الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2259 ) الفصل الثاني : إن كل ما أمكنه فعله بنفسه ، لزمه فعله ، ولا ينوب غيره عنه فيه ، كالوقوف والمبيت بمزدلفة ، ونحوهما ، وما عجز عنه عمله الولي عنه . قال جابر : { خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجاجا ، ومعنا النساء والصبيان ، فأحرمنا عن الصبيان . } رواه سعيد ، في ( سننه ) . ورواه ابن ماجه ، في ( سننه ) فقال : فلبينا عن الصبيان ، ورمينا عنهم . ورواه الترمذي ، قال : فكنا نلبي عن النساء ، ونرمي عن الصبيان . قال ابن المنذر : كل من [ ص: 108 ] حفظت عنه من أهل العلم يرى الرمي عن الصبي الذي لا يقدر على الرمي ، كان ابن عمر يفعل ذلك .

                                                                                                                                            وبه قال عطاء ، والزهري ، ومالك ، والشافعي ، وإسحاق . وعن ابن عمر : أنه كان يحج صبيانه وهم صغار ، فمن استطاع منهم أن يرمي رمى ، ومن لم يستطع أن يرمي رمى عنه . وعن أبي إسحاق ، أن أبا بكر رضي الله عنه طاف بابن الزبير في خرقة . رواهما الأثرم .

                                                                                                                                            قال الإمام أحمد : يرمي عن الصبي أبواه أو وليه . قال القاضي : إن أمكنه أن يناول النائب الحصى ناوله ، وإن لم يمكنه استحب أن يوضع الحصى في يده فيرمي عنه .

                                                                                                                                            وإن وضعها في يد الصغير ، ورمى بها ، فجعل يده كالآلة ، فحسن . ولا يجوز أن يرمي عنه إلا من قد رمى عن نفسه ; لأنه لا يجوز أن ينوب عن الغير وعليه فرض نفسه . وأما الطواف ، فإنه إن أمكنه المشي مشى ، وإلا طيف به محمولا أو راكبا ، فإن أبا بكر طاف بابن الزبير في خرقة . ولأن الطواف بالكبير محمولا لعذر يجوز ، فالصغير أولى .

                                                                                                                                            ولا فرق بين أن يكون الحامل له حلالا ، أو حراما ممن أسقط الفرض عن نفسه ، أو لم يسقطه ، لأن الطواف للمحمول لا للحامل ، ولذلك صح أن يطوف راكبا على بعير ، وتعتبر النية في الطائف به . فإن لم ينو الطواف عن الصبي لم يجزئه ; لأنه لما لم تعتبر النية من الصبي اعتبرت من غيره ، كما في الإحرام . فإن نوى الطواف عن نفسه وعن الصبي احتمل وقوعه عن نفسه ، كالحج إذا نوى به عن نفسه وغيره ، واحتمل أن يقع عن الصبي ، كما لو طاف بكبير ونوى كل واحد منهما عن نفسه ، لكون المحمول أولى ، واحتمل أن يلغو لعدم التعيين ، لكون الطواف لا يقع عن غير معين .

                                                                                                                                            وأما الإحرام فإن الصبي يجرد كما يجرد الكبير ، وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تجرد الصبيان إذا دنوا من الحرم . قال عطاء : يفعل بالصغير كما يفعل بالكبير ، ويشهد به المناسك كلها إلا أنه لا يصلى عنه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية