الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          وأما قولنا - : إنه يجزئ القارن بين الحج والعمرة طواف واحد سبعة أشواط لهما جميعا ، وسعي واحد بين الصفا والمروة سبعة أشواط لهما جميعا ، كالمفرد سواء [ ص: 181 ] سواء - : فلما رويناه من طريق مسلم نا قتيبة نا الليث هو ابن سعد - عن نافع أن ابن عمر قال لهم : اشهدوا أني قد أوجبت حجا مع عمرتي ، ثم انطلق يهل بهما جميعا حتى قدم مكة فطاف بالبيت وبالصفا والمروة ، ولم يزد على ذلك [ ولم ينحر ] ولم يحلق ، ولا قصر ، ولا أحل من شيء حرم منه حتى كان يوم النحر فنحر وحلق ورأى أنه قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول ، وقال : هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق مسلم نا محمد بن حاتم نا بهز بن أسد نا وهيب هو ابن خالد - نا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن { عائشة أنها أهلت بعمرة فقدمت ، ولم تطف بالبيت حتى حاضت فنسكت المناسك كلها ، وقد أهلت بالحج ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النفر : يسعك طوافك لحجك وعمرتك فأبت ، فبعث بها مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج } .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق مسلم حدثني حسن بن علي الحلواني نا زيد بن الحباب حدثني إبراهيم بن نافع حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد { عن عائشة أم المؤمنين أنها حاضت بسرف فتطهرت بعرفة ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : يجزي عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك } .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق مسلم نا قتيبة نا الليث عن أبي الزبير { عن جابر بن عبد الله قال : أقبلت عائشة بعمرة فذكر الحديث ; وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها ، وهي تبكي فقال : ما شأنك ؟ قالت شأني أني قد حضت ، وقد حل الناس ، ولم أحلل ، ولم أطف بالبيت والناس يذهبون إلى الحج الآن ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاغتسلي ، ثم أهلي بالحج ففعلت ووقفت المواقف حتى إذا طهرت طافت بالكعبة وبين الصفا والمروة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد حللت من حجك وعمرتك جميعا } .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق أحمد بن شعيب أخبرني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنا أشهب [ ص: 182 ] أن مالكا حدثهم أن ابن شهاب وهشام بن عروة حدثاه عن عروة { عن عائشة قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فقدمنا مكة فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ، ثم حلوا ، ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم ; وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا } .

                                                                                                                                                                                          حدثنا أحمد بن عمر بن أنس نا عبد الله بن الحسين بن عقال نا إبراهيم بن محمد الدينوري نا محمد بن أحمد بن الجهم نا محمد بن بشر بن مطر نا أبو المصعب ، وجعفر بن محمد الوركاني قالا جميعا : نا الدراوردي هو عبد العزيز بن محمد - نا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من قرن بين الحج والعمرة فليطف لهما طوافا واحدا وسعيا واحدا } .

                                                                                                                                                                                          فهذه آثار متواترة متظاهرة توجب العلم الضروري .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق عبد الرزاق نا عبيد الله بن عمر عن نافع أن ابن عمر كان يقول : للقارن سعي واحد ، وللمتمتع سعيان ؟ ومن طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال : يكفيك لهما طوافك الأول بين الصفا والمروة - يعني القارن بين الحج والعمرة .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل قال : حلف لي طاوس ما طاف أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحجه وعمرته إلا طوافا واحدا .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق جعفر بن محمد عن أبيه أنه كان يحفظ عن علي بن أبي طالب للقارن طوافا واحدا بين الصفا والمروة خلاف ما يحفظ أهل العراق .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق هشيم بن بشير نا أبو بشر عن سليمان اليشكري أن جابر بن عبد الله قال : لو أهللت بالحج والعمرة جميعا تخص لهما طوافا واحدا ولكنت مهديا - يعني سوق الهدي قبل الإحرام - .

                                                                                                                                                                                          وهو قول محمد بن سيرين ، والحسن البصري ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، وسالم بن عبد الله بن عمر ، ومحمد بن علي بن الحسين ، والزهري ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي ثور ، وداود ، وأصحابهم .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 183 ] وقالت طائفة : بل يطوف طوافين ، ويسعى سعيين - : كما روينا من طريق حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أن الصبي بن معبد قرن بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى سعيين ، ولم يحل بينهما وأهدى ، وأخبر بذلك عمر بن الخطاب ، فقال عمر : هديت لسنة نبيك .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق عبد الرزاق عن عباد بن كثير ، ويس الزيات قال يس : عن رجل عن ابن الأصبهاني وقال عباد : عن عبد الرحمن بن الأصبهاني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن الحسين بن علي قرن بين الحج والعمرة فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة لعمرته ، ثم قعد في الحجر ساعة ، ثم قام فطاف بالبيت سبعا وبين الصفا والمروة سبعا لحجه ، ثم قال : هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق عبد الرزاق عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى { أن النبي جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين } .

                                                                                                                                                                                          وروي عن بعض الصحابة ، كما روينا من طريق منصور بن المعتمر عن مالك بن الحارث عن أبي نصر هو ابن عمرو السلمي - ومن طريق منصور عن رجل من بني سليم ; ومن طريق أبي عوانة عن الأعمش عن إبراهيم النخعي عن عبد الرحمن بن أذينة ; ومن طريق وكيع عن مسعر عن بكير بن عطاء الليثي عن رجل من بني عذرة ، ومن طريق منصور بن زاذان عن الحكم بن عتيبة ، وزياد بن مالك ، ومن طريق ابن سمعان عن ابن شبرمة ، ثم اتفق أبو نصر بن عمرو ، والرجل السلمي ، والرجل العذري ، وعبد الرحمن بن أذينة ، والحكم بن عتيبة ، وزياد بن مالك ، وابن شبرمة كلهم عن علي أنه قال : يطوف القارن طوافين ويسعى سعيين - ومن طريق منصور بن زاذان عن زياد بن مالك - ومن طريق سفيان عن أبي إسحاق السبيعي ، ثم اتفق زياد بن مالك ، وأبو إسحاق كلاهما عن ابن مسعود على القارن طوافان ، وسعيان .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق الحجاج بن أرطاة عن الحكم بن عمرو بن الأسود عن الحسين بن علي قال : إذا قرنت بين الحج والعمرة فطف طوافين واسع سعيين - وهو قول مجاهد ، وجابر بن زيد ، وشريح القاضي ، والشعبي ، ومحمد بن علي بن الحسين وإبراهيم النخعي ، [ ص: 184 ] وحماد بن أبي سليمان ، والحكم بن عتيبة ، وروي عن الأسود بن يزيد - وهو قول أبي حنيفة ، وسفيان ، والحسن بن حي ; وأشار نحوه الأوزاعي وها هنا قول ثالث رويناه من طريق سعيد بن منصور قال : نا جهم بن واقد الأنصاري سألت عطاء بن أبي رباح فقلت : قرنت الحج والعمرة فقال : تطوف طوافين بالبيت ويجزئك سعي واحد بين الصفا والمروة .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : أما قول عطاء هذا فإنه كان لا يرى السعي بين الصفا والمروة من فرائض الحج ; فلذلك أجزأه عنده سعي واحد بينهما ; لأنه للحج وحده .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : أما ما شغب به ، من يرى أن يطوف القارن طوافين ويسعى سعيين عن النبي صلى الله عليه وسلم فساقط كله لا يجوز الاحتجاج به .

                                                                                                                                                                                          وكذلك كل ما رووا في ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم لا يصح منه ، ولا كلمة واحدة ، ولكنه عمن ذكرنا من التابعين صحيح إلا عن الأسود وحده فإنه من رواية جابر الجعفي .

                                                                                                                                                                                          أما حديث الضبي بن معبد فإن إبراهيم لم يدرك الضبي ، ولا سمع منه ، ولا أدرك عمر فهو منقطع ، وقد رواه الثقات : مجاهد ، ومنصور عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن الضبي - فلم يذكروا فيه طوافا ، ولا طوافين ، ولا سعيا ، ولا سعيين أصلا ; وإنما فيه أنه قرن بين الحج والعمرة فقط .

                                                                                                                                                                                          وأما حديث ابن أبي ليلى فمرسل ; ثم هو أيضا عن الحسن بن عمارة ; ولا يجوز الاحتجاج بروايته .

                                                                                                                                                                                          وأما حديث الحسين بن علي ، فعن عباد بن كثير ، ويس ، وكلاهما ضعيف جدا في غاية السقوط ، فسقط كل ذلك ، وتسقط بسقوطه الرواية عن عمرو عن الحسين بن علي .

                                                                                                                                                                                          ووالله ما جعل الله - تعالى - عذرا لمن يعارض رواية عطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، وعروة ، عن أم المؤمنين عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواية نافع عن ابن عمر وأبي الزبير عن جابر ، كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذه العفونات الذفرة ، ونعوذ بالله من الخذلان .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 185 ] وأما الرواية عن علي فأبو نصر بن عمرو ، وعبد الرحمن بن أذينة ، وزياد بن مالك ، ورجل من بني عذرة ، ورجل من بني سليم لا يدري أحد من خلق الله - تعالى - من هم ؟ وأما الحكم بن عتيبة ، وابن شبرمة فلم يدركه عليا ولا ولدا إلا بعد موته ، وأما الرواية عن الحسين ابنه ، فعن الحجاج بن أرطاة وهو في غاية السقوط .

                                                                                                                                                                                          وأما الرواية عن ابن مسعود فزياد بن مالك لا يدرى من هو .

                                                                                                                                                                                          وأما أبو إسحاق فلم يولد إلا سنة موت ابن مسعود أو بعدها .

                                                                                                                                                                                          فمن أعجب ممن يعارض رواية عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر ، ورواية عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس ، ورواية سلمة بن كهيل عن طاوس عن الصحابة جملة ، ورواية أبي بشر عن سليمان اليشكري عن جابر ، ورواية مالك عن الزهري ، وهشام بن عروة عن عروة عن عائشة أم المؤمنين عن كل من قرن من الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه النطائح المترديات ، وهذا - لمن تأمله - إجماع صحيح من جميع الصحابة رضي الله عنهم بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكدح فيه ما جاء بعده - لو جاء - فكيف وكله باطل مطرح ؟ قال أبو محمد : وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه طاوس ، ومجاهد عن ابن عباس ، ورواه عطاء ، ومحمد بن علي عن جابر ، ورواه طاوس عن سراقة ، كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم { دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة } .

                                                                                                                                                                                          قال علي : ومن الباطل أن تحتاج العمرة إلى عمل غير عمل الحج ، وقد دخلت فيه ; ومن عجائب الدنيا احتجاجهم بمن ذكرنا من السقاط الذين يؤنس بالخير فقدهم منه ، ويوحش منه وجودهم فيه .

                                                                                                                                                                                          ثم يقولون في الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أمره من قرن بين الحج والعمرة بأن يطوف لهما طوافا واحدا وسعيا واحدا : هذا من رواية الدراوردي ، نعم ، إنه لمن رواية الدراوردي الثقة المأمون ، لا من رواية الحجاج بن أرطاة ، وعباد بن كثير ، ويس الزيات ، المطرحين المتروكين .

                                                                                                                                                                                          ثم أعجب شيء : أن في رواية عبد الرحمن بن أذينة المذكور عن علي : أنه لا [ ص: 186 ] يجوز لمن بدأ بالإهلال بالحج أن يردف عليه عمرة فجعل أبو حنيفة ما روى ابن أذينة عن علي من أن القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين حجة خالف لها السنن الثابتة وإجماع الصحابة ، ولم يجعل ما رواه ابن أذينة عن علي - : من أنه لا يجوز لمن بدأ بالإهلال بالحج أن يضيف إليه عمرة - : حجة ، فما هذا التلاعب ؟ ولئن كانت روايةابن أذينة عن علي في أحد الوجهين حجة : إنها لحجة في الوجه الآخر ، ولئن لم تكن حجة في أحد الوجهين فما هي حجة في الآخر .

                                                                                                                                                                                          ثم اعترضوا في الآثار الواردة عن ابن عمر بما روي عنه من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان متمتعا ، ولو أن الذي احتج بهذا يستحيي ممن حضره من الناس [ من ] قبل أن يبلغ إلى الحياء من الملائكة ، ثم من الذي إليه معاده - عز وجل - : لردعه عن هذه المجاهرة القبيحة .

                                                                                                                                                                                          وهذا الخبر قد ذكرناه وفيه [ من ] { تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ فأهل بالعمرة ، ثم أهل بالحج } فوصف عمل القران وسماه : تمتعا .

                                                                                                                                                                                          والعجب أن هذا المجاهر بهذه العظيمة يناظر الدهر في إثبات أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنا ، ثم أضرب عن ذلك الآن وجعل يوهم : أنه كان متمتعا ، وهذا من الغاية في السماجة والصفة المذمومة ، واعترض في الآثار المذكورة عن عائشة أم المؤمنين بما روي في ذلك الخبر من { قول النبي صلى الله عليه وسلم ارفضي العمرة ، ودعي العمرة ، واتركي العمرة ، وامتشطي ، وانقضي رأسك ، وأهلي بالحج } وأوهم هذا المكابر بهذه الألفاظ : أنها أحلت من العمرة ; وهذا باطل لأن - معنى { ارفضي العمرة ، ودعي العمرة ، واتركي العمرة ، وأهلي بالحج } أن تدع الطواف الذي هو عمل العمرة وتتركه ، وترفض عمل العمرة من أجل حيضها ، وتدخل حجا على عمرتها ، فتكون قارنة ، فإذا طهرت طافت بالبيت حينئذ للعمرة وللحج .

                                                                                                                                                                                          وأما نقض الرأس والامتشاط فلا يكره ذلك في الإحرام بل هو مباح مطلق - : برهان ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لها حينئذ { طوافك بالبيت وسعيك بين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك } .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 187 ] فكيف يمكن أن يكفيها طوافها وسعيها لعمرة قد أحلت منها ؟ لولا الهوى المعمي المصم المقحم في بحار الضلالة بالمجاهرة بالباطل .

                                                                                                                                                                                          فصح يقينا أنه إنما كفاها طوافها وسعيها لحجها وعمرتها اللذين كانت قارنة بينهما ; هذا ما لا يحيل على من له أدنى فهم ، ولم يجد ما يموه به في حديث جابر ، ولا في حديث عروة عن عائشة : أن الذين جمعوا بين العمرة والحج من الصحابة طافوا لهما طوافا واحدا .

                                                                                                                                                                                          فرجع إلى أن قال : إن عليا كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجه وأشركه في هديه ، فلم يقل ما قال إلا عن علم ؟ فيقال لمن قال هذا القول : إنك تنسب إلى علي الباطل ، وقولا لم يثبت عنه قط ، ثم لو ثبت عنه فأم المؤمنين كانت في تلك الحجة أبطن بالنبي صلى الله عليه وسلم وأعلم به من علي وغير علي ; وإذ صار علي هاهنا يجب تقليده وإطراح السنن الثابتة ; وأقوال سائر الصحابة لقول لم يصح عنه ، فهلا وجب تقليده في الثابت عنه من بيع أمهات الأولاد ، ومن قوله : إن في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه ; وسائر ما خالفوه فيه لما هو أقل مما تركوا هاهنا ؟ ولكن الهوى إله معبود ؟ وعهدنا بهم يقولون فيما روي عن أم المؤمنين إذ قالت لأم ولد زيد بن أرقم في بيعها غلاما من زيد بثمانمائة درهم إلى العطاء ، ثم ابتاعته منه بستمائة درهم نقدا : أبلغ زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب : مثل هذا لا يقال بالرأي - فهلا قالوا هاهنا في قول عائشة ، وجابر ، وابن عمر ، وابن عباس : إن القارن يجزئه طواف واحد : مثل هذا لا يقال بالرأي ، ولكن حسبهم ونصر المسألة الحاصلة الحاضرة بما يمكن وبالله - تعالى - التوفيق

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية