الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فرع ) ، وأما الأمة المخدمة فإن كان مرجعها إلى حرية ; فليس له جبرها ولا يزوجها إلا برضاها قال في النوادر : يريد ورضى المخدم وليس ذلك للمخدم قاله في ترجمة من يكره على النكاح ممن فيه بقية رق وانظره في رسم الأقضية من سماع عيسى من كتاب النكاح ونص ما في النوادر قال مالك فيمن أخدم أمته رجلا ومرجعها إلى حرية بعد الأجل ولا يزوجها إلا برضاها يريد ورضى المخدم وليس ذلك للمخدم أيضا انتهى .

                                                                                                                            ففهم منه إذا أخدمها مرة ومرجعها إليه فليس له أن لا يزوجها إلا برضا المخدم والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( لا عكسه )

                                                                                                                            ش : يحتمل أن يريد لا يجبر السيد على تزويج العبد والأمة إلا إذا قصد الإضرار وقاله ابن عبد السلام وتبعه في التوضيح ويكون عكسها من كل وجه ومعنى جبره ما أشار إليه في التوضيح أنه يؤمر بالتزويج ، أو البيع ويحتمل أن يريد أن لا يجبر على زواجهما إن احتاجا وإن قصد إضرارهما ونص كلام التوضيح عند قول ابن الحاجب فالمالك يجبر الأمة والعبد ولا يجبر هو لهما قوله ولا يجبر هو لهما أي إذا طلبا الزواج وأبى هو ذلك فلا يجبر ; لأنه يتضرر بالتزويج قال مالك في الموازية : وإن تبين أن العبد والمكاتب محتاجان إلى النكاح وأن السيد ضار بهما فلا يقضى على السيد بنكاحهما عبد الحميد واختلف الناس في هذه المسألة وكان بعض الشيوخ يقول : الصواب عندي أن القول قول العبد لاشتداد الضرر به ; إذ ذاك ضرر في الدين وضرر في الدنيا وكان بعض المذاكرين يقول : انظر إلى ما قاله ابن خويز منداد في الحر إذا كان لا قدرة له على التسري وله حاجة إلى النكاح يخاف منه العنت أن النكاح واجب عليه وإذا كان واجبا فالعبد يشاركه فيها ولأن بعض أصحابنا أوجبه للأب على ابنه انتهى .

                                                                                                                            والظاهر أنه يؤمر بالتزويج ، أو البيع لقوله عليه الصلاة والسلام { لا ضرر ولا ضرار } انتهى كلام التوضيح وقال في العتبية في رسم شك في طوافه من سماع ابن القاسم من كتاب السلطان وسئل مالك عن العبد يشكو العزبة فيسأل سيده أن يبيعه لذلك ويقول : وجدت موضعا ليس على سيده أن يبيعه ولو جاز ذلك لقال ذلك المخدم قال ابن رشد : وهذا كما قال إنه ليس على الرجل واجب أن يبيع عبده ممن يزوجه إذا سأله ذلك وشكا العزبة وإنما يرغب في ذلك ويندب وليس امتناعه منه من الضرر الذي يجب به بيعه عليه ، كما ليس عليه أن يزوجه واجبا إذا سأله ذلك ; لأن قول الله عز وجل { وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم } ليس على الوجوب إنما هو أمر بالإنكاح على سبيل الحض والترغيب وإنما يباع عليه إذا ظهر ضرره من تجويعه وتعريته وتكليفه من العمل ما لا يطيق وضربه في غير الحق إذا تكرر منه ذلك ، أو كان شديدا منهكا وهذا مما لا أعلم فيه اختلافا انتهى .

                                                                                                                            ونقل في النوادر كلام العتبية في آخر كتاب الأقضية الثاني في ترجمة الرفق بالمملوك .

                                                                                                                            والنهك المبالغة في العقوبة قال في الصحاح نهكه السلطان عقوبة ينهكه نهكا ونهكة إذا بالغ في عقوبته انتهى والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية