الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) فإن صلوا في جوف الكعبة فالمذهب عندنا أنه يجوز أداء الصلاة في جوف الكعبة النافلة والمكتوبة فيه سواء وقال مالك رضي الله عنه : لا يجوز أداء المكتوبة في جوف الكعبة لأنه إن كان مستقبلا جهة فهو مستدبر جهة أخرى والصلاة مع استدبار القبلة لا تجوز فيؤخذ بالاحتياط في المكتوبة وفي التطوع الأمر أوسع وقاس الصلاة بالطواف فإن من طاف في جوف الكعبة لا يجزئه طوافه .

( ولنا ) أن الواجب عليه استقبال جزء من الكعبة وقد استقبلها بيقين والفرض والنفل في وجوب استقبال القبلة سواء فإذا جاز أداء النفل في الكعبة بهذا الطريق فكذلك الفرض وليس الصلاة كالطواف فإن الطواف بالبيت لا فيه ألا ترى أن الطواف خارج المسجد لا يجوز بخلاف الصلاة وقد اختلف الرواة أن النبي صلى الله عليه وسلم هل صلى في الكعبة حين دخلها ؟ فروى أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنه { أنه لم يصل فيها } وروى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما { أنه صلى فيها ركعتين بين الساريتين المقدمتين ومنه إلى الحائط قدر ثلاثة أذرع } فإن كان الإمام في جوف الكعبة والناس قد تحلقوا حولها كما ذكرنا أجزأهم وإن كانوا معه في جوف الكعبة فصلاة الإمام ومن وجهه إلى ظهر الإمام أو إلى يمين الإمام أو إلى يساره يجوز . وكذلك من كان وجهه إلى وجه الإمام إلا أنه يكره استقبال الصورة وإنما لا تجوز صلاة من ظهره إلى وجه الإمام ( الصلاة بمكة في الكعبة ) وصلاة من كان مستقبلا الجهة التي استقبلها الإمام وهو أقرب إلى الحائط من الإمام لأنه متقدم عليه وهذا بخلاف ما إذا تحروا في ظلمة الليل واقتدوا بالإمام فإنه لا تجوز صلاة من علم أنه مخالف للإمام في الجهة هناك لأن عنده أن إمامه غير مستقبل القبلة فلا يصح اقتداؤه به وهاهنا كل جانب قبلة بيقين فهو لا يعتقد الخطأ في صلاة إمامه فجاز اقتداؤه به ومن صلى على سطح الكعبة جازت صلاته عندنا وإن لم يكن بين يديه سترة وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه : لا يجوز إلا أن يكون بين يديه سترة بناء على أصله أن البناء معتبر في جواز التوجه إليه للصلاة وعندنا القبلة هي الكعبة فسواء كان بين يديه سترة أو لم يكن فهو مستقبل القبلة [ ص: 80 ] وبالاتفاق من صلى على أبي قبيس جازت صلاته وليس بين يديه شيء من بناء الكعبة فدل أنه لا معتبر للبناء وبعض أئمة بلخي قالوا بالاتفاق لو صلى على سطح الكعبة ووضع بين يديه إكافا تجوز صلاته ومن المحال أن يتعلق جواز الصلاة باستقبال الإكاف فدل أنه لا معتبر بالبناء والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب

التالي السابق


الخدمات العلمية