الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( وإن nindex.php?page=treesubj&link=1702_1703_1609نوى المأموم مفارقة الإمام وأتم لنفسه فإن كان لعذر لم تبطل صلاته " { nindex.php?page=hadith&LINKID=29587 ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا رضي الله عنه أطال القراءة فانفرد عنه أعرابي وذكر ذلك [ ص: 142 ] للنبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه } وإن كان لغير عذر ففيه قولان : ( أحدهما ) : تبطل ; لأنهما صلاتان مختلفتان في الحكم فلا يجوز أن ينتقل من إحداهما إلى الأخرى كالظهر والعصر ( والثاني ) : يجوز وهو الأصح ; لأن الجماعة فضيلة فكان له تركها كما لو صلى بعض صلاة النفل قائما ثم قعد ) .
( الشرح ) هذا الحديث رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، ثم في روايات nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وغيرهما أن هذه القصة كانت في صلاة العشاء وفي رواية لأبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي كانت في المغرب وفي رواية الصحيحين وغيرهما أن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا افتتح سورة البقرة ، وفي رواية للإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من رواية nindex.php?page=showalam&ids=134بريدة أنه في صلاة العشاء فقرأ ( { nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقتربت الساعة } ) فيجمع بين الروايات بأن يحمل على أنهما قضيتان لشخصين ، فقد اختلف في اسم هذا الرجل كما سنوضحه إن شاء الله - تعالى ، ولعل ذلك كان في ليلة واحدة فإن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا لا يفعله بعد النهي ، ويبعد أنه نسي النهي ، وأشار nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي إلى ترجيح رواية العشاء ورد الرواية الأخرى فقال : روايات العشاء أصح ، وهو كما قال ، لكن الجمع بين الروايات أولى ، وجمع بعض العلماء بين رواية القراءة بالبقرة والقراءة ب ( اقتربت ) بأنه قرأ هذه في ركعة وهذه في ركعة وأما قول المصنف فانفرد عنه أعرابي فليس بمقبول ، بل الصواب : انصرف عنه أنصاري صاحب ناضج ونخل .
هكذا جاء مبينا في الصحيحين ، واختلف في اسمه ففي رواية لأبي داود اسمه حزم بن أبي كعب ، وقيل اسمه حازم ، وقيل سليم ، والأصح أنه حرام بالراء بن ملحان خال nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ولم يذكر nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب البغدادي في المهمات غيره .
واتفق nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب على الاستدلال بهذا الحديث في هذه المسألة ، وهي مفارقة الإمام والبناء على ما صلى معه .
لكن احتج به nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم والشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد وآخرون على المفارقة بغير عذر ، قالوا : وتطويل القراءة ليس بعذر ، واحتج المصنف وآخرون على المفارقة بعذر وجعلوا طول القراءة عذرا ، وعلى التقديرين في الاستدلال به إشكال ; لأنه ليس فيه تصريح بأنه فارقه ، وبنى على صلاته بل ثبت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في رواية أنه استأنف الصلاة ، [ ص: 143 ] ولفظ روايته قال " { nindex.php?page=hadith&LINKID=13662افتتح nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بسورة البقرة فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف } وهذا لفظه بحروفه ، وفيه تصريح بأنه لم يبن بل قطع الصلاة ثم استأنفها فلا يحصل منه دلالة للمفارقة والبناء .
وقد أشار nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي إلى الجواب عن هذا الإشكال فقال : لا أدري هل حفظت هذه الزيادة التي في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم لكثرة من روى هذا الحديث عن سفيان دون هذه الزيادة ، وإنما انفرد بها nindex.php?page=showalam&ids=16984محمد بن عباد عن سفيان .
وهذا الجواب فيه نظر ; لأنه قد تقرر وعلم أن المذهب الصحيح الذي عليه الجمهور من أصحاب الحديث والفقه والأصول قبول زيادة الثقة ، لكن يعتضد قول nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بما قررناه في علوم الحديث أن أكثر المحدثين يجعلون مثل هذه الزيادة شاذا ضعيفا مردودا ، فالشاذ عندهم أن يروى ما لا يرويه سائر الثقات ، سواء خالفهم أم لا ، ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وطائفة من علماء الحجاز أن الشاذ ما يخالف الثقات أما ما لا يخالفه فليس بشاذ ، بل يحتج به ، وهذا هو الصحيح وقول المحققين . فعلى قول أكثر المحدثين هذه اللفظة شاذة لا يحتج بها ، كما أشار إليه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ويؤيده أن في رواية الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في مسنده في هذا الحديث من رواية nindex.php?page=showalam&ids=9أنس { nindex.php?page=hadith&LINKID=6875أن هذا الرجل دخل المسجد مع القوم فلما رأى nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا طول تجوز في صلاته ، ولحق بنخله يسقيه ، فلما قضى nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ الصلاة قيل له ذلك ، قال : إنه لمنافق تعجل عن الصلاة من أجل سقي نخله } .
وأما قول المصنف ( لأنهما صلاتان مختلفتان في الحكم ) فاحتراز ممن nindex.php?page=treesubj&link=1596_23311_1702_1703_28141نوى القصر ثم الإتمام فإنه تصح صلاته ; لأنهما صلاتان ليستا مختلفتين في الحكم ، وإن كانتا مختلفتين في العدد ( أما حكم المسألة ) فقال أصحابنا : إذا أخرج المأموم نفسه عن متابعة الإمام نظر إن فارقه ، ولم ينو المفارقة وقطع القدوة بطلت صلاته بالإجماع ، وممن نقل الإجماع فيه الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد ، وإن نوى مفارقته ، وأتم صلاته منفردا بانيا على ما صلى مع الإمام فالمذهب وهو نصه في الجديد صحت صلاته مع الكراهة ، وفيه قول ثان أنها لا تبطل مطلقا حكاه [ ص: 144 ] الخراسانيون ، وقول ثالث قديم : تبطل إن لم يكن له عذر وإلا فلا قال إمام الحرمين : والأعذار كثيرة وأقرب معتبر أن كل ما جوز ترك الجماعة ابتداء جوز المفارقة ، وألحقوا به ما إذا ترك الإمام سنة مقصودة كالتشهد الأول والقنوت ، وأما إذا لم يصبر على طول القراءة لضعف أو شغل فهل هو عذر ؟ فيه وجهان : ( أصحهما ) أنه عذر ، وبه قطع المصنف ; لأنه حمل حديث nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ عليه ( والثاني ) : لا وبه قطع الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد .
هذا كله إذا قطع المأموم القدوة ، والإمام بعد في صلاة صحيحة في غير صلاة الخوف .
فأما إذا بطلت صلاة الإمام بحدث ونحوه أو قام إلى خامسة أو أتى بمناف غير ذلك فإنه يفارقه ولا يضر المأموم هذه المفارقة بلا خلاف ، أما إذا فارقوا الإمام في صلاة الخوف ففيه تفصيل مذكور في بابه ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=1726_1650نوى الصبح خلف مصلي الظهر وتمت صلاة المأموم فإن شاء انتظر في التشهد حتى يفرغ الإمام ، ويسلم معه ، وهذا أفضل ، وإن شاء نوى مفارقته وسلم ، وتبطل صلاته هنا بالمفارقة بلا خلاف لتعذر المتابعة ، وكذا فيما أشبهها من الصور ، ولا فرق في جميع ذلك بين أن ينوي المفارقة في صلاة فرض أو نفل ، ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة بطلان صلاة المفارق وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد روايتان كالقولين .