الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال : ( وإن nindex.php?page=treesubj&link=24035تتاركا السلم ورأس المال ثوب فهلك عند المسلم إليه فعليه قيمته ) وكذلك لو تتاركا بعد هلاكه وهذه أربعة فصول ( أحدهما ) nindex.php?page=treesubj&link=14988_14992_15018أن يشتري عينا بدراهم فتقابضا ثم تقايلا ثم هلك المبيع قبل الرد بطلت الإقالة سواء كان الثمن قائما أو هالكا لأن الإقالة رفع العقد وإنما يرفع الشيء من المحل الوارد عليه ومحل العقد المعقود عليه والمعقود عليه المبيع دون الثمن فإن الثمن معقود به ولهذا شرط قيام الملك في المبيع عند العقد دون الثمن فإن كان المبيع هالكا عند الإقالة فالإقالة باطلة لفوات محلها وكذلك إذا هلك بعد الإقالة قبل الرد لأن العارض من هلاك المحل بعد الإقالة قبل الرد كالمقترن بالإقالة ألا ترى أن هلاك المعقود عليه بعد العقد قبل القبض يبطل العقد ويجعل كالمقترن بالعقد ( والثاني ) لو nindex.php?page=treesubj&link=15018تبايعا عبدا بجارية وتقابضا ثم تقايلا ثم هلك أحدهما بقيت الإقالة لأن ابتداء الإقالة بعد هلاك أحد العوضين صحيح فإن كل واحد منهما معقود عليه بدليل أنه يشترط قيام الملك في العوضين جميعا للمتعاقدين بخلاف الثمن ألا ترى أن بعد هلاك أحدهما يمكن فسخ العقد برد الآخر بالعيب فكذلك بالإقالة وإذا جاز ابتداء الإقالة بعد هلاك أحدهما فكذلك تبقى الإقالة في القائم وعليه رد قيمة الهالك لأنه تعذر رد العين مع بقاء السبب الموجب للرد فترد القيمة إذ القيمة سميت قيمة لقيامها مقام العين ولو هلكا جميعا بعد الإقالة قبل التراد بطلت الإقالة لأن ابتداء الإقالة بعد هلاكهما باطل إذا لم يبق شيء من المحل الذي تناوله العقد فكذلك لا تبقى الإقالة بعد هلاكهما
( والثالث ) nindex.php?page=treesubj&link=4449السلم إذا تقايلا ورأس المال عين فهلكت بعد الإقالة لم تبطل الإقالة لأن ابتداء الإقالة بعد هلاك رأس المال صحيح فإن السلم بمنزلة بيع المقابضة لأن المسلم فيه مبيع معقود عليه فجازت الإقالة بعد هلاك ما يقابله وإذا بقيت الإقالة فعليه رد قيمة [ ص: 170 ] رأس المال لتعذر رد العين مع بقاء السبب الموجب له والقول قول المطلوب في مقدار القيمة إذا اختلفا لأن الطالب يدعي عليه زيادة وهو منكر لتلك الزيادة ( والرابع ) الصرف فإنهما لو nindex.php?page=treesubj&link=14998_15018_4449_5516تصارفا دينارا بعشرة دراهم وتقابضا وهلك البدلان جميعا ثم تقايلا ثم هلك البدلان قبل التراد جازت الإقالة لأن المعقود عليه ما استوجب كل واحد منهما في ذمة صاحبه ألا ترى أن بعد الإقالة لا يلزمه رد المقبوض بعينه ولكن إن شاء رده وإن شاء رد مثله فلا يكون هلاك المقبوض مانعا من الإقالة هذا هو الصحيح في تخريج هذه المسائل وقع في الأصل تشويش وتقديم وتأخير وألفاظ وذلك كله غلط من الكاتب وقد تكلف لتصحيحه بعض مشايخنا رحمهم الله فإنه قال : بعد مسألة القرض ألا ترى أنه لو اشتريا جارية بعبد وتقابضا فمات أحدهما في يديه ثم تناقضا أنه جائز ومعنى هذا الاستشهاد أن القرض وإن كان في معنى البيع من حيث إنه تمليك الطعام بمثله فليس ببيع حقيقة فلا يشترط فيه من الكيل ما يشترط في المبيع كما أن الإقالة في حكم البيع ولكن ليس ببيع على الحقيقة فيجوز بعد هلاك أحد العوضين وإن كان لا يجوز ابتداء البيع فإنه لو اشترى عبدا بقيمة جارية هالكة لا يجوز وإليه أشار بقوله وليس هذا بمنزلة شراء الحي قبل أن يموت يعني شراء الحي بقيمة الميت أو شراء الحي بالحي إذا مات أحدهما قبل القبض ولكن هذا تكلف
ولا يليق هذا اللفظ بفصاحة nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله فإن شراء الحي يعلم أنه يكون قبل أن يموت فعرفنا أنه غلط من الكاتب ثم قال : وكذلك السلم لأن السلم بيع يعني أن الإقالة بعد هلاك رأس المال يجوز كما يجوز في بيع المقابضة الإقالة بعد هلاك أحدهما ثم قال ولا يشبه هذا الأثمان الدنانير بالدراهم ، يعني أن في عقد الصرف تجوز الإقالة بعد هلاكهما بخلاف بيع المقابضة وفي بعض النسخ قال : الدنانير والدراهم يعني إذا اشتريا عينا بنقد ثم تقايلا فهلك المعقود عليه بطلت الإقالة فإن كان الثمن قائما وقد قررنا هذا الفرق