الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            [ ص: 363 ] سورة الأعراف

            مسألة : في قوله تعالى : ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ) هل كانت الأيام ثم موجودة قبل خلق السماوات والأرض ؟ وهل كانت لها ثم أمور تعرف بها أو في الآية شيء مقدر ؟

            الجواب : الذي وضح لي بعد الاجتهاد والنظر في الأدلة والتمهل أياما حتى أعطيت النظر حقه أن خلق السماوات والأرض ، وخلق الأيام كانت دفعة واحدة من غير تقديم أحدهما على الآخر ، وذكر الأدلة على ذلك يطول ، ولكن نذكر شيئا مختصرا ، وذلك أنه روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خلق الله التربة " وفي لفظ : " الأرض يوم السبت والجبال يوم الأحد والشجر يوم الاثنين والمكروه يوم الثلاثاء والنور يوم الأربعاء والدواب يوم الخميس وآدم يوم الجمعة " فهذا يدل على خلق هذه الأشياء في هذه الأيام المسماة بعينها ، وروى ابن جرير ، وابن المنذر في تفسيريهما عن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا : إن الله كان عرشه على الماء لم يخلق شيئا غير ما خلق قبل الماء ، فلما أراد أن يخلق الخلق أخرج من الماء دخانا فارتفع فوق الماء فسما عليه فسماه سماء ، ثم أيبس الماء فجعله أرضا واحدة ، ثم فتقها فجعلها سبع أرضين في يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال فيها وأقوات أهلها وشجرها ، وما ينبغي لها في يوم الثلاثاء والأربعاء ، ثم استوى إلى السماء ففتقها فجعلها سبع سماوات في يوم الخميس والجمعة ، وأوحى في كل سماء أمرها خلق في كل سماء خلقها من الملائكة والخلق الذي فيها . فهذا الأثر أيضا صريح في أن الأيام التي خلقت فيها السماوات والأرض هي هذه المسماة بعينها ، وهو المعتمد في أن الابتداء يوم الأحد لا يوم السبت لأحاديث أخر كثيرة دلت على ذلك ، وحديث مسلم أعله الحفاظ وصوبوا وقفه على كعب ، وإنما ذكرته للقدر المشترك فيه وهو أن الخلق وقع في الأيام المسماة المعهودة ، وقد دل الأثر الذي سقناه على أمر آخر ، وهو أن الأيام لم يتقدم خلقها لقوله لم يخلق شيئا غير ما خلق قبل الماء ، ثم ذكر خلق الأرض والسماء وفتقهما .

            وروى ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس أنه سئل عن الليل كان قبل أم النهار ؟ قال : الليل ثم قرأ ( أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ) فهل تعلمون كان بينهما إلا ظلمة ؟ فهذا يدل على أنه لم يكن [ ص: 364 ] قبل خلق الأرض نهار ولا أيام ، وروى ابن عساكر عن ابن عباس ، قال : أول ما خلق الله الأحد ، فسماه الأحد . فهذه الأدلة الأربعة إذا ركبت مع بعضها أنتجت للمجتهد أن خلق الأيام وقع مقارنا لخلق الأرض والسماوات لا متقدما ولا متأخرا ، وأن الأيام المذكورة في قوله تعالى : ( خلق السماوات والأرض في ستة أيام ) هي أول أيام خلقت في الدنيا .

            مسألة


            يا عالم العصر لا زالت أناملكم تهمي وجودكم نام مدى الزمن     لقد سمعت خصاما بين طائفة
            من الأفاضل أهل العلم واللسن     في الأرض هل خلقت قبل السماء وهل
            بالعكس جا أثر يا نزهة الزمن ؟     فمنهم قال إن الأرض منشأة
            بالخلق قبل السما قد جاء في السنن     ومنهم من أتى بالعكس مستندا
            إلى كلام إمام ماهر فطن     أوضح لنا ما خفي من مشكل وأبن
            نجاك ربك من وزر ومن محن     ثم الصلاة على المختار من مضر
            ماحي الضلالة هادي الخلق للسنن

            الجواب :


            الحمد لله ذي الأفضال والمنن     ثم الصلاة على المبعوث بالسنن
            الأرض قد خلقت قبل السماء كما     قد نصه الله في حم فاستبن
            ولا ينافيه ما في النازعات أتى     فدحوها غير ذاك الخلق للفطن
            فالحبر أعني ابن عباس أجاب بذا     لما أتاه به قوم ذوو لسن
            وابن السيوطي قد خط الجواب لكي     ينجو من النار والآثام والفتن

            التالي السابق


            الخدمات العلمية