الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : وإذا قال لامرأته : أنت طالق ثلاثا على عبدي هذا إن شئت ، فقامت من مجلسها قبل أن تشاء ، فهي امرأته ، ولا يقع الطلاق في هذا إلا بقبولها ; لأن العبد المسمى ملك الزوج ، فكان ذكره والسكوت عنه سواء ، فيبقى قوله : أنت طالق ثلاثا إن شئت ، فإذا قامت قبل أن تشاء خرج الأمر من [ ص: 194 ] يدها فلا يقع عليها شيء ; لأن المشيئة منها لم توجد ; ولأنه ، أوقع الطلاق بعوض ، فلا يقع إلا بوجود القبول ، وإن لم يجب العوض ، ولا منفعة فيه لأحدهما ، كما لو طلقها على خمر ، أو ميتة لا يقع الطلاق إلا بقبولها ، وإن كان لا يجب عليها شيء بعد القبول ، وإن قبلت في المجلس ، وقع الطلاق عليها لوجود القبول ; ولأنها لما قبلت فقد شاءت ، والعبد عبد الزوج على حاله ; لأن ملكه لا يكون عوضا عن ملكه ، ولا شيء له عليها ; لأنها لم تغره ، وإن قال : أنت طالق إن شئت على عبدك الذي في يدي ، فإن قبلت وقع الطلاق عليها ، وله العبد ; لأن ملكها يصلح عوضا عن الطلاق سواء كان في يدها ، أو في يد الزوج ، فإن استحق العبد فله قيمته ; لأن التسليم بالعقد صار مستحقا عليها ، وقد بطل فيبقى الزوج بالاستحقاق من الأصل والسبب الموجب تسليم قائم ، فعليها قيمته له .

التالي السابق


الخدمات العلمية