الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1791 ) فصل : وإذا أعطى من يظنه فقيرا فبان غنيا . فعن أحمد فيه روايتان : إحداهما ، يجزئه . اختارها أبو بكر . وهذا قول الحسن وأبي عبيد وأبي حنيفة { ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الرجلين الجلدين ، وقال : إن شئتما أعطيتكما منها ، ولا حظ فيها لغني ، ولا لقوي مكتسب } .

                                                                                                                                            وقال للرجل الذي سأله الصدقة { إن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك } . ولو اعتبر حقيقة الغنى لما اكتفى بقولهم . وروى أبو هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { : قال رجل لأتصدقن بصدقة ، فخرج بصدقته ، فوضعها في يد غني ، فأصبحوا يتحدثون : تصدق على غني فأتي فقيل له : أما صدقتك فقد قبلت ، لعل الغني أن يعتبر فينفق مما أعطاه الله } . متفق عليه .

                                                                                                                                            والرواية الثانية ، لا يجزئه ; لأنه دفع الواجب إلى غير مستحقه ، فلم يخرج من عهدته ، كما لو دفعها إلى كافر ، أو ذي قرابته ، وكديون الآدميين . وهذا [ ص: 281 ] قول الثوري والحسن بن صالح وأبي يوسف وابن المنذر وللشافعي قولان كالروايتين .

                                                                                                                                            فأما إن بان الآخذ عبدا ، أو كافرا ، أو هاشميا ، أو قرابة للمعطي ممن لا يجوز الدفع إليه ، لم يجزه ، رواية واحدة ; لأنه ليس بمستحق ، ولا تخفى حاله غالبا ، فلم يجزه الدفع إليه ، كديون الآدميين ، وفارق من بان غنيا ; بأن الفقر والغنى مما يعسر الاطلاع عليه والمعرفة بحقيقته ، قال الله تعالى : { يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم } .

                                                                                                                                            فاكتفى بظهور الفقر ، ودعواه بخلاف غيره .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية