الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) وإذا وجبت الصدقة في السائمة ، ثم باعها صاحبها جاز بيعه عندنا ، ولم يجز في قدر الزكاة عند الشافعي رحمه الله تعالى قولا واحدا وله فيما وراء ذلك قولان . وحجته أن نصاب الزكاة صار مشغولا بحق الفقراء فيمتنع على صاحبها بيعها كالعبد المديون والنصاب لوجوب الزكاة فيه يصير كالمرهون بما وجب فيه وبيع المرهون لا يجوز . وعلماؤنا - رحمهم الله تعالى - استدلوا بحديث حكيم بن حزام رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع إليه دينارا وأمره أن يشتري به أضحية فاشترى شاة بالدينار ، ثم باعها بدينارين فاشترى شاة أخرى بدينار وجاء بالشاة والدينار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { بارك الله لك في صفقتك } فقد جوز بيع الأضحية بعد ما وجب حق الله تعالى فيها فصار هذا أصلا لنا أن تعلق حق الله تعالى في المال لا يمنع جواز البيع فيه والمعنى أن البيع يعتمد الملك والقدرة على التسليم وملكه باق بعد وجوب الزكاة فيها وقدرته على التسليم باعتبار يده ولم يختل ذلك بوجوب الزكاة فيه فكان بيعه نافذا بخلاف المرهوق ، فإن اليد هناك مستحقة عليه للمرتهن فلم يكن مقدور التسلم له بخلاف العبد المديون فإن ماليته مستحقة عليه للغريم بدينه وجواز البيع باعتبار المالية ، ثم الزكاة في المال لا تتعلق بالمال تعلقا يتعين فيه حتى إن لصاحب المال اختيار الأداء من موضع آخر فهو نظير تعلق حق أولياء الجناية برقبة الجاني ، وذلك لا يمنع صحة بيع المولى فيه كما قلنا فكذلك هذا

التالي السابق


الخدمات العلمية