الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وفي جواز القتال مطلقا تردد )

                                                                                                                            ش : يعني أنه اختلف المتأخرون في النقل عن المذهب في جواز قتال الحاصر مطلقا سواء [ ص: 204 ] كان مسلما أو كافرا ، فذكر ابن شاس وابن الحاجب أن ذلك لا يجوز قال في التوضيح : قال ابن عبد السلام : وسواء كان بمكة أو بالحرم ، وذكر سند وابن عبد البر أن قتال الحاصر جائز قال في التوضيح : قال ابن هارون : والصواب جواز قتال الحاصر ( تنبيهات الأول ) : محل الخلاف ما إذا لم يبدءوا الحاصر بالقتال ، فإذا بدأ به جاز قال ابن عرفة : قتال الحاصر البادئ به جهاد ، وإن كان مسلما وفي قتاله غير بادئه نقلا سند وابن الحاجب مع ابن شاس عن المذهب ، والأول أصوب إن كان الحاصر بغير مكة ، وإن كان بها ، فالأظهر نقل ابن شاس لحديث إنما أحلت لي ساعة من النهار وقول ابن هارون : والصواب جواز قتال الحاصر ، وأظن أني رأيته لبعض أصحابنا نصا ، وقد قاتل ابن الزبير ومن معه من الصحابة ، وقاتل أهل المدينة عقبة يرد بأن الحجاج وعقبة بدآ به وكانوا يطلبون النفس ونقله عن بعض أصحابنا لا أعرفه إلا قول ابن العربي إن ثار بها أحد ، واعتدى على الله قوتل لقوله تعالى { حتى يقاتلوكم فيه } انتهى .

                                                                                                                            ( قلت ) قوله : والأول أصوب إن كان الحاصر بغير مكة يريد ، وهو في الحرم ، وأما لو كان بغير الحرم ، فلا يختلف في جواز قتاله ، واعتراضه على ابن هارون غير ظاهر ; لأنه قد نقل عن سند جوازه ، ونقل المصنف في التوضيح جوازه عن صاحب الكافي وكلام ابن العربي كاف في ذلك أيضا ، وأما حديث إنما أحلت لي ساعة من نهار ، فيجاب عنه وعما في معناه من الأحاديث الدالة على منع القتال بها بما ذكره النووي عن الشافعي أن معناه يحرم نصب القتال وقتالهم بما يعم كالمنجنيق إذا أمكن صلاح الحال بدون ذلك هكذا ذكر عنه في التوضيح ( الثاني ) : قال سند بعد أن ذكر جواز القتال ما نصه : فإن كانت القوة والكثرة للمسلمين استحب لهم قتالهم ، وإن كانت الكثرة للكفار ، فلا يستحب للمسلمين فتح قتالهم إذ ربما أدى ذلك إلى وهن على المسلمين ، ثم قال : وإن كان الصادون مسلمين فهم في القتال كالكفار ; لأنهم ظلمة باغون قال الشافعي : والأولى أن يتحللوا ، ولا يقاتلوهم ، ولا يقتلوا الحجاج فيهم ، وإن كان الحجاج أقوى انتهى .

                                                                                                                            ( الثالث ) : قال سند : إذا بذل الحاصر الكافر الطريق للمسلمين من غير جعل ، فإن وثقوا بعهودهم لم يتحللوا ، وإن خافوا جاز لهم التحلل ، وقال : في الحاصر المسلم إذا بذلوا التخلية من غير جعل ، فإن وثق بقولهم لزم المضي في الإحرام ، وإن لم يثقوا تثبتوا حتى ينظروا في ذلك .

                                                                                                                            ( الرابع ) : قال سند : إن رأوا أن يقاتلوا الصادين جاز لهم لبس الدروع والجواشن والجآذر ، وما يحتاجون إليه من ذلك ، وعليهم الفدية كما في لباس المحرم ما يحتاج إليه من حر أو برد انتهى

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية