الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1069 ) مسألة : قال : ( فإن لم يطق جالسا فنائما ) يعني مضطجعا ، سماه نائما لأنه في هيئة النائم ، وقد جاء مثل هذه التسمية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم ، وصلاة النائم على النصف من صلاة القاعد } . رواه البخاري هكذا . فمن عجز عن الصلاة قاعدا فإنه يصلي على جنبه ، مستقبل القبلة بوجهه ، وهذا قول مالك ، والشافعي ، وابن المنذر . وقال سعيد بن المسيب ، والحارث العكلي ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي : يصلي مستلقيا ، ووجهه ورجلاه إلى القبلة ; ليكون إيماؤه إليها ، فإنه إذا صلى على جنبه كان وجهه في الإيماء إلى غير القبلة .

                                                                                                                                            ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : { فإن لم يستطع فعلى جنب } . ولم يقل : فإن لم يستطع فمستلقيا . ولأنه يستقبل القبلة إذا كان على جنبه ، ولا يستقبلها إذا كان على ظهره ، وإنما يستقبل السماء ، ولذلك يوضع الميت في قبره على جنبه قصد التوجيه إلى القبلة . وقولهم : إن وجهه في الإيماء يكون إلى غير القبلة . قلنا : استقبال القبلة من الصحيح لا يكون في حال الركوع بوجهه ، ولا في حال السجود ، إنما يكون إلى الأرض ، فلا يعتبر في المريض أن يستقبل القبلة فيهما أيضا . إذا ثبت هذا ، فالمستحب أن يصلي على جنبه الأيمن ، فإن صلى على الأيسر ، جاز ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعين جنبا بعينه ، ولأنه يستقبل القبلة على أي الجنبين كان .

                                                                                                                                            وإن صلى على ظهره ، مع إمكان الصلاة على جنبه ، فظاهر كلام أحمد أنه يصح ; لأنه نوع استقبال ، ولهذا يوجه الميت عند الموت كذلك . والدليل يقتضي أن لا يصح ; لأنه خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { فعلى جنب } . ولأنه نقله إلى الاستلقاء عند عجزه عن الصلاة على جنبه ، فيدل على أنه لا يجوز ذلك مع إمكان الصلاة على جنبه ، ولأنه ترك الاستقبال مع إمكانه ، وإن عجز عن الصلاة على جنبه ، صلى مستلقيا ; للخبر ، ولأنه عجز عن الصلاة على جنبه ، فسقط ، كالقيام والقعود .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية