الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم شبه في البناء على حول الأصل مفهوم الفار بقوله ( كمبدل ماشية تجارة ) وكانت نصابا بل ( وإن ) كانت ( دون نصاب بعين ) متعلق بمبدل أي أبدلها بنصاب عين فيبني على حول أصلها وهو النقد الذي اشتريت به ما لم تجر الزكاة في عينها فإن جرت في عينها بأن حال عليها الحول عنده وهي نصاب بني على حول زكاة عينها لأنها أبطلت حول الأصل ( أو ) أبدلها بنصاب من ( نوعها ) كبخت بعراب ومعز بضأن فيبني على حول أصلها وهو هنا المبدلة مطلقا زكى عينها أم لا ، لا الثمن الذي اشتريت به ( ولو ) كان الإبدال المذكور ( لاستهلاك ) لها ادعاه ربها على شخص فصالحه على نصاب من نوعها أو أعطاه القيمة عينا فإنه يبني على حول أصلها ( كنصاب قنية ) من الماشية [ ص: 439 ] أبدله بنصاب عين أو ماشية من نوعها ولو لاستهلاك فإنه يبني على حول أصلها وهو المبدلة فيهما فإن لم تكن نصابا كأربع من الإبل فإن أبدلها بنصاب عين استقبل وبنصاب من نوعها بنى ( لا ) إن أبدل ماشية التجارة أو القنية ( بمخالفها ) نوعا كإبل ببقر أو غنم فلا يبني بل يستقبل ( أو راجعة ) لبائعها ( بإقالة ) فلا يبني لأنها ابتداء بيع وأولى الراجعة بهبة أو صدقة ( أو ) أبدل ( عينا بماشية ) يعني اشترى ماشية للتجارة أو القنية بعين فإنه يستقبل بها ولا يبني على حول الثمن ثم شرع يتكلم على زكاة الخلطة فقال ( وخلطاء الماشية ) المتحدة النوع ( كمالك ) واحد ( فيما وجب ) عليهم ( من قدر ) كثلاثة لكل واحد أربعون من الغنم فعليهم شاة واحدة كالمالك الواحد على كل ثلثها ( وسن ) كاثنين لكل واحد ست وثلاثون من الإبل فعليهما جذعة على كل نصفها ولولا الخلطة لكان على كل بنت لبون فحصل بها تغير في السن كالمالك الواحد ( وصنف ) كاثنين لواحد ثمانون من المعز وللثاني أربعون من الضأن فعليهما شاة من المعز كالمالك الواحد على صاحب الثمانين ثلثاها ولولا الخلطة لكان على كل واحدة من صنف ماله فقد حصل بها تغير في الصنف بالنسبة لمالك الضأن .

التالي السابق


( قوله كمبدل ماشية تجارة ) لما كان النظر هنا إنما هو في زكاة البدل وأما المبدلة فلا زكاة فيها قطعا لعدم قصد الفرار شرطوا هنا في البدل أن يكون نصابا إذ لا زكاة فيما دون النصاب وأما المبدل فلا يشترط أن يكون نصابا عكس ما تقدم في الهارب فإنه لا بد في المبدل أن يكون نصابا وأما البدل فلا يشترط فيه ذلك لكونها غير مزكاة وحاصله أن من أبدل ماشية للتجارة سواء كانت نصابا أو أقل منه فأما أن يبدلها بعين أو عرض أو بنوعها فإن أبدلها بعرض أو بعين وكان نصابا فقال أشهب يستقبل بالعين والعرض وقال ابن القاسم يبني على حول الأصل أي الثمن الذي اشتريت به ماشية التجارة فإن كان ذلك الثمن عرض تجارة فالحول من يوم ملك ذلك العرض وإن كان عرض قنية فمن يوم اشتريت به تلك الماشية وإن كان اشتراها بعين فالحول من يوم ملكه إن لم يزكه وإلا فمن يوم زكاه هذا كله إن أبدلها قبل جريان الزكاة في عينها لكونها دون نصاب أو لم يحل عليها الحول وأما إن وقع الإبدال بعد أن زكاها فالحول الذي يزكي فيه بدلها العين والعرض حول زكاة عينها لأن زكاة عينها أبطلت حول الأصل الذي هو ثمنها وإن أبدلها بنوعها كبخت بعراب أو بقر بجاموس أو ضأن بمعز بنى على حول المبدلة وهو يوم ملكها أو زكاها باتفاق الشيخين لا على حول الأصل وهو الثمن الذي اشتريت به المبدلة إذا علمت هذا تعلم أن في كلام المصنف إجمالا لاختلاف كيفية بناء المبدل بعين والمبدل بنوعها .

( قوله بنصاب عين ) المراد بالعين ما قابل الماشية فيشمل العرض كما في كبير خش ( قوله فيبني ) أي في زكاة العين أو العرض الذي أبدل به ماشية التجارة وقوله على حول أصلها أي أصل الماشية المبدلة ( قوله وهو النقد الذي اشتريت به ) وحوله من يوم ملكه إن لم يزكه أو من يوم زكاه إن كان قد زكاه ( قوله ولو كان الإبدال المذكور ) وهو الإبدال بعين أو نوعها .

( قوله فإنه يبني ) أي في زكاة ذلك البدل وقوله على حول أصلها أي أصل الماشية المستهلكة فإن صالح عنها بنوعها زكى ذلك البدل لحول المستهلكة وهو يوم ملكها أو زكاها وإن صالح عنها بعين فيزكي تلك العين لحول النقد الذي اشترى به المستهلكة وهو يوم ملكه إن لم يزكه ويوم زكاته إن زكاه إن لم تجر الزكاة في عين المستهلكة وإلا فمن يوم زكاتها

واعلم أن إبدالها في الاستهلاك بنوعها فيه قولان لابن القاسم في المدونة الأول أنه يبني في زكاة البدل على حول الأصل المبدلة وهو ما مشى عليه المصنف والثاني أنه يستقبل بذلك البدل حولا من يوم أخذه قال بن وهذا القول إما مساو للأول أو أقوى منه ولذا عيب على المصنف في اقتصاره على الأول ورده على الثاني بلو وأما إبدالها في الاستهلاك بعين فابن القاسم يقول فيه بالبناء على حول الأصل وأشهب يقول بالاستقبال فليس الاستقبال حينئذ متفقا عليه خلافا لعبق لقول ابن الحاجب أخذ العين في الاستهلاك كالمبادلة اتفاقا فقد حكى الاتفاق على إلحاق أخذ العين في الاستهلاك بالمبادلة الاختيارية ومذهب ابن القاسم فيها البناء على حول الأصل ومذهب أشهب الاستقبال كما مر قريبا عند قول المصنف كمبدل ماشية تجارة ` [ ص: 439 ] إلخ وإذا علمت ذلك ظهر لك أن الأولى جعل المبالغة في قول المصنف ولو لاستهلاك راجعة للعين والنوع كما قال ح وتبعه شارحنا حيث قال : ولو كان الإبدال المذكور وأن المردود عليه بلو قول ابن القاسم الثاني في النوع وقول أشهب بالاستقبال في العين والنوع كذا ذكر شيخنا ثم إنه على قول ابن القاسم بالبناء على حول الأصل في إبدال الاستهلاك قال عبد الحق محله ما لم تشهد بينة بالاستهلاك وإلا استقبل به وقال غيره إن الخلاف الذي لابن القاسم مطلق أي كان الاستهلاك بمجرد الدعوى أو كان ثابتا ببينة انظر بن ( قوله أبدله بنصاب عين ) فلو أبدله بأقل من نصاب العين أو الماشية فلا زكاة عليه اتفاقا .

( قوله فإنه يبني على حول أصلها ) أي من يوم ملك رقابها أو زكاها ( قوله فيهما ) أي في إبداله بعين أو نوعها ولا يقال إذا كان الإبدال بعين إنه يبني على حول الثمن الذي اشترى به الماشية المبدلة أي من يوم ملكه أو زكاه كما تقدم في مسائل التجارة خلافا لما قاله بعضهم إذ ما قاله الشارح هو النقل ( قوله فإن لم تكن ) أي ماشية القنية المبدلة ( قوله لا إن أبدل ماشية التجارة ) أي سواء كانت نصابا أم لا وقوله أو القنية أي والحال أنها نصاب بمخالفها وهذا مخرج من قوله سابقا وبنى لكن بالنظر لقوله أو نوعها وقوله أو راجعة بإقالة عطف على المخرج لكن بالنظر لقوله بعيب فهو من اللف والنشر المشوش والتقدير وبنى في راجعة بعيب لا في راجعة بإقالة كمبدلها بنوعها أي يبني مبدل الماشية التي للتجارة أو للقنية إذا أبدلها بنوعها لا إن أبدلها بمخالفها .

( قوله أو راجعة بإقالة ) أي سواء وقعت الإقالة قبل قبض الثمن أو بعده ( قوله يعني اشترى ماشية للتجارة أو القنية بعين ) أي كانت تلك العين عنده أما لو كانت عنده ماشية باعها بعين ثم قبل قبض الثمن أو بعده أخذ فيه ماشية مخالفة لنوعها من المشتري فإنه كمبدل ماشية بماشية فيجري على ما تقدم من قوله كنصاب قنية لا بمخالفها وهذا إذا أخذ من المشتري ماشية غير التي باعها له أما لو أخذ منه نفس تلك الماشية كان إقالة ( قوله فإنه يستقبل بها ) أي من يوم اشتراها سواء اشتراها للقنية أو للتجارة ( قوله وخلطاء الماشية كمالك إلخ ) أي وأما الخلطاء في غيرها فالعبرة بملك كل واحد .

( قوله المتحدة النوع ) قال بعض هذا قيد لا بد منه في كون الخليطين يزكيان زكاة المالك الواحد ولم يذكره المصنف وقد يجاب بأنه مأخوذ من قوله كمالك فيما وجب لأن الإبل والبقر لا تجمع في الزكاة ولو جمعهما في ملك فكيف بالخلطة ( قوله فيما وجب من قدر إلخ ) أي لا في كل الوجوه التي يوجبها الملك من ضمان ونفقة وغيرهما إذ حكم الخلطاء في ذلك حكم الانفراد ( قوله وسن ) الواو بمعنى أو ولا يضر أن الثمرة معه ومع الصنف حاصلة في القدر أيضا ( قوله فحصل بها تغير في السن ) أي وتنقيص في القدر أيضا ( قوله فقد حصل بها تغير في الصنف إلخ ) أي وتنقيص في القدر أيضا فالثمرة في السن والصنف وهي تغير كل منهما مصاحبة للقدر ولا ضرر في ذلك ، واعلم أن الخلطة كما توجب التخفيف كما في الأمثلة التي ذكرها الشارح قد توجب التثقيل كاثنين لكل واحد منهما مائة وشاة عليهما ثلاث شياه وقد كان الواجب على كل واحد لو لم توجد الخلطة شاة واحدة فقد أوجبت الخلطة عليهما زيادة واحدة على كل واحد نصفها وقد لا توجب الخلطة شيئا كاثنين لكل منهما مائة شاة فإن كل واحد عليه شاة سواء اختلطا أم لا .




الخدمات العلمية