الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا ) يغسل ( محكوم بكفره ) أي يحرم ( وإن صغيرا ) مميزا ( ارتد ) لأن ردته معتبرة كإسلامه وإن كان يؤخر قتله لبلوغه إن لم يتب ( أو نوى به سابيه ) أو مشتريه ولو قال مالكه كان أشمل ( الإسلام ) وهذا في الكتابي ولو غير مميز وما يأتي في الردة من أنه يحكم بإسلامه تبعا لإسلام سابيه [ ص: 427 ] فهو في المجوس ( إلا أن يسلم ) الكتابي المميز بالفعل فيغسل ( كأن أسلم ) من غير سبي ( ونفر من أبويه ) إلينا بل ولو مات بدار الحرب فإنه يغسل ويصلى عليه ( وإن اختلطوا ) أي المحكوم بكفرهم مع مسلمين غير شهداء ( غسلوا ) جميعا ( وكفنوا وميز المسلم بالنية في الصلاة ) ودفنوا في مقابر المسلمين

التالي السابق


( قوله ولا يغسل محكوم بكفره ) أي من زنديق وساحر ومجوسي وكتابي ومرتد إلى أي دين ( قوله أو نوى به ) أي بالصغير وهو عطف على ارتد أي وإن صغيرا ارتد أو صغيرا نوى به سابيه الإسلام ( قوله وهذا في الكتابي ) لأن صغار الكتابيين لا يجبرون على الإسلام على الراجح وكبارهم لا يجبرون عليه اتفاقا ، والمراد بالكبير من يعقل دينه لا البالغ فقط ( قوله وما يأتي في الردة من أنه ) أي الصغير [ ص: 427 ] قوله فهو في المجوسي ) أي لأنه يجبر على الإسلام وهل المجوسي الذي يجبر على الإسلام يكون مسلما بمجرد ملك المسلم له وهو لابن دينار مع رواية معن ، أو حتى ينوي مالكه إسلامه وهو لابن وهب ، أو حتى يقدم ملكه ويزييه بزي الإسلام ويشرعه بشرائعه وهو لابن حبيب ، أو حتى يعقل ويجيب حين إثغاره نقله ابن رشد ، خامسها حتى يجيب بعد احتلامه وهو لسحنون ، قال ابن عرفة وعزا عياض الأولين لروايتين فيها فعلم منه ترجيح الأولين وعليهما إذا مات قبل الجبر فإنه يغسل ويصلى عليه .

والحاصل أن الصغير من سبي المجوس لا خلاف في أنه يجبر على الإسلام إلا أن يكون معه أبواه أو أحدهما فإن مات قبل الجبر فعلى الخلاف المتقدم ( قوله بل ولو مات بدار الحرب إلخ ) أشار بهذا إلى أن قول المصنف ونفر من أبويه لا مفهوم له لأنه لو أسلم بدار الحرب وبقي فيها حتى مات فإنه يغسل أيضا ، وكذا من أسلم من أولاد أهل الذمة الماكثين عندنا أهل كتاب أم لا وبقي عند أهله حتى مات فإنه يغسل لأن إسلامه معتبر ( قوله غسلوا وكفنوا إلخ ) أي ومؤنة غسلهم وكفنهم من بيت المال إن كان المسلم منهم فقيرا لا مال له ، ولا يقال الكافر له لا حق له في بيت المال لأنا نقول غسل المسلم وتكفينه ومواراته لا تتحقق إلا بفعل ذلك في الكافر وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب أما إن كان للمسلم مال سواء كان معه أم لا فإن مؤنة جميعهم تؤخذ من مال المسلم واحترز الشارح بقوله غير شهيد عما إذا اختلط المحكوم بكفره بشهيد معركة فإنه لا يغسل واحد منهم ودفنوا بمقبرة المسلمين تغليبا لحق المسلم بقي ما لو اختلط مسلم بغسل شهيد معترك والظاهر أن يغسل الجميع ويكفنوا مع دفنهم بثيابهم احتياطا في الجانبين وصلي عليهم ، وهل يميز غير الشهيد بالنية أو لا لأنه قد قيل بالصلاة على الشهيد فليس كالكافر




الخدمات العلمية