الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ثم ذكر عدد سجود القرآن وهي أربع عشرة سجدة عندنا وكان ابن عباس رضي الله تعالى عنه يقول : عدد سجود القرآن إحدى عشرة سجدة وليس في المفصل عنده سجدة وكان يعد الأعراف والرعد والنحل وبني إسرائيل ومريم والحج الأولى منها والفرقان والنمل والم تنزيل وص وحم السجدة قال سعيد بن جبير : وسألت ابن عمر رضي الله عنهم فعدهن كما عدهن ابن عباس رضي الله تعالى عنه إحدى عشرة سجدة وقال : ليس في المفصل شيء منها وهكذا ذكر الكرخي رضي الله عنه في الجامع الصغير له وليس في المفصل عنده سجدة . والذي في سورة ( ص ) عنده سجدة شكر والاختلاف بين العلماء في مواضع منها في الحج عندنا سجدة التلاوة الأولى منهما وعند الشافعي رضي الله عنه سجدتان الأولى والثانية لحديث مسرع بن ماهان عن عقبة بن عامر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : في الحج سجدتان } أو قال { فضلت الحج بسجدتين من لم يسجدهما فلا يقرأهما } وهو مروي عن عمر ومذهبنا مروي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم قال : سجدة التلاوة هي الأولى والثانية سجدة الصلاة وهو الظاهر فقد قرنها بالركوع فقال { : اركعوا واسجدوا } والسجدة المقرونة بالركوع سجدة الصلاة وتأويل الحديث فضلت الحج بسجدتين إحداهما سجدة التلاوة والأخرى سجدة الصلاة ويختلفون في التي في سورة ( ص ) عندنا وهي سجدة التلاوة وعند الشافعي رضي الله عنه سجدة الشكر وفائدة الاختلاف إذا تلاها في الصلاة عندنا يسجدها وعند الشافعي لا يسجدها واستدل بما روي { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تلا في خطبته سورة ص فنشز الناس للسجود فقال : علام نشزتم إنها توبة نبي } .

( ولنا ) ما روي { أن رجلا من الصحابة قال : يا رسول الله رأيت فيما يرى النائم كأني أكتب سورة ص فلما انتهيت إلى [ ص: 7 ] موضع السجدة سجد الدواة والقلم فقال عليه الصلاة والسلام : نحن أحق بها من الدواة والقلم فأمر حتى يكتب في مجلسه وسجدها مع أصحابه } ( فإن قيل ) في الحديث زيادة وهو أنه قال { سجدها داود توبة ونحن نسجدها شكرا } . ( فلما ) هذا لا ينفي كونها سجدة تلاوة فما من عبادة يأتي بها العبد إلا وفيها معنى الشكر ومراده من هذا بيان سبب الوجوب إنه كان توبة داود عليه السلام وإنما لم يسجدها في خطبته ليبين لهم أنه يجوز تأخيرها وقد روي { أنه سجدها في خطبته مرة } وذلك دليل على الوجوب وعلى أنها سجدة تلاوة فقد قطع الخطبة لها . ويختلفون في التي في حم السجدة في موضعها فقال علي رضي الله تعالى عنه : آخر الآية الأولى عند قوله { إن كنتم إياه تعبدون } وبه أخذ الشافعي رضي الله تعالى عنه وقال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه : عند آخر الآية الثانية عند قوله تعالى { وهم لا يسأمون } وبه أخذنا لأنه أقرب إلى الاحتياط فإنها إن كانت عند الآية الثانية لم يجز تعجيلها وإن كانت عند الأولى جاز تأخيرها إلى الآية الثانية ويختلفون في المفصل فعندنا فيه ثلاث سجدات وقال مالك رضي الله تعالى عنه : ليس في المفصل سجدة واحدة لقول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما .

( ولنا ) حديث علي رضي الله تعالى عنه : عزائم سجود القرآن أربعة التي في { الم تنزيل } وحم السجدة وفي النجم واقرأ باسم ربك وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة والنجم بمكة فسجد وسجد الناس معه المسلمون والمشركون إلا شيخا وضع كفا من التراب على جبهته وقال : إن هذا يكفيني فلقيته قتل كافرا ببدر } وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ { إذا السماء انشقت } فسجد وسجد معه أصحابه } .

التالي السابق


الخدمات العلمية