الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : فإذا نذر المشي إلى بيت الله تعالى ونوى مسجد المدينة أو مسجد بيت المقدس أو مسجدا آخر فلا شيء عليه . أما صحة نيته فلأنها مطابقة للفظه ، والمساجد كلها بيوت الله تعالى ، قال الله تعالى { في بيوت أذن الله أن ترفع } وإذا علمت نيته صار ذلك كالملفوظ به فلا يلزمه شيء ; لأن سائر المساجد يباح دخولها بغير إحرام فلا يصير به ملتزما للإحرام ، وعلى هذا لو قال : أنا أمشي إلى بيت الله تعالى قال : فإن نوى به العدة فلا شيء عليه ; لأن المواعيد لا يتعلق بها اللزوم ، ولكن يندب إلى الوفاء بالوعد ، وإن نوى به النذر كان نذرا وكذلك إن لم يكن له نية فهو نذر ، وكذلك إن لم يكن نوى شيئا من المساجد فهو على الكعبة للعادة الظاهرة فإن الناس إذا أطلقوا هذه اللفظة يريدون بها الكعبة ، وعلى هذا لو قال : على المشي إلى مكة ، أو إلى الكعبة فهو وقوله إلى بيت الله سواء وقوله ، وإن قال : على المشي إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام فلا شيء عليه في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى أخذا بالقياس فيه ; لأن الناس لا يطلقون هذا اللفظ عادة لإرادة التزام الحج والعمرة بخلاف ما تقدم من الألفاظ الثلاثة ثم المسجد الحرام بمنزلة الفناء للكعبة ، والحرم بمنزلة الفناء لمكة فلا يجعل ذكر الفناء كذكر الأصل في النذر بل يجعل هذا بمنزلة ما لو قال : لله علي المشي إلى الصفا أو إلى المروة أو إلى مقام إبراهيم - صلوات الله عليه وسلامه - فلا يلزمه شيء وأبو يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - قالا : نأخذ بالاحتياط أو بالاستحسان في هذين الفصلين أيضا ; لأنه لا يتوصل إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام إلا بالإحرام فصار بهما ملتزما للإحرام

التالي السابق


الخدمات العلمية