الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : وإذا اختلعت في مرضها بمهرها الذي كان لها على زوجها ، ثم ماتت في العدة ، فله الأقل من ميراثه ، ومن المهر إن كان يخرج من ثلث مالها مهر ، وإن لم يكن لها مال سوى ذلك ، فله الأقل من ميراثه منها ، ومن الثلث ، وإن ماتت بعد انقضاء العدة ، فله المهر من ثلث مالها ، والحاصل أنه إذا اختلعت في مرضها ، فبدل الخلع معتبر من ثلث مالها عندنا ، وقال زفر رحمه الله تعالى من جميع المال ، واعتبر الخلع بالنكاح ، فإن المريض لو تزوج امرأة بصداق مثلها اعتبر من جميع ماله ; لأن ذلك من حوائجه ، وكذلك المريضة إذا اختلعت ; لأن ذلك من حوائجها لتتخلص به من أذى الزوج ، ولكنا نقول : البضع عند دخوله في ملك الزوج متقوم ، وعند الخروج لا يتقوم حتى إن للأب أن يزوج ابنه امرأة بماله ، وليس له أن يخالع ابنته من زوجها بمالها ، والخلع ليس من أصول حوائجها ، فكان بدل الخلع بمنزلة الوصية منها للزوج فيعتبر من الثلث ، ومن عليه القصاص إذا صالح في مرضه على الدية عندنا يعتبر من جميع ماله ; لأنه يحتاج إليه لإحياء نفسه ، فكان ذلك من أصول حوائجه بخلاف بدل الخلع ، وعند زفر رحمه الله تعالى يعتبر هنا من الثلث بخلاف الخلع ; لأن القصاص عقوبة ، فلا يعتاض عنه بالمال حقيقة ، فيكون التزام المال بمعنى الصلة المبتدأة ، والمملوك بالنكاح مما يعتاض عنه بالمال باعتبار الأصل ، وما يسلم للزوج هنا يصلح أن يكون عوضا يعتبر من جميع مالها ، إذا عرفنا هذا ، فنقول إذا ماتت قبل انقضاء العدة ، فسبب ميراثه باق ببقاء العدة ، ويجوز أن يكون قصدها بهذا الخلع إيصال المنفعة المالية إلى الزوج ، ولكن هذه التهمة في الزيادة على قدر ميراثه ، فأما في الأقل ، فلا تهمة ; فلهذا كان له الأقل من ميراثه ومما سمت له ، وإذا ماتت بعد انقضاء العدة ، فليس بينهما سبب التوارث عند موتها ، فيكون له جميع المسمى من الثلث بمنزلة [ ص: 193 ] ما لو ، أوصت له ، أو أقرت بشيء بعد ما طلقها ثلاثا .

وإن كان لم يدخل بها ، فاختلعت منه في مرضها بمهرها ، فنقول : أما نصف المهر ، فقد سقط عن الزوج بالطلاق قبل الدخول لا من جهتها ، والنصف الباقي له من ثلث مالها ; لأن ذلك القدر بمنزلة الوصية منها له ، وليس بينهما سبب التوارث ، إذا كان الطلاق قبل الدخول ، فلا معنى لاعتبار الأقل ، وكذلك إن كانت اختلعت منه بأكثر من مهرها ، فنصف المهر سقط بالطلاق قبل الدخول ، والنصف الباقي مع الزيادة للزوج من ثلث مالها ، فإن برئت من مرضها ، فله جميع المسمى بمنزلة ما لو خالعها في صحتها .

التالي السابق


الخدمات العلمية