الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      [ ص: 192 ] قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( والمستحب أن يتقدم الناس في الصف الأول لما روى أبو هريرة رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو يعلمون ما في الصف المقدم لكانت قرعة } وروى البراء رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول } والمستحب أن يعتمدوا يمين الإمام لما روى البراء قال " { كان يعجبنا عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان يبدأ بمن عن يمينه فيسلم عليه } فإن وجد في الصف الأول فرجة استحب أن يسدها ، لما روى أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أتموا الصف الأول ، فإن كان نقص ففي المؤخر } ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) حديث أبي هريرة رواه البخاري ومسلم وحديث البراء الأول صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح وقال فيه : الصفوف الأول ، وحديث البراء الثاني رواه مسلم ولفظه { كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه يقبل علينا بوجهه } وحديث أنس رواه أبو داود بإسناد حسن .

                                      واتفق أصحابنا وغيرهم على استحباب الصف الأول والحث عليه ; وجاءت فيه أحاديث كثيرة في الصحيح ، وعلى استحباب يمين الإمام وسد الفرج في الصفوف وإتمام الصف الأول ثم الذي يليه ثم الذي يليه إلى آخرها ، ولا يشرع في صف حتى يتم ما قبله ، وعلى أنه يستحب الاعتدال في الصفوف .

                                      فإذا وقفوا في الصف لا يتقدم بعضهم بصدره أو غيره ولا يتأخر عن الباقين ، ويستحب أن يوسطوا الإمام ويكشفوه من جانبيه لحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم { وسطوا الإمام وسدوا الخلل } ويستحب أن يفسح لمن يريد الدخول في الصف لحديث ابن عمر أن رسول صلى الله عليه وسلم قال { أقيموا الصلاة وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولينوا بأيدي إخوانكم ولا تذروا فرجات للشيطان ، ومن وصل صفا وصله الله ، ومن قطع صفا قطعه الله } رواه أبو داود بإسناد صحيح .

                                      ( فرع ) قد ذكرنا أنه يستحب الصف الأول ، ثم الذي يليه ، ثم الذي يليه إلى آخرها ; وهذا الحكم مستمر في صفوف الرجال بكل حال ، [ ص: 193 ] وكذا في صفوف النساء المنفردات بجماعتهن عن جماعة الرجال أما إذا صلت النساء مع الرجال جماعة واحدة وليس بينهما حائل فأفضل صفوف النساء آخرها لحديث أبي هريرة قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) { خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها ، وشرها أولها } رواه مسلم .

                                      واعلم أن المراد بالصف الأول الصف الذي يلي الإمام ، سواء تخلله منبر ومقصورة وأعمدة وغيرها أم لا ، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم { رأى في أصحابه تأخرا فقال لهم : تقدموا فائتموا بي وليأتم بكم من بعدكم لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله } رواه مسلم




                                      الخدمات العلمية