الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولها لبس المخيط ) إجماعا ( إلا القفاز ) في اليدين أو إحداهما فيحرم عليها كالرجل لبسهما أو لبسه وتلزمهما الفدية ( في الأظهر ) للنهي عنهما في الحديث الصحيح لكن أعل بأنه من قول الراوي ومن ثم انتصر للمقابل بأن عليه أكثر أهل العلم والقفاز شيء يعمل لليد يحشى بقطن ويزر بأزرار على الساعد ليقيها من البرد والمراد هنا المحشو والمزرور وغيرهما ولها لف خرقة بشد أو غيره على يديها ولو لغير حاجة إذ لا يشبه القفاز بل لو لفها الرجل على نحو يده أو رجله لم يأثم إلا أن يعقدها أو يشدها أو يخيطها [ ص: 166 ] وليس للخنثى ستر وجهه بمخيط ولا بغيره مع رأسه في إحرام واحد لتيقن سبب التحريم والفدية حينئذ ، وإلا فلا كما بينته مع فروع أخرى في الحاشية ويؤخذ من التعليل بالتيقن المذكور أنه لو ستر وجهه ولبس المخيط في إحرام واحد لزمته الفدية لتحقق موجبها هنا أيضا ولو ستر رأسه ثم اتضح بالذكورة أو وجهه ثم اتضح بالأنوثة فهل تلزمه الفدية عملا بما في نفس الأمر أو لا ؛ لأن شرط الحرمة والفدية العلم بتحريمه عليه حالة فعله ولم يوجد كل محتمل والأقرب الثاني ويفرق بينه وبين ستره في الصلاة كرجل ثم بان رجلا فإنه يلزمه القضاء على ما في الروضة بأنه ثم شاك حال النية في حصول الستر الواجب فأثر ، والشك هنا لا يؤثر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن : ولها لبس المخيط ) أي ومنه الخف ( قوله : في اليدين ) أخرج الرجلين وانظر أصبع أو أصابع اليدين . ( قوله : أو غيره ) يشمل العقد ( قوله : إلا أن يعقدها إلخ ) لما قرر الإيضاح حكم المرأة في مسألة الخرقة المذكورة قال الشارح في حاشيته وما ذكره هو المعتمد بناء على أن تحريم القفاز عليها كونه ملبوس عضو ليس بعورة فأشبه خف الرجل ، وهو الأصح ثم قال ومن البناء أي وقد يؤخذ من البناء المذكور أن الرجل مثلها في لف الخرقة ، ويؤيده ما مر من أنه لو شق إزاره ولف على كل ساق نصفا لم يحرم إلا إن عقده إلى أن قال ثم رأيت ما قدمته عن المجموع في الشجة وهو صريح في جواز الشد له أيضا فالفرق بضيق باب اللبس في حقه دونها غفلة عن هذا . ا هـ . ما في الحاشية لكن مثل صاحب البهجة لما يحرم على الرجل بقوله ككيس لحية ولف يده أو ساقه بمئزر وعقده . ا هـ .

                                                                                                                              وهو موافق لما في الشرح هنا وللفرق المذكور ، والفرق لشيخ الإسلام في شرحها [ ص: 166 ] قوله : وليس للخنثى ستر وجهه بمخيط ولا بغيره إلخ ) عبارة شرح المنهج وليس للخنثى ستر الوجه مع الرأس أو بدونه ولا كشفهما فلو سترهما لزمته الفدية لستر ما ليس له ستره لا إن ستر الوجه أي للشك ، والفدية لا تجب بالشك أو كشفهما ، وإن أثم فيهما . ا هـ . وحاصله معاملته معاملة الأنثى في وجوب ستر رأسه وكشف وجهه وفي شرح الروض قال في المجموع ويستحب أن لا يستر بالمخيط لجواز كونه رجلا ويمكنه ستره بغيره هكذا ذكره جمهور الأصحاب إلى آخر ما أطال به شرح الروض وينبغي أن الإثم بكشفهما من حيث العورة حتى لو خلا عن الأجانب فلا إثم .

                                                                                                                              ( فرع ) وقع على بدنه طيب لو أزاله ذهبت ماليته ينبغي جواز بقائه مع الفدية لا يقال وينبغي وجوب إزالته كما يجب إرسال الصيد المملوك ؛ لأن الصيد يزول ملكه عنه بخلاف الطيب م ر . ( قوله : بأنه ثم شاك حال النية إلخ ) قضيته أنه لو استتر كامرأة حال النية ثم كرجل بعد النية لم يجب القضاء والظاهر خلافه ؛ لأن الشك يؤثر في النية في جميع الصلاة .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولها لبس المخيط ) أي ومنه الخف سم نهاية ومغني قول المتن ( إلا القفاز إلخ ) عبارة النهاية والمغني ولها لبس المخيط وغيره في الرأس وغيره إلا القفاز . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : في اليدين ) إلى قوله بل لو لفها في النهاية والمغني إلا قوله لكن أعل إلى والقفاز ( قوله : لبسهما ) أي القفازين ( أو لبسه ) أي القفاز ويحتمل أن الضمير الأول للكفين والثاني للكف عبارة النهاية والمغني فليس لها ستر الكفين ولا أحدهما به . ا هـ . وهي أحسن قول المتن ( في الأظهر ) والثاني يجوز لها لبسهما لما رواه الشافعي في الأم عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يأمر بناته بلبسهما في الإحرام مغني ( قوله : عنهما ) أي عن لبس القفازين نهاية ومغني فكلام الشارح على حذف المضاف ( قوله : بأنه ) أي النهي عن لبس القفازين ( قوله : وتلزمهما ) أي الرجل والمرأة ( قوله : ولها لف خرقة إلخ ) أي ستر يدها بغير القفاز ككم وخرقة لفتها عليها بشد أو غيره نهاية ( قوله : بل لو لفها إلخ ) عبارة النهاية والرجل مثلها في مجرد لف الخرقة . ا هـ . قال ع ش أي في لفها مع الشد . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو غيره ) يشمل العقد سم ( قوله : أو يشدها ) قال في حاشية الإيضاح بعد كلام وقد يؤخذ منه أن الرجل مثلها في لف الخرقة إلى أن قال ثم رأيت ما قدمته عن المجموع في الشجة وهو صريح في جواز الشد له أيضا فالفرق بضيق باب اللبس في حقه دونها غفلة عن هذا انتهى لكن مثل صاحب البهجة لما يحرم على الرجل بقوله ككيس لحية ولف يده أو ساقه بمئزر وعقده . ا هـ . وهو موافق لما في الشرح هنا وللفرق المذكور وهو لشيخ الإسلام في شرحها سم وقوله : وهو موافق إلخ لك أن تمنعه بأن اقتصار صاحب [ ص: 166 ] البهجة على العقد قد يفهم جواز الشد فيوافق ما مر عن المجموع .

                                                                                                                              ( قوله : وليس إلخ ) عبارة النهاية والمغني ويحرم على الخنثى المشكل ستر وجهه مع رأسه وتلزمه الفدية وليس له ستر وجهه مع كشف رأسه خلافا لمقتضى كلام ابن المقري في روضه ولا فدية عليه إذ لا نوجبها بالشك . نعم لو أحرم بغير حضرة الأجانب جاز له كشف رأسه كما لو لم يكن محرما قال في المجموع ويسن أن لا يستتر بالمخيط لجواز كونه رجلا ويمكنه ستره بغيره هكذا ذكره جمهور الأصحاب وفي أحكام الخناثى لابن المسلم ما حاصله أنه يجب عليه أن يستر رأسه ، وأن يكشف وجهه ، وأن يستر بدنه إلا بالمخيط فإنه يحرم عليه احتياطا قال الأذرعي كالإسنوي وما قاله حسن . انتهى .

                                                                                                                              ولكنه مخالف لما مر عن المجموع ا هـ قال ع ش قوله : ولكنه مخالف لما مر عن المجموع أي والمعتمد ما في المجموع . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : مع رأسه ) عبارة شرح المنهج وليس للخنثى ستر الوجه مع الرأس أو بدونه ولا كشفهما فلو سترهما لزمته الفدية لستره ما ليس له ستره لا إن ستر الوجه أي للشك والفدية لا تجب بالشك أو كشفهما ، وإن أثم فيهما . انتهى .

                                                                                                                              وحاصله معاملته معاملة الأنثى في وجوب ستر رأسه وكشف وجهه وينبغي أن الإثم بكشفهما من حيث العورة حتى لو خلا عن الأجانب فلا إثم سم وقوله : وينبغي إلخ تقدم عن النهاية والمغني ما يوافقه . ( قوله : في إحرام واحد ) كذا في شرحي الإرشاد والحاشية وخالف في شرح العباب فقال في إحرام واحد أو لا . ا هـ . وظاهر النهاية والمغني موافقته حيث أطلقا ولم يقيدا بوحدة الإحرام ونائي ( قوله : ويؤخذ من التعليل إلخ ) أقره ع ش وجزم بذلك الونائي .

                                                                                                                              ( قوله : والأقرب الثاني ) أي عدم لزوم الفدية ( قوله : بان رجلا ) أي وبالأولى إذا بان أنثى ( قوله : بأنه شاك حال النية ) قضيته أنه لو استتر كامرأة حال النية ثم كرجل فيما بعد النية لم يجب القضاء والظاهر خلافه ؛ لأن الشك يؤثر في النية في جميع الصلاة سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية