الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2530 ) مسألة : قال : ( ويأخذ حصى الجمار من طريقه ، أو من مزدلفة ) إنما استحب ذلك لئلا يشتغل عند قدومه بشيء قبل الرمي ، فإن الرمي تحية له ، كما أن الطواف تحية المسجد ، فلا يبدأ بشيء قبله . وكان ابن عمر يأخذ الحصى من جمع ، وفعله سعيد بن جبير ، وقال : كانوا يتزودون الحصى من جمع . واستحبه الشافعي .

                                                                                                                                            وعن أحمد ، قال : خذ الحصى من حيث شئت . وهو قول عطاء ، وابن المنذر . وهو أصح ، إن شاء الله تعالى ; لأن ابن عباس قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة ، وهو على [ ص: 217 ] ناقته : القط لي حصى . فلقطت له سبع حصيات من حصى الخذف ، فجعل يقبضهن في كفه ، ويقول : أمثال هؤلاء فارموا } . { ثم قال : أيها الناس ، إياكم والغلو في الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين } . رواه ابن ماجه . وكان ذلك بمنى ، ولا خلاف في أنه يجزئه أخذه من حيث كان ، والتقاط الحصى أولى من تكسيره ; لهذا الخبر ، ولأنه لا يؤمن في التكسير أن يطير إلى وجهه شيء يؤذيه .

                                                                                                                                            ويستحب أن تكون الحصيات كحصى الخذف ; لهذا الخبر ، ولقول جابر في حديثه : كل حصاة منها مثل حصى الخذف . وروى سليمان بن عمرو بن الأحوص ، عن أمه ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يا أيها الناس ، إذا رأيتم الجمرة فارموا بمثل حصى الخذف } . رواه أبو داود . قال الأثرم : يكون أكبر من الحمص ودون البندق . وكان ابن عمر يرمي بمثل بعر الغنم . فإن رمى بحجر كبير ، فقد روي عن أحمد أنه قال : لا يجزئه حتى يأتي بالحصى على ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم . وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بهذا القدر ، ونهى عن تجاوزه ، والأمر يقتضي الوجوب ، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه ، ولأن الرمي بالكبير ربما آذى من يصيبه .

                                                                                                                                            وقال بعض أصحابنا : يجزئه مع تركه للسنة ; لأنه قد رمى بالحجر ، وكذلك الحكم في الصغير .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية