وبين التيمم وحينئذ فلا يحتاج إلى التنصيص عليها ا هـ .

( قوله : لا ماء معه ) أي الذي لا ماء معه يكفي الوضوء أو إزالة النجاسة وهذا صادق بصورتين على ما قال الشارح ما إذا لم يكن معه ماء أصلا والحال أنه مسح على الخف وباق على طهارته أو لم يمسح عليه بأن كان لبسه على طهارة والحال أنه حين الإصابة غير متطهر وما إذا كان معه ماء لا يكفي الوضوء وإزالة النجاسة معا ، والحال أنه غير متطهر فقول الشارح والحال أنه متطهر راجع لقوله الذي مسح عليه وليس راجعا لقوله أو لبسه على طهارة لفساد المعنى ; لأنه إذا لبسه على طهارة واستمرت وتنجس الخف ، فإنه يخلعه ويصلي بتلك الطهارة وقوله : أو غير متطهر أي أو كان غير متطهر والحال أنه لم يجد إلخ ( قوله : : لم يجد ما ذكر ) أي من الخف والنعل ( قوله : : أو لم يقدر إلخ ) أي أو وجدهما ولكن لم يقدر إلخ ( قوله : حتى أصيبت رجله بذلك ) أي بأرواث الدواب وأبوالها ( قوله : مع الإتيان باصطلاحه ) أي لأن الواقع أن هذا تردد للمتأخرين في الحكم لعدم نص المتقدمين عليه .




الخدمات العلمية