الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) وتقسم صدقة كل بلد على فقراء بلادهم ولا يخرج إلى غيرهم { لقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله تعالى عنه خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم } ، ولأن لفقراء تلك البلدة حق القرب والمجاورة ، واطلاعهم على أرباب أموالهم أكثر فالصرف إليهم أولى لقوله صلى الله عليه وسلم { أدناك فأدناك ولما سأله رجل ، فقال : إن لي جارين أيهما أبر ؟ فقال : إلى أقربهما منك بابا ، وإن أخرجها إلى غيرهم جاز [ ص: 181 ] وهو مكروه } وللشافعي رحمه الله تعالى قول : إنه لا يجوز لحديث معاذ رضي الله تعالى عنه من نقل عشره وصدقته من مخلاف عشيرته إلى غير مخلاف عشيرته فعشره وصدقته في مخلاف عشيرته أي مردودة عليهم .

( ولنا ) ظاهر قوله تعالى { إنما الصدقات للفقراء } وتخصيص فقراء البلدة ليس لمعنى في أعيانهم فلا يمنع جواز الصرف إلى غيرهم ; لأن ما هو المقصود وهو سد خلة المحتاج قد حصل وقول معاذ رضي الله عنه محمول على بيان الأولى ، ألا ترى أنه حين كان باليمن كان ينقل الصدقة إلى المدينة على ما قال في خطبته وأنفع لمن في المدينة من المهاجرين والأنصار ، وإنما كان ينقل إلى المدينة ; لأن فقراءها كانوا أشرف الفقراء حيث هجروا أوطانهم وهاجروا لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعلم أحكام الدين وعلى هذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه إذا كان لصاحب المال قرابة محتاجون في بلدة أخرى فلا بأس بأن يصرف الصدقة إليهم وهو أفضل له لما فيه من صلة الرحم مع إسقاط الفرض عن نفسه

التالي السابق


الخدمات العلمية