الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7355 ) المسألة الثالثة أن الضرب بالسوط . ولا نعلم بين أهل العلم خلافا في هذا ، في غير حد الخمر . فأما حد الخمر ، فقال بعضهم : يقام بالأيدي والنعال وأطراف الثياب .

                                                                                                                                            وذكر بعض أصحابنا أن للإمام فعل ذلك إذا رآه ; لما روى أبو هريرة ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب ، فقال : اضربوه قال : فمنا الضارب بيده ، والضارب بنعله ، والضارب بثوبه } . رواه أبو داود ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إذا شرب الخمر ، فاجلدوه } والجلد إنما يفهم من إطلاقه الضرب بالسوط ; ولأنه أمر بجلده ، كما أمر الله تعالى بجلد الزاني ، فكان بالسوط مثله ، والخلفاء الراشدون ضربوا بالسياط ، وكذلك غيرهم ، فكان إجماعا .

                                                                                                                                            فأما حديث أبي هريرة : فكان في بدء الأمر ، ثم جلد النبي صلى الله عليه وسلم واستقرت الأمور ، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم { جلد أربعين } ، وجلد أبو بكر أربعين ، وجلد عمر ثمانين ، وجلد علي الوليد بن عقبة أربعين وفي حديث جلد قدامة ، حين شرب ، أن عمر قال : ائتوني بسوط . فجاءه أسلم مولاه بسوط دقيق صغير ، فأخذه عمر ، فمسحه بيده ، ثم قال لأسلم : أنا أحدثك ، إنك ذكرت قرابته لأهلك ، ائتني بسوط غير هذا . فأتاه به تاما ، فأمر عمر بقدامة فجلد إذا ثبت هذا ، فإن السوط يكون وسطا ، لا جديدا فيجرح ، ولا خلقا فيقل ألمه ; لما روي { أن رجلا اعترف عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزنا ، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط ، فأتي بسوط مكسور ، فقال : فوق هذا . فأتي بسوط جديد لم تكسر ثمرته . فقال : بين هذين . } رواه مالك عن زيد بن أسلم مرسلا . وروي عن أبي هريرة مسندا . وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه قال : ضرب بين ضربين ، وسوط بين سوطين وهكذا الضرب يكون وسطا ، لا شديد فيقتل ، ولا ضعيف فلا يردع . ولا يرفع باعه كل الرفع ، ولا يحطه فلا يؤلم . قال أحمد : لا يبدي إبطه في شيء من الحدود . يعني : لا يبالغ في رفع يده ، فإن المقصود أدبه ، لا قتله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية