الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1895 ) فصل : وكل ما كان اتخاذه محرما من الأثمان ، لم تسقط زكاته باتخاذه ; لأن الأصل وجوب الزكاة فيها ، لكونها مخلوقة للتجارة ، والتوسل بها إلى غيرها ، ولم يوجد ما يمنع ذلك ، فبقيت على أصلها .

                                                                                                                                            قال أحمد : ما كان على سرج أو لجام ، ففيه الزكاة . ونص على حلية الثفر والركاب واللجام ، أنه محرم . وقال ، في رواية الأثرم : أكره رأس المكحلة فضة . ثم قال : وهذا شيء تأولته . وعلى قياس ما ذكره ، حلية الدواة ، والمقلمة ، والسرج ، ونحوه مما على الدابة . ولو موه سقفه بذهب أو فضة ، فهو محرم ، وفيه الزكاة .

                                                                                                                                            وقال أصحاب الرأي : يباح ; لأنه تابع للمباح ، فيتبعه في الإباحة . ولنا ، أن هذا إسراف ، ويفضي فعله إلى الخيلاء ، وكسر قلوب الفقراء ، فحرم ، كاتخاذ الآنية ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التختم بخاتم الذهب للرجل ، فتمويه السقف أولى .

                                                                                                                                            وإن صار التمويه الذي في السقف مستهلكا لا يجتمع منه شيء ، لم تحرم استدامته ; لأنه لا فائدة في إتلافه وإزالته ، ولا زكاة فيه ; لأن ماليته ذهبت وإن لم تذهب ماليته ، ولم يكن مستهلكا ، حرمت استدامته . وقد بلغنا أن عمر بن عبد العزيز لما ولي ، أراد جمع ما في مسجد دمشق مما موه به من الذهب ، فقيل له : إنه لا يجتمع منه شيء . فتركه . ولا يجوز تحلية المصاحف ولا المحاريب ، ولا اتخاذ قناديل من الذهب والفضة ; لأنها بمنزلة الآنية .

                                                                                                                                            وإن وقفها على مسجد أو نحوه لم يصح ; لأنه ليس ببر ولا معروف ، ويكون ذلك بمنزلة الصدقة ، فيكسر ويصرف في مصلحة المسجد وعمارته . وكذلك إن حبس الرجل فرسا له لجام مفضض . وقد قال أحمد : في الرجل يقف فرسا في سبيل الله ، ومعه لجام مفضض : فهو على ما وقفه ، وإن بيعت الفضة من السرج واللجام وجعلت في وقف مثله فهو أحب إلي ; لأن الفضة لا ينتفع بها ، ولعله يشتري بذلك سرجا ولجاما ، فيكون أنفع للمسلمين . قيل : فتباع الفضة ، وينفق على الفرس ؟ قال : نعم ، وهذا يدل على إباحة حلية السرج واللجام بالفضة ، لولا ذلك لما قال : هو على ما وقف . وهذا لأن العادة جارية به ، فأشبه حلية المنطقة .

                                                                                                                                            وإذا قلنا بتحريمها فصار بحيث لا يجتمع منه شيء ، لم يحرم استدامته ، كقولنا في تمويه السقف ، وأباح القاضي علاقة المصحف ذهبا أو فضة للنساء خاصة . وليس بجيد ; لأن حلية المرأة ما لبسته ، وتحلت به في بدنها أو ثيابها ، وما عداه فحكمه حكم الأواني ، لا يباح للنساء منه إلا ما أبيح للرجال . ولو أبيح لها ذلك لأبيح علاقة الأواني والأدراج ونحوهما . ذكره ابن عقيل .

                                                                                                                                            ( 1896 ) فصل : وكل ما يحرم اتخاذه ، ففيه الزكاة إذا كان نصابا ، أو بلغ بضمه إلى ما عنده نصابا ، على ما ذكرناه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية