قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( ويقص الشارب ويغسل البراجم وينتف الإبط ويحلق العانة لما روى ويستحب أن يقلم الأظافر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عمار بن ياسر } " ) . الفطرة عشرة : المضمضة ، والاستنشاق ، والسواك ، وقص الشارب ، وتقليم الأظافر ، وغسل البراجم ، ونتف الإبط ، والانتضاح بالماء ، والختان ، والاستحداد
التالي
السابق
( الشرح ) في هذه القطعة جمل وبيانها بمسائل ( إحداها ) : حديث رواه عمار أحمد بن حنبل وأبو داود بإسناد ضعيف منقطع من رواية وابن ماجه عن علي بن زيد بن جدعان سلمة بن محمد بن عمار عن ، قال الحفاظ : لم يسمع عمار سلمة ولكن يحصل الاحتجاج بالمتن ; لأنه رواه عمارا في صحيحه من رواية مسلم رضي الله عنها قالت : { عائشة } " قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عشر من الفطرة : قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، واستنشاق الماء ، وقص الأظفار ، وغسل البراجم ، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، وانتقاص الماء مصعب بن شيبة أحد رواته : ونسيت العاشرة إلا أن تكون " المضمضة " وقال وهو أحد رواته : انتقاص الماء الاستنجاء وهو بالقاف والصاد المهملة . المسألة الثانية في لغاته : فالظفر فيه لغات : ضم الظاء والفاء وإسكان الفاء ، وبكسر الظاء مع إسكان الفاء وكسرها وأظفور ، والفصيح الأول ، وبه جاء القرآن ، والبراجم بفتح الباء الموحدة جمع برجمة بضمها وهي العقد المتشنجة الجلد في ظهور الأصابع ، وهي مفاصلها التي في وسطها بين الرواجب والأشاجع فالرواجب هي المفاصل التي تلي رءوس الأصابع ، والأشاجع بالشين المعجمة هي المفاصل التي تلي ظهر الكف ، وقال وكيع أبو عبيد : الرواجب [ ص: 338 ] والبراجم جميعا هي مفاصل الأصابع كلها وكذا قاله صاحب المحكم وآخرون ، وهذا مراد الحديث إن شاء الله فإنها كلها تجمع الوسخ .
وأما الإبط فبإسكان الباء وفيه لغتان التذكير والتأنيث حكاهما وآخرون . قال أبو القاسم الزجاجي : الإبط مذكر وقد يؤنث فيقال إبط حسن وحسنة وأبيض وبيضاء ، وأما الفطرة فبكسر الفاء وأصلها الخلقة قال الله تعالى : " { ابن السكيت فطرة الله التي فطر الناس عليها } " واختلفوا في تفسيرها في هذا الحديث : فقال المصنف في تعليقه في الخلاف ، والماوردي في الحاوي ، وغيرهما من أصحابنا : هي الدين . وقال الإمام : فسرها أكثر العلماء في الحديث بالسنة ، قال الشيخ أبو سليمان الخطابي : هذا فيه إشكال لبعد معنى السنة من معنى الفطرة في اللغة قال : فلعل وجهه أن أصله سنة الفطرة أو أدب الفطرة فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه . قلت : تفسير الفطرة هنا بالسنة هو الصواب ، ففي صحيح أبو عمرو بن الصلاح عن البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عمر } " وأصح ما فسر به غريب الحديث تفسيره بما جاء في رواية أخرى لا سيما في صحيح من السنة قص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر . البخاري
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : " الفطرة عشرة " فمعناه معظمها عشرة " كالحج عرفة " فإنها غير منحصرة في العشرة ، ويدل عليه رواية " عشر من الفطرة " وأما ذكر الختان في جملتها وهو واجب وباقيها سنة فغير ممتنع ، فقد يقرن المختلفان كقول الله تعالى : " { مسلم كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه } " والأكل مباح والإيتاء واجب ، وقوله تعالى : " { فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم } " والإيتاء واجب والكتابة سنة ، ونظائره في الكتاب والسنة كثيرة مشهورة . وأما الانتضاح فاختلف فيه فقيل هو نضح الفرج بقليل من الماء بعد الوضوء لدفع الوسواس ، والصحيح الذي قاله والمحققون أنه الاستنجاء بالماء ، بدليل رواية الخطابي : وانتقاص الماء . وهو بالقاف والصاد المهملة ، قال مسلم : هو مأخوذ من النضح وهو الماء [ ص: 339 ] القليل . وأما الاستحداد فهو استعمال الحديدة ، وصار كناية عن حلق العانة . وأما راوي الحديث فهو الخطابي أبو اليقظان عمار بن ياسر واسم أم عمار سمية بضم السين المهملة وهو وأبوه ياسر وأمه سمية صحابيون رضي الله عنهم وكانوا ممن تقدم إسلامهم في أول الأمر وكانوا يعذبهم الكفار على الإسلام فيمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم فيقول : " { } " صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة وسمية أول شهيدة في الإسلام ، توفي سنة سبع وثلاثين وهو ابن ثلاث وقيل أربع وتسعين سنة رضي الله عنه والله أعلم . عمار
المسألة الثالثة في الأحكام : أما تقليم الأظفار فمجمع على أنه سنة ، وسواء فيه الرجل والمرأة واليدان والرجلان ، ويستحب أن يبدأ باليد اليمنى ثم اليسرى ثم الرجل اليمنى ثم اليسرى ، قال الغزالي في الإحياء : يبدأ بمسبحة اليمنى ثم الوسطى ثم البنصر ثم الخنصر ثم خنصر اليسرى إلى إبهام اليمنى ، وذكر فيه حديثا وكلاما في حكمته وهذا الذي قاله مما أنكره عليه الإمام أبو عبد الله المازري المالكي الإمام في علم الأصول والكلام والفقه ، وذكر في إنكاره عليه كلاما لا أوثر ذكره ، والمقصود أن الذي ذكره الغزالي لا بأس به ، إلا في تأخير إبهام اليمنى فلا يقبل قوله فيه ، بل يقدم اليمنى بكمالها ثم يشرع في اليسرى ، وأما الحديث الذي ذكره فباطل لا أصل له . وأما الرجلان فيبدأ بخنصر اليمنى ثم يمر على الترتيب حتى يختم بخنصر اليسرى كما في تخليل الأصابع في الوضوء ، وأما التوقيت ، في تقليم الأظفار فهو معتبر بطولها ، فمتى طالت قلمها ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأحوال ، وكذا الضابط في قص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة ، وقد ثبت عن رضي الله عنه قال : { أنس } " رواه وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة وهذا لفظه ، وفي رواية مسلم أبي داود " وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ما سبق . وقال : أربعين يوما " لكن إسنادها ضعيف والاعتماد على رواية والبيهقي فإن قوله : " وقت لنا " كقول الصحابي : أمرنا بكذا ونهينا [ ص: 340 ] عن كذا وهو مرفوع كقوله : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على المذهب الصحيح الذي عليه الجمهور من أهل الحديث والفقه والأصول . ثم معنى هذا الحديث أنهم لا يؤخرون فعل هذه الأشياء عن وقتها فإن أخروها مسلم ، وليس معناه الإذن في التأخير أربعين مطلقا ، وقد نص فلا يؤخرونها أكثر من أربعين يوما والأصحاب - رحمهم الله - على أنه يستحب تقليم الأظفار والأخذ من هذه الشعور يوم الجمعة ، والله أعلم . ولو كان تحت الأظفار وسخ فإن لم يمنع وصول الماء إلى ما تحته لقلته صح الوضوء ، وإن منع فقطع الشافعي المتولي بأنه لا يجزيه ولا يرتفع حدثه ، كما لو كان الوسخ في موضع آخر من البدن ، وقطع الغزالي في الإحياء بالإجزاء وصحة الوضوء والغسل أنه يعفى عنه للحاجة ، قال : لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمرهم بتقليم الأظفار وينكر ما تحتها من وسخ ، ولم يأمرهم بإعادة الصلاة والله أعلم .
وأما الإبط فبإسكان الباء وفيه لغتان التذكير والتأنيث حكاهما وآخرون . قال أبو القاسم الزجاجي : الإبط مذكر وقد يؤنث فيقال إبط حسن وحسنة وأبيض وبيضاء ، وأما الفطرة فبكسر الفاء وأصلها الخلقة قال الله تعالى : " { ابن السكيت فطرة الله التي فطر الناس عليها } " واختلفوا في تفسيرها في هذا الحديث : فقال المصنف في تعليقه في الخلاف ، والماوردي في الحاوي ، وغيرهما من أصحابنا : هي الدين . وقال الإمام : فسرها أكثر العلماء في الحديث بالسنة ، قال الشيخ أبو سليمان الخطابي : هذا فيه إشكال لبعد معنى السنة من معنى الفطرة في اللغة قال : فلعل وجهه أن أصله سنة الفطرة أو أدب الفطرة فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه . قلت : تفسير الفطرة هنا بالسنة هو الصواب ، ففي صحيح أبو عمرو بن الصلاح عن البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عمر } " وأصح ما فسر به غريب الحديث تفسيره بما جاء في رواية أخرى لا سيما في صحيح من السنة قص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر . البخاري
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : " الفطرة عشرة " فمعناه معظمها عشرة " كالحج عرفة " فإنها غير منحصرة في العشرة ، ويدل عليه رواية " عشر من الفطرة " وأما ذكر الختان في جملتها وهو واجب وباقيها سنة فغير ممتنع ، فقد يقرن المختلفان كقول الله تعالى : " { مسلم كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه } " والأكل مباح والإيتاء واجب ، وقوله تعالى : " { فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم } " والإيتاء واجب والكتابة سنة ، ونظائره في الكتاب والسنة كثيرة مشهورة . وأما الانتضاح فاختلف فيه فقيل هو نضح الفرج بقليل من الماء بعد الوضوء لدفع الوسواس ، والصحيح الذي قاله والمحققون أنه الاستنجاء بالماء ، بدليل رواية الخطابي : وانتقاص الماء . وهو بالقاف والصاد المهملة ، قال مسلم : هو مأخوذ من النضح وهو الماء [ ص: 339 ] القليل . وأما الاستحداد فهو استعمال الحديدة ، وصار كناية عن حلق العانة . وأما راوي الحديث فهو الخطابي أبو اليقظان عمار بن ياسر واسم أم عمار سمية بضم السين المهملة وهو وأبوه ياسر وأمه سمية صحابيون رضي الله عنهم وكانوا ممن تقدم إسلامهم في أول الأمر وكانوا يعذبهم الكفار على الإسلام فيمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم فيقول : " { } " صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة وسمية أول شهيدة في الإسلام ، توفي سنة سبع وثلاثين وهو ابن ثلاث وقيل أربع وتسعين سنة رضي الله عنه والله أعلم . عمار
المسألة الثالثة في الأحكام : أما تقليم الأظفار فمجمع على أنه سنة ، وسواء فيه الرجل والمرأة واليدان والرجلان ، ويستحب أن يبدأ باليد اليمنى ثم اليسرى ثم الرجل اليمنى ثم اليسرى ، قال الغزالي في الإحياء : يبدأ بمسبحة اليمنى ثم الوسطى ثم البنصر ثم الخنصر ثم خنصر اليسرى إلى إبهام اليمنى ، وذكر فيه حديثا وكلاما في حكمته وهذا الذي قاله مما أنكره عليه الإمام أبو عبد الله المازري المالكي الإمام في علم الأصول والكلام والفقه ، وذكر في إنكاره عليه كلاما لا أوثر ذكره ، والمقصود أن الذي ذكره الغزالي لا بأس به ، إلا في تأخير إبهام اليمنى فلا يقبل قوله فيه ، بل يقدم اليمنى بكمالها ثم يشرع في اليسرى ، وأما الحديث الذي ذكره فباطل لا أصل له . وأما الرجلان فيبدأ بخنصر اليمنى ثم يمر على الترتيب حتى يختم بخنصر اليسرى كما في تخليل الأصابع في الوضوء ، وأما التوقيت ، في تقليم الأظفار فهو معتبر بطولها ، فمتى طالت قلمها ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأحوال ، وكذا الضابط في قص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة ، وقد ثبت عن رضي الله عنه قال : { أنس } " رواه وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة وهذا لفظه ، وفي رواية مسلم أبي داود " وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ما سبق . وقال : أربعين يوما " لكن إسنادها ضعيف والاعتماد على رواية والبيهقي فإن قوله : " وقت لنا " كقول الصحابي : أمرنا بكذا ونهينا [ ص: 340 ] عن كذا وهو مرفوع كقوله : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على المذهب الصحيح الذي عليه الجمهور من أهل الحديث والفقه والأصول . ثم معنى هذا الحديث أنهم لا يؤخرون فعل هذه الأشياء عن وقتها فإن أخروها مسلم ، وليس معناه الإذن في التأخير أربعين مطلقا ، وقد نص فلا يؤخرونها أكثر من أربعين يوما والأصحاب - رحمهم الله - على أنه يستحب تقليم الأظفار والأخذ من هذه الشعور يوم الجمعة ، والله أعلم . ولو كان تحت الأظفار وسخ فإن لم يمنع وصول الماء إلى ما تحته لقلته صح الوضوء ، وإن منع فقطع الشافعي المتولي بأنه لا يجزيه ولا يرتفع حدثه ، كما لو كان الوسخ في موضع آخر من البدن ، وقطع الغزالي في الإحياء بالإجزاء وصحة الوضوء والغسل أنه يعفى عنه للحاجة ، قال : لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمرهم بتقليم الأظفار وينكر ما تحتها من وسخ ، ولم يأمرهم بإعادة الصلاة والله أعلم .
وأما فمتفق على أنه سنة . ودليله الحديثان السابقان وحديث قص الشارب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { زيد بن أرقم } " رواه من لم يأخذ من شاربه فليس منا الترمذي في كتاب الاستئذان من جامعه وقال : حديث حسن صحيح . ثم ضابط قص الشارب أن يقص حتى يبدو طرف الشفة ولا يحفه من أصله ، هذا مذهبنا ، وقال : رحمه الله - : إن حفه فلا بأس ، وإن قصه فلا بأس ، واحتج بالأحاديث الصحيحة كحديث أحمد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عمر } " رواه أحفوا الشارب واعفوا اللحى البخاري وفي رواية . { ومسلم } وفي رواية { جزوا الشوارب } وهذه الروايات محمولة عندنا على الحف من طرف الشفة لا من أصل الشعر ، ومما يستدل به في أن السنة قص بعض الشارب كما ذكرنا ما روى انهكوا الشوارب رضي الله عنهما قال : " { ابن عباس إبراهيم خليل الرحمن يفعله } " رواه كان النبي صلى الله عليه وسلم يقص أو يأخذ من شاربه قال : وكان الترمذي وقال : حديث حسن ، وروى في سننه عن البيهقي شرحبيل بن مسلم الخولاني قال : " رأيت خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصون شواربهم : ، أبو أمامة الباهلي وعبد الله بن بسر [ ص: 341 ] ، وعتبة بن عبد السلمي والحجاج بن عامر الثمالي ، وكانوا يقصون شواربهم مع طرف الشفة " . وروى والمقدام بن معد يكرب عن البيهقي الإمام - رحمه الله - أنه ذكر إحفاء بعض الناس شواربهم فقال مالك بن أنس : ينبغي أن يضرب من صنع ذلك فليس حديث النبي صلى الله عليه وسلم كذلك ولكن يبدي حرف الشفة والفم ، قال مالك : حلق الشارب بدعة ظهرت في الناس ، قال مالك الغزالي : ولا بأس بترك سبلتيه وهما طرفا الشارب ، فعل ذلك رضي الله عنه وغيره . قلت : ولا بأس أيضا بتقصيره روى ذلك عمر عن البيهقي رضي الله عنهما ، ويستحب في قص الشارب أن يبدأ بالجانب الأيمن لما سبق { ابن عمر } ، والتوقيت في قص الشارب كما سبق في تقليم الأظفار ، وهو مخير بين أن يقص شاربه بنفسه أو يقصه له غيره ; لأن المقصود يحصل من غير هتك مروءة ، والله أعلم . أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في كل شيء
وأما فمتفق على استحبابه وهو سنة مستقلة غير مختصة بالوضوء ، وقد أوضحها غسل البراجم الغزالي في الإحياء وألحق بها إزالة ما يجتمع من الوسخ في معاطف الأذن وقعر الصماخ فيزيله بالمسح ، وربما أضرت كثرته بالسمع ، قال : وكذا ما يجتمع في داخل الأنف من الرطوبات الملتصقة بجوانبه ، وكذا الوسخ الذي يجتمع على غير ذلك من البدن بعرق وغبار ونحوهما ، والله أعلم .
وأما فمتفق أيضا على أنه سنة ، والتوقيت فيه كما سبق في الأظفار فإنه يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال ، ثم السنة نتفه كما صرح به الحديث ، فلو حلقه جاز ، وحكي عن نتف الإبط يونس بن عبد الأعلى ، قال : دخلت على - رحمه الله - وعنده المزين يحلق إبطيه ، فقال الشافعي : قد علمت أن السنة النتف ولكن لا أقوى على الوجع ، ولو أزاله بالنورة فلا بأس . قال الشافعي الغزالي : المستحب نتفه وذلك سهل لمن تعوده فإن حلقه جاز ; لأن المقصود النظافة ، وأن لا يجتمع الوسخ في خلل ذلك وربما حصل بسببه رائحة ، ويستحب أن يبدأ بالإبط الأيمن كما سبق والله أعلم .
[ ص: 342 ] وأما فمتفق على أنه سنة أيضا ، وهل يجب على الزوجة إذا أمرها زوجها ؟ فيه قولان مشهوران أصحهما الوجوب ، وهذا إذا لم يفحش بحيث ينفر التواق ، فإن فحش بحيث نفره وجب قطعا ، وستأتي المسألة مبسوطة في كتاب النكاح حيث ذكرها حلق العانة المصنف إن شاء الله تعالى . والسنة في العانة الحلق كما هو مصرح به في الحديث ، فلو نتفها أو قصها أو أزالها بالنورة جاز ، وكان تاركا للأفضل وهو الحلق ، ويحلق عانته بنفسه ، ويحرم أن يوليها غيره إلا زوجته أو جاريته التي تستبيح النظر إلى عورته ومسها ، فيجوز مع الكراهة . والتوقيت في حلق العانة على ما سبق من اعتبار طولها ، وأنه إن أخره فلا يجاوز أربعين يوما ، وقد فعل من السلف جماعة بالنورة ، وكرهها آخرون منهم ، وجمع الآثار عنهم في السنن الكبير وأفرد لها بابا . وأما حقيقة العانة التي يستحب حلقها فالمشهور أنها الشعر النابت حوالي ذكر الرجل وقبل المرأة وفوقهما ، ورأيت في كتاب الودائع المنسوب إلى البيهقي وما أظنه يصح عنه قال : العانة الشعر المستدير حول حلقة الدبر . وهذا الذي قاله غريب ولكن لا مانع من حلق شعر الدبر ، وأما استحبابه فلم أر فيه شيئا لمن يعتمد غير هذا ، فإن قصد به التنظف وسهولة الاستنجاء فهو حسن محبوب والله أعلم . أبي العباس بن سريج
( فرع ) يستحب نقل ذلك عن دفن ما أخذ من هذه الشعور والأظفار ومواراته في الأرض ، رضي الله عنهما واتفق عليه أصحابنا وسنبسطه في كتاب الجنائز حيث ذكره الأصحاب إن شاء الله تعالى . ابن عمر
( فرع ) يستحب نقل ذلك عن دفن ما أخذ من هذه الشعور والأظفار ومواراته في الأرض ، رضي الله عنهما واتفق عليه أصحابنا وسنبسطه في كتاب الجنائز حيث ذكره الأصحاب إن شاء الله تعالى . ابن عمر
وأما فيستحب حلقها ، صرح به المرأة إذا نبتت لها لحية وغيره وكذا الشارب والعنفقة لها ، هذا مذهبنا وقال القاضي حسين : لا يجوز لها حلق شيء من ذلك ، ولا تغيير شيء من خلقتها بزيادة ولا نقص محمد بن جرير
وأما فلم أر فيه شيئا لأصحابنا ، وينبغي أن يكره لأنه تغيير لخلق الله لم يثبت فيه شيء فكره ، وذكر بعض أصحاب الأخذ من الحاجبين إذا طالا أنه لا بأس به ، قال : وكان أحمد يفعله وحكي أيضا عن أحمد ، قال الحسن البصري الغزالي : تكره الزيادة في اللحية والنقص منها ، وهو أن يزيد في شعر . العذارين من شعر الصدغين إذا حلق رأسه ، أو ينزل فيحلق بعض العذارين ، قال : وكذلك نتف جانبي العنفقة وغير ذلك فلا يغير شيئا ، وقال : لا بأس بحلق ما تحت حلقه من لحيته ، ولا يقص ما زاد منها على قبضة اليد ، وروي نحوه عن أحمد بن حنبل ابن عمر وأبي هريرة وما ذكرناه أولا هو الصحيح والله أعلم وطاوس
( فرع ) ذكر أبو طالب المكي في قوت القلوب ثم الغزالي في الإحياء ( إحداها ) : خضابها بالسواد إلا لغرض الجهاد إرعابا للعدو بإظهار الشباب والقوة فلا بأس إذا كان بهذه النية ، لا لهوى وشهوة ، هذا كلام في اللحية عشر خصال مكروهة الغزالي وسأفرد فرعا للخضاب بالسواد قريبا - إن شاء الله تعالى - . ( الثانية ) : تبييضها بالكبريت أو غيره استعجالا للشيخوخة وإظهارا للعلو في السن لطلب الرياسة والتعظيم والمهابة والتكريم ولقبول حديثه وإيهاما للقاء المشايخ ونحوه ( الثالثة ) : خضابها بحمرة أو صفرة تشبها [ ص: 344 ] بالصالحين ومتبعي السنة لا بنية اتباع السنة .
( الرابعة ) : نتفها في أول طلوعها وتخفيفها بالموسى إيثارا للمرودة واستصحابا للصبا وحسن الوجه ، وهذه الخصلة من أقبحها .
( الخامسة ) : نتف الشيب ، وسيأتي بسطه إن شاء الله تعالى ( السادسة ) : تصفيفها وتعبيتها طاقة فوق طاقة التزين والتصنع ليستحسنه النساء وغيرهن ( السابعة ) : الزيادة فيها والنقص منها كما سبق ( الثامنة ) : تركها شعثة منتفشة إظهارا للزهادة وقلة المبالاة بنفسه ( التاسعة ) : تسريحها تصنعا ( العاشرة ) : النظر إليها إعجابا وخيلاء غرة بالشباب وفخرا بالمشيب وتطاولا عن الشباب ، وهاتان الخصلتان في التحقيق لا تعود الكراهة فيهما إلى معنى في اللحية ، بخلاف الخصال السابقة والله أعلم .
( الرابعة ) : نتفها في أول طلوعها وتخفيفها بالموسى إيثارا للمرودة واستصحابا للصبا وحسن الوجه ، وهذه الخصلة من أقبحها .
( الخامسة ) : نتف الشيب ، وسيأتي بسطه إن شاء الله تعالى ( السادسة ) : تصفيفها وتعبيتها طاقة فوق طاقة التزين والتصنع ليستحسنه النساء وغيرهن ( السابعة ) : الزيادة فيها والنقص منها كما سبق ( الثامنة ) : تركها شعثة منتفشة إظهارا للزهادة وقلة المبالاة بنفسه ( التاسعة ) : تسريحها تصنعا ( العاشرة ) : النظر إليها إعجابا وخيلاء غرة بالشباب وفخرا بالمشيب وتطاولا عن الشباب ، وهاتان الخصلتان في التحقيق لا تعود الكراهة فيهما إلى معنى في اللحية ، بخلاف الخصال السابقة والله أعلم .
ومما ، ففي سنن يكره في اللحية عقدها أبي داود وغيره عن رويفع رضي الله عنه بإسناد جيد قال : { رويفع لعل الحياة ستطول بك فأخبر الناس أنه من عقد لحيته أو تقلد وترا أو استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمدا منه بريء } " . قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا : في عقدها تفسيران : ( أحدهما ) أنهم كانوا يعقدون لحاهم في الحرب وذلك من زي العجم . الخطابي
( والثاني ) معالجة الشعر لينعقد ويتجمد وذلك من فعل أهل التأنيث والتوضيع
( والثاني ) معالجة الشعر لينعقد ويتجمد وذلك من فعل أهل التأنيث والتوضيع
( فرع ) يكره لحديث نتف الشيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عمرو بن شعيب } حديث حسن رواه لا تنتفوا الشيب فإنه نور المسلم يوم القيامة أبو داود والترمذي وغيرهم بأسانيد حسنة قال والنسائي الترمذي : حسن . هكذا قال أصحابنا يكره ، صرح به الغزالي كما سبق والبغوي وآخرون ، ولو قيل : يحرم للنهي الصريح الصحيح لم يبعد ، ولا فرق بين نتفه من اللحية والرأس .
( فرع ) يسن اتفق عليه أصحابنا ، وممن صرح به خضاب الشيب بصفرة أو حمرة الصيمري والبغوي وآخرون للأحاديث الصحيحة المشهورة في ذلك منها حديث رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم } " رواه إن البخاري . ومسلم
( فرع ) اتفقوا على ذم . ثم قال خضاب الرأس أو اللحية بالسواد الغزالي في الإحياء والبغوي في التهذيب وآخرون من الأصحاب : هو مكروه ، وظاهر عباراتهم أنه كراهة تنزيه ، والصحيح بل الصواب أنه حرام ، وممن صرح بتحريمه صاحب الحاوي في باب الصلاة بالنجاسة ، قال : إلا أن يكون في الجهاد ، وقال في آخر كتابه : الأحكام السلطانية : يمنع المحتسب الناس من خضاب الشيب بالسواد إلا المجاهد . ودليل تحريمه حديث رضي الله عنه قال : " { جابر بأبي قحافة والد رضي الله عنهما يوم فتح أبي بكر الصديق مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : غيروا هذا واجتنبوا السواد } " رواه أتي في صحيحه . والثغامة بفتح الثاء المثلثة وتخفيف الغين المعجمة نبات له ثمر أبيض وعن مسلم رضي الله عنهما قال : { ابن عباس } " رواه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد . كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة أبو داود وغيرهما ، ولا فرق في المنع من الخضاب بالسواد بين الرجل والمرأة ، هذا مذهبنا وحكي عن والنسائي أنه رخص فيه للمرأة تتزين به لزوجها . والله أعلم . إسحاق بن راهويه
( فرع ) أما فمستحب للمتزوجة من النساء ، للأحاديث المشهورة فيه ، وهو حرام على الرجال إلا لحاجة التداوي [ ص: 346 ] ونحوه . ومن الدلائل على تحريمه قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " { خضاب اليدين والرجلين بالحناء } " ويدل على الحديث الصحيح عن لعن الله المتشبهين بالنساء من الرجال : " { أنس } " رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتزعفر الرجل البخاري ، وما ذاك إلا للونه لا لريحه فإن ريح الطيب للرجال محبوب والحناء في هذا كالزعفران . وفي كتاب الأدب من سنن ومسلم أبي داود عن رضي الله عنه { أبي هريرة } " لكن إسناده فيه مجهول ، والنقيع بالنون ، وسنعيد هذا الحديث في أول كتاب الصلاة حيث ذكره أن النبي صلى الله عليه وسلم : أتي بمخنث قد خضب يديه ورجليه بالحناء فقال : ما بال هذا ؟ فقيل : يا رسول الله يتشبه بالنساء فأمر به فنفي إلى النقيع فقالوا : يا رسول الله ألا نقتله ؟ فقال إني نهيت عن قتل المصلين المصنف إن شاء الله تعالى . وقد أوضح الإمام الحافظ أبو موسى الأصبهاني هذه المسألة وبسطها بالأدلة المتظاهرة في كتابه الاستغناء في معرفة استعمال الحناء ، وهو كتاب نفيس ، وسنعيد هذه المسألة مبسوطة مع نظائرها في أول باب طهارة البدن ، إن شاء الله تعالى عند ذكر من جبر عظمه بعظم نجس فهناك ذكرها في المختصر والأصحاب والله أعلم . الشافعي
( فرع ) ومن هذا القبيل ما روى يعلى بن مرة الصحابي رضي الله عنه { } " رواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا عليه خلوق فقال اذهب فاغسله ثم اغسله ثم لا تعد الترمذي قال والنسائي الترمذي : حديث حسن ، وفي النهي عن الخلوق للرجال أحاديث كثيرة وهو مباح للنساء .
( فرع ) ومن هذا القبيل ما روى يعلى بن مرة الصحابي رضي الله عنه { } " رواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا عليه خلوق فقال اذهب فاغسله ثم اغسله ثم لا تعد الترمذي قال والنسائي الترمذي : حديث حسن ، وفي النهي عن الخلوق للرجال أحاديث كثيرة وهو مباح للنساء .
( فرع ) يستحب لحديث فرق الشعر من الرأس رضي الله عنه { ابن عباس أهل الكتاب يسدلون أشعارهم وكان المشركون يفرقون رءوسهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر به ، فسدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته ثم فرق بعده } " رواه كان البخاري ومسلم
( فرع ) يكره القزع وهو لحديث حلق بعض الرأس رضي الله عنهما في الصحيحين قال : " { ابن عمر } " وقد ذكره نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع المصنف في باب العقيقة وسيأتي هنا مبسوطا إن شاء الله تعالى
[ ص: 347 ] فرع ) أما فقال حلق جميع الرأس الغزالي : لا بأس به لمن أراد التنظيف ولا بأس بتركه لمن أراد دهنه وترجيله . هذا كلام الغزالي ، وكلام غيره من أصحابنا في معناه ، وقال - رحمه الله - : لا بأس بقصه بالمقراض ، وعنه في كراهة حلقه روايتان ، والمختار أن لا كراهة فيه ولكن السنة تركه فلم يصح أن النبي صلى الله عليه وسلم حلقه إلا في الحج والعمرة ، ولم يصح تصريح بالنهي عنه . ومن الدليل على جواز الحلق وأنه لا كراهة فيه حديث أحمد بن حنبل رضي الله عنهما قال : " { ابن عمر } " رواه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيا قد حلق بعض شعره وترك بعضه فنهاهم عن ذلك وقال : احلقوه كله أو اتركوه كله أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ، وعن ومسلم رضي الله عنهما : " { عبد الله بن جعفر جعفر ثلاثا ثم أتاهم فقال : لا تبكوا على أخي بعد اليوم ، ثم قال : ادعوا لي بني أخي فجيء بنا كأنا أفرخ فقال : ادعوا لي الحلاق فأمره فحلق رءوسنا } " حديث صحيح رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمهل آل أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم
( فرع ) يحرم على الرجل والمرأة ، وكذلك وصل الشعر بشعر للأحاديث الصحيحة في لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والواشرة إلى آخرهن ، وسنوضح المسألة إن شاء الله تعالى في باب طهارة البدن عند وصل العظم حيث ذكرها الأصحاب ، ونذكر هناك جملا من الفروع المتعلقة بها إن شاء الله تعالى . الوشم
( فرع ) له تعلق بما تقدم يكره لمن رده لحديث عرض عليه طيب أو ريحان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " { أبي هريرة } " رواه من عرض عليه طيب فلا يرده ، وعن مسلم : " { أنس } " رواه كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرد الطيب البخاري