الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : فإن قرن هذا الكوفي بعد ما جاوز الميقات فأحرم بالحج والعمرة ، ولم يرجع إلى الميقات فعليه دم واحد عندنا ، وقال زفر رحمه الله تعالى عليه دمان ; لأنه أخر الإحرامين جميعا عن الميقات فيلزمه لكل إحرام دم ، ألا ترى أن القارن إذا ارتكب سائر المحظورات يجب عليه ضعف ما يجب على المفرد فكذلك إذا أحرم وراء الميقات ، وعلماؤنا قالوا : المستحق عليه عند الميقات إحرام واحد ، ألا ترى أنه لو أحرم بالعمرة عند الميقات ، ثم أحرم بالحج بعد ما جاوز الميقات كان جائزا ولا شيء عليه فعرفنا أن المستحق عليه عند الميقات إحرام واحد فيجب عليه بتأخير ذلك الإحرام دم واحد بخلاف سائر المحظورات فإنه صار بجنايته مرتكبا محظور إحرامين فكان عليه جزاءان . وكذلك إن أهل بعمرة بعد ما جاوز الميقات ، ثم أهل بحجة بمكة فعليه دم واحد لتأخيره إحرام العمرة عن الميقات ; لأنه لما دخل مكة بإحرام العمرة فميقات إحرامه للحج الحرم ، وقد أحرم به في الحرم ، وإن كان أهل بالحجة بعد ما جاوز الميقات ، ثم دخل مكة فأهل بالعمرة أيضا كان عليه دمان ; لأنه أخر إحرام الحج عن ميقاته فوجب عليه دم ، ولما دخل مكة بإحرام الحجة فميقات إحرامه للعمرة الحل بمنزلة ميقات أهل مكة فحين أهل بالعمرة في الحرم فقد ترك ميقات إحرام العمرة أيضا فيلزمه لذلك دم آخر

التالي السابق


الخدمات العلمية