الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وجلد ولو دبغ )

                                                                                                                            ش : هذا هو المشهور .

                                                                                                                            ص ( ورخص فيه مطلقا )

                                                                                                                            ش : قال في التوضيح اختلفت عبارة أهل المذهب في جلد الميتة المدبوغ فقال أكثرهم مطهر طهارة مقيدة أي يستعمل في اليابسات والماء وحده وقال عبد الوهاب وابن رشد نجس ولكن رخص في استعماله في ذلك ، ولذلك لا يصلى عليه وهو خلاف لفظي ولفظ ابن رشد في سماع أشهب من كتاب الطهارة المشهور من قول مالك المعلوم من مذهبه أن جلد الميتة لا يطهره الدباغ وإنما يجوز الانتفاع به في المعاني التي ذكرت ، وقوله : " ورخص فيه مطلقا " في كثير من النسخ بالبناء للمفعول وفي بعضها بالبناء للفاعل ويكون عائدا إلى مالك ; لأنه إمام المذهب وعلى ذلك شرحه بعض الشارحين .

                                                                                                                            ( فرع ) قال ابن مرزوق عموم قوله مطلقا يقتضي دخول جلد الإنسان ولم أر من نص عليه وليس فيما نقله ابن حزم من الاتفاق على أنه لا يحل سلخه ولا استعماله ما يدل على التنجيس لاحتمال أن يكون ذلك لحرمته ، وخرج بعضهم الخلاف فيه على الخلاف في سائر الجلود حتى جلد الخنزير .

                                                                                                                            ( قلت ) فيما قاله نظر ; لأنه إن كان المراد الحكم بنجاسة وأنه لا يطهر بالدباغ فجلود الميتات كلها نجسة ولو دبغت على المشهور وهو منها على القول بنجاسة ميتته ، وإن كان المراد الترخيص في الاستعمال فقد دل كلام ابن حزم على أنه لا يحل استعماله باتفاق فقد حصل الغرض فتأمله .

                                                                                                                            ص ( إلا من خنزير ) . ش هذا هو الذي مشى عليه ابن الحاجب وغيره وذكر ابن الفرس في أحكام القرآن أن المشهور من المذهب أن جلد الخنزير كغيره ينتفع به بعد الدبغ ، وقد اختلف أهل اللغة هل الإهاب خاص بجلد الأنعام أو يطلق على جلد غيرها أيضا ذكره ابن رشد في سماع أشهب من كتاب الطهارة والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( بعد دبغه )

                                                                                                                            ش : قال في الجواهر وكيفية الدباغ نزع الفضلات بالأشياء المعتادة في ذلك قال ابن نافع ولا يكفي التشميس وقال ابن عرفة روى الباجي : الدبغ ما أزال شعره وريحه ودسمه ورطوبته ونقله الأبي في شرح مسلم ثم قال ولا يخفى عليك ما في اشتراط زوال الشعر من النظر لما يأتي في حديث الأقربة والأظهر أن الدبغ ما أزال الريح والرطوبة وحفظ الجلد من الاستحالة كما تحفظه الحياة ، ولعل ما في الرواية في الجلود التي الشأن فيها زوال الشعر كالتي يصنع منها الأنعلة لا التي يجلس عليها وتصنع منها الأفرية وإنما يلزم زوال الشعر على مذهب الشافعي القائل بأن صوف الميتة نجس .

                                                                                                                            وأما عندنا فلا والظاهر ما ذكره الأبي واقتصر ابن ناجي في شرح الرسالة على ما ذكره الباجي كما فعل ابن عرفة وقال في الطراز الظاهر أنه لا يعتبر في الدبغ آلة وفي الموازية ليحيى بن سعيد ما دبغ به جلد الميتة من دقيق ، أو ملح ، أو قرظ فهو له طهور وهو صحيح فإن حكمة الدباغ إنما هي بأن يزيل عفونة الجلد ويهيئه للانتفاع به على الدوام فما أفاد ذلك جاز به انتهى .

                                                                                                                            ( فرع ) قال الأبي ظاهر الأحاديث أن الدبغ يفيد حتى من الكافر وفي مسلم حديث نص في ذلك والأظهر أن ما دبغوه مستثنى مما أدخلوا فيه أيديهم والله أعلم .

                                                                                                                            ( فرع ) قال في سماع أبي زيد من كتاب الجامع هل للمسلم أن يسلخ الميتة قال ابن القاسم لا بأس بذلك ولا يصل إلى الانتفاع بها إلا بذلك .

                                                                                                                            ( تنبيه ) فهم من قوله بعد دبغه أنه لو لم يدبغ لا يجوز الانتفاع به بوجه وقال في التوضيح قال ابن هارون وهو المذهب قال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون ولا يفرش ولا يطحن عليه حتى يدبغ انتهى .

                                                                                                                            وظاهره أنه يطحن عليه بعد الدبغ وسيأتي الكلام فيه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية