الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : وإذا أهل الحاج صبيحة يوم النحر بحجة أخرى لزمته ويقضي ما بقي عليه من الأولى ويقيم حراما إلى أن يؤدي الحج بهذا الإحرام من قابل ; لأنه أحرم بعد مضي وقت الحج من السنة الماضية ، فينعقد إحرامه لأداء الحج به في السنة القابلة وعليه بجمعه بين الحجتين دم ; لأن إحرامه للحج باق ما لم يتحلل بالحلق والطواف والجمع بين إحرام الحجتين ممنوع عنه ، فإذا فعل ذلك لزمه الدم بالجمع المنهي عنه ، وهذا بخلاف ما إذا أهل بحجتين ; لأن الدم هناك يلزمه لرفض إحداهما ; لأن الجمع هناك لا يتحقق حين صار قاضيا لإحداهما وهنا يتحقق ; لأنه يؤدي ما بقي من أعمال الأولى من غير أن يصير رافضا للأخرى فلهذا لزمه للجمع بينهما دم ، وإن قدم الحاج مكة فأدرك الوقوف بمزدلفة لم يكن مدركا للحج لقوله صلى الله عليه وسلم { من فاته عرفة بليل فقد فاته الحج } ، ثم ذكر بعد هذا حكم الإهلال بحجتين أو بعمرتين ، وقد بينا ذلك ويستوي فيه إن أهل بهما معا أو بإحداهما ، ثم بالأخرى معا ; لأنه جامع بين الإحرامين في الحالين فإن رفض إحدى العمرتين ، ثم قضاها في العام القابل ومعها حجة فهو قارن ; لأن القران بالجمع بين الحجة والعمرة فكما أن كون الحج في ذمته لا يمنع تحقق القران فكذلك كون العمرة واجبة في ذمته . وكذلك إن أتى بهذه العمرة في أشهر الحج ، ثم حج من عامه ذلك فهو متمتع إن لم يكن ألم بأهله [ ص: 179 ] بين النسكين حلالا فإن ألم بأهله بين النسكين حلالا لم يكن متمتعا ، بلغنا ذلك عن ابن عمر وسعيد بن المسيب رضي الله عنهم ، وهذا بخلاف القارن إن رجع إلى أهله بعد طواف العمرة ; لأنه إنما رجع محرما فلم يصح إلمامه بأهله فلهذا كان قارنا ، وقد بينا الفرق بين المتمتع الذي ساق الهدي وبين الذي لم يسق الهدي في حكم الإلمام بأهله ، وقد بينا الفرق أيضا في حكم المكي الذي قدم الكوفة وبينا القران والتمتع . وروى ابن سماعة عن محمد أن المكي إذا قدم الكوفة إنما يجوز له أن يقرن إذا كان خروجه من الميقات قبل دخول أشهر الحج ، فأما إذا دخلت أشهر الحج قبل خروجه من الميقات فقد حرم عليه القران والتمتع فلا يرتفع ذلك بالخروج عن الميقات بعد ذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية