الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فإذا بلغوا المشعر ) مأخوذ من الشعيرة ، وهي العلامة ( الحرام ) أي : المحرم فيه الصيد وغيره ، أو ذا الحرمة الأكيدة ، وهو البناء الموجود الآن بمزدلفة خلافا لمن أنكره ( وقفوا ) مستقبلين القبلة ذاكرين والأولى أن يكون الوقوف عليه حيث لا تأذي ولا إيذاء للزحمة ثم وإلا فتحته ( ودعوا ) وتصدقوا وأعتقوا ( إلى الإسفار ) للاتباع رواه مسلم ويحصل أصل السنة بالوقوف بغيره من مزدلفة بل وبالمرور ( ثم ) عقب الإسفار لكراهة التأخير إلى الطلوع ( يسيرون ) إلى منى بسكينة ووقار [ ص: 117 ] ذاكرين وملبين ومن وجد منهم فرجة أسرع فإذا بلغوا بطن محسر ، وهو أعني محسرا ما بين مزدلفة ومنى وبطنه مسيل فيه أسرع الماشي جهده وحرك الراكب دابته كذلك حيث لا ضرر حتى يقطع عرض ذلك المسيل ، وهو قدر رمية حجر للاتباع وحكمته أن أصحاب الفيل أهلكوا ثم على قول الأصح خلافه وأنهم لم يدخلوا الحرم ، وإنما أهلكوا قرب أوله ، أو أن رجلا اصطاد ثم فنزلت نار أحرقته ومن ثم تسميه أهل مكة وادي النار فهو لكونه محل نزول عذاب كديار ثمود التي صح أمره صلى الله عليه وسلم للمارين بها أن يسرعوا لئلا يصيبهم ما أصاب أهلها ومن ثم ينبغي الإسراع فيه لغير الحاج أيضا ، أو أن النصارى كانت تقف ثم فأمرنا بالمبالغة في مخالفتهم ( فيصلون منى بعد طلوع الشمس ) وارتفاعها كرمح ( فيرمي كل شخص ) منهم ( حينئذ ) أي : حين إذا وصلها راكبا ، أو ماشيا من غير تعريج على غير الرمي ؛ لأنه تحية منى وهذا أعني كونه عقب ارتفاعها كرمح أفضل أوقات الرمي للاتباع فمن وصل قبله هل يغلب كونه تحية فيرمي أو يراعي الوقت الفاضل فيؤخر إليه كل محتمل وقضية ما مر في الضعفة الثاني ( سبع حصيات إلى جمرة العقبة ) للاتباع رواه مسلم ويجب رميها من بطن الوادي ولا يجوز من أعلى الجبل خلفها وكثير من العامة [ ص: 118 ] يفعلونه فيرجعون بلا رمي ما لم يقلدوا القائل به ويسن أن يجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه ويستقبلها حالة الرمي للاتباع ويختص هذا بيوم النحر لتميزها فيه بخلاف بقية أيام التشريق ، فإن السنة استقباله للقبلة في رمي الكل ( تنبيه ) هذه الجمرة ليست من منى بل ولا عقبتها كما قاله الشافعي والأصحاب خلافا لجمع كما بينته في الحاشية

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وهو أعني محسرا ما بين مزدلفة ومنى ) في حاشية السيد وقد قدم المصنف أن وادي محسر ليس من منى ثم ذكر السيد أن لفظ رواية مسلم تدل على أنه من منى وساقها ثم قال ولهذا قال المحب الطبري إن في حديث الفضل بن عباس ما يدل على أن وادي محسر من منى ونقل صاحب المطالع ما يدل على أن بعضه من منى وبعضه من مزدلفة وصوب ذلك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ويجب رميها من بطن الوادي ) أي أن [ ص: 118 ] يقع رميها في بطن الوادي ، وإن كان الرامي في غيره كما هو ظاهر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أو ذا الحرمة إلخ ) أي الممنوع من انتهاكه جاهلية وإسلاما ع ش ( قوله : وهو البناء إلخ ) عبارة النهاية والمغني ، وهو بفتح الميم في الأشهر وحكي كسرها جبل صغير آخر المزدلفة اسمه قزح بضم القاف وبالزاي وسمي مشعرا لما فيه من الشعار ، وهي معالم الدين ا هـ زاد الونائي عليه البناء الموجود الآن ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله مستقبلين ) إلى قوله وحكمته في النهاية إلا قوله وتصدقوا وأعتقوا وإلى قول المتن فيصلون إلخ في المغني إلا ما ذكر وقوله على قوله إلى أو أن رجلا وقوله ومن ثم يسميه إلى أو أن البيضاوي ( قوله : ذاكرين ) ويكثرون من قولهم { ربنا آتنا في الدنيا حسنة } الآية ومن جملة ذكره الله أكبر ثلاثا لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد نهاية ومغني ( قوله : وإلا فتحته ) أي إن أمكن وإلا بعدوا ونائي قول المتن ( ودعوا ) ومن جملة دعائه اللهم كما أوقفتنا فيه وأريتنا إياه فوفقنا لذكرك كما هديتنا واغفر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك وقولك الحق { فإذا [ ص: 117 ] أفضتم من عرفات } إلى قوله { واستغفروا الله إن الله غفور رحيم } نهاية ومغني ( قوله : بطن محسر ) بضم الميم وفتح الحاء المهملة وكسر السين المهملة المشددة وراء مغني ( قوله : وهو أعني محسرا إلخ ) وفي حاشية السيد وقد قدم المصنف أن وادي محسر ليس من منى ثم ذكر السيد أن لفظ رواية مسلم تدل على أنه من منى وساقها ثم قال ولهذا قال المحب الطبري إن في حديث الفضل بن عباس ما يدل على أن وادي محسر من منى ونقل صاحب المطالع ما يدل على أن بعضه من منى وبعضه من مزدلفة وصوب ذلك انتهى ا هـ سم ( قوله : ما بين مزدلفة ومنى ) قال الأزرقي وادي محسر خمسمائة ذراع وخمسة وأربعون ذراعا مغني ( قوله : أسرع الماشي إلخ ) أي ، وإن لم يجد فرجة وهذا الإسراع للذكر ونائي ( قوله : وأنهم إلخ ) عطف على خلافه ( قوله : على قول ) أقره المغني وجرى عليه المصنف في شرح مسلم ( قوله : قرب أوله ) أي أول الحرم ( قوله : أو أن رجلا إلخ ) عطف على أن أصحاب إلخ ( قوله : لغير الحاج ) بل وللحاج في حال الذهاب ، وهو متجه من حيث المعنى إن صح نزول النار به على الصائد نعم قد يبعده أنه لم يرد عنه صلى الله عليه وسلم الإسراع في حال الذهاب اللهم إلا أن يقال تركه بيانا للجواز بصري قول المتن ( فيصلون منى إلخ ) ويحسن كما قال ابن الملقن إذا وصل منى أن يقول ما روي عن بعض السلف اللهم هذه منى قد أتيتها وأنا عبدك وابن عبدك أسألك أن تمن علي بما مننت به على أوليائك اللهم إني أعوذ بك من الحرمان والمصيبة في ديني يا أرحم الراحمين قال وروي أن ابن مسعود وابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنهما لما رميا جمرة العقبة قالا اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا مغني ونهاية قول المتن ( بعد طلوع الشمس ) أي وارتفاعها قدر رمح نهاية ومغني ( قوله : راكبا ) إلى قوله وهذا في النهاية والمغني ( قوله : من غير تعريج ) أي من غير ميل كردي ( قوله : لأنه تحية منى ) أي فلا يبتدأ فيها بغيره نهاية ومغني زاد الونائي إلا لعذر كزحمة وخوف على نحو محرم وانتظار وقت فضيلة ا هـ . ( قوله : وقضية ما مر إلخ ) هو قوله فالسنة لهم تأخيره إلخ كردي قول المتن ( إلى جمرة العقبة ) وتسمى الجمرة الكبرى أيضا وليست من منى بل منى من الجانب الغربي جهة مكة مغني ونهاية وقال في المغني في محل آخر وليست من منى بل هي حد منى تنتهي إليها بصري ( قوله : ويجب رميها من بطن الوادي ) أي أن يقع رميها في بطن الوادي ، وإن كان الرامي في غيره كما هو ظاهر سم أي وبهذا التأويل يوافق كلامه كلام غيره والسنة أن يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي وقد يأبى عن هذا التأويل قوله الآتي وكثير من العامة إلخ المقتضي أن مراد الشارح يخلفها بطن الوادي ، وإنما سماه خلف الجمرة أي شاخصها نظرا لموقف الرامي ( قوله : ولا يجوز من أعلى الجبل ) اقتصر عليه الشارح في شرح بافضل وقال الكردي في حاشيته قوله من أعلاها أي إلى خلفها أما إذا رمى من أعلاها إلى المرمى ، فإنه يكفي خلافا لما فهم منه هذه العبارة ونحوها عدم الإجزاء فقد صرح بالإجزاء في الإيعاب وقال القسطلاني في شرح البخاري اتفقوا على أنه من حيث رماها جاز سواء استقبلها أو جعلها عن يمينه أو يساره أو من فوقها أو من أسفلها أو وسطها والاختلاف في الأفضل انتهى بحروفه ونقل النووي في شرح مسلم الإجماع على الجواز وصرح بالحكم الذي ذكرته ابن الأثير في شرح مسند الشافعي والزركشي في الخادم وغيرهما فلا ينبغي التوقف فيه وقد أشبعت الكلام على ذلك في بعض الفتاوى ا هـ وتقدم عن سم آنفا ما يوافقه ( قوله : وكثير من العامة [ ص: 118 ] يفعلونه ) لعله في زمنه وإلا فالموجود في زمننا رمي بعض العامة من أعلى الجبل إلى بطن الوادي وتقدم أنه جائز وخلاف السنة .

                                                                                                                              ( قوله : ما لم يقلدوا القائل به ) قضيته أن بعض الأئمة يجوز الرمي من أعلى الجبل إلى خلف الشاخص فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله : ويسن ) إلى قوله وقضيته إلخ في النهاية والمغني إلا قوله ولا عقبتها إلى المتن




                                                                                                                              الخدمات العلمية