الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فإن لم يرهن ) المشتري أو جاء برهن غير المعين ولو أعلى قيمة منه كما شمله إطلاقهم أن الأعيان لا تقبل الإبدال لتفاوت الأغراض بذواتها أو لم يشهد ( أو لم يتكفل المعين ) وإن أقام له المشتري ضامنا آخر ثقة ( فللبائع الخيار ) لفوات ما شرطه وهو على الفور لأنه خيار نقص ويتخير فورا أيضا فيما إذا لم يقبضه الرهن لهلاكه أو غيره كتخمره أو تعلق برقبته أرش جناية أو ظهر به عيب قديم [ ص: 300 ] كولد للمشروط رهنها وكظهور المشروط رهنه جانيا وإن عفي عنه مجانا أو فدي ولو قاب على الأوجه لأن نقص قيمته لا ينجبر بما حدث بعد جنايته من نحو عفو وتوبة كما يأتي لا إن مات بمرض سابق أو كان عينين وتسلم إحداهما فماتت أو تعينت وامتنع الراهن من تسليم الأخرى .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : مجانا ) ظاهره وإن كان جاهلا وقوله : الآتي لعذره يقتضي أنه في الجاهل ( قوله : لأنه أمر إلخ ) هذا بإطلاقة مكابرة ظاهرة إذ لا شبهة إذا كان التأجيل بمائتي سنة مثلا في تيقن العاقدين عند العقد السقوط إذا كان كل قد بلغ مائة سنة مثلا لتيقنهما أنهما لا يعيشان المائتين أيضا فليتأمل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لمن يعلم عادة إلخ ) لعل المراد بالعلم هنا الظن وإلا لم تصح الملازمة في قوله وإلا لم يصح البيع إلخ أي ولو نظر إلى غير المتيقن لم يصح البيع إلخ ولنا في ذلك ما أفاده قوله : لأنه أمر غير متيقن من الضرر في المتيقن ( قوله : وكونه غير المبيع ) فيفسد بشرط رهنه إياه بقي ما لو لم يشرط رهنه لكنه أراد رهنه بالثمن وقد ذكره في التنبيه في [ ص: 298 ] باب الرهن فقال وإن رهنه بثمنه لم يجز قال ابن النقيب في شرحه أي إذا كان للبائع حق الحبس لأنه محبوس به فلا يجوز رهنه كرهن المرهون ولك أن تقول ينبغي أن يجوز ويتقوى أحد الحبسين بالآخر أما إذا لم يكن له حق الحبس بأن كان الثمن مؤجلا أو حالا وقلنا البداءة بالتسليم بالبائع فهو كرهنه عنده بغير الثمن ا هـ أي فيأتي فيه ما يأتي عند قول المصنف في باب المبيع قبل قبضه وإن الإجارة والرهن والهبة كالبيع من الاختلاف في شمول منع الرهن للرهن من البائع والمعتمد المنع من البائع مطلقا ( قوله : بشرط رهنه ) وأما إذا رهنه عنده بغير شرط فسيأتي في قول المصنف وأن الإجارة والرهن والهبة كالبيع فإنه شامل للرهن من البائع أي كما مر ( قوله : أو باسمه ونسبه ) كان المراد أنهما يعرفان ذلك المسمى المنسوب وإلا كان من قبيل الغائب المجهول ( قوله : قد يكون مفرده مذكرا ) قد صرحوا بأن وصف المذكر الذي لا يعقل مما يجمع بالألف والتاء قياسا والمعين هنا وصف لمذكر لا يعقل ولو بالتغليب فلا إشكال أصلا في جمعه بالألف والتاء ولا حاجة إلى ما تكلفه الشارح في توجيه التأنيث فراجع كلام النحاة ( قول المصنف لثمن في الذمة ) في التصحيح ما نصه ولا يستقيم في [ ص: 299 ] مسألة شرط الكفيل اعتبار كون الثمن في الذمة لأن الأصح صحة ضمان العين المبيعة فكذا الثمن المعين .

                                                                                                                              ( قوله : ومقتضى ) مبتدأ خبره ترجيحه وقوله : قاعدة الشافعي قضية هذه القاعدة أن يتأجل في حق المشتري وإن لم يضمنه زيد بخلاف المفهوم من قوله وإذا ضمنه زيد إلخ ( قوله : ترجيحه ) خالف في شرح العباب فقال والذي يتجه أنه لا يتأجل لأنه لا ملازمة بين الأصيل والضامن في الحلول والتأجيل فلا يلزم من اشتراط الأجل في حق الضامن اشتراطه في حق الأصيل وصورة المسألة أن زيدا أنشأ بعد البيع ضمانا مستقلا إلى شهر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : الثلاثة ) أي الأجل والرهن والكفيل ( قوله : لم يتعينوا ) قال في شرح الروض فيجوز إبدالهم بمثلهم أو فوقهم في الصفات وقد يقال قياس قوله ولا نظر لتفاوت الأغراض إلخ جواز إبدالهم بدونهم ( قوله : أو لم يشهد ) قال في شرح الروض من شرط عليه الإشهاد كأن مات قبله ا هـ وظاهر قوله كأن مات قبله أنه لا يقوم وارثه مقامه وفيه نظر ( قول المصنف فللبائع الخيار ) قال في شرح الروض ولا يجبر من شرط عليه ذلك على القيام بما شرط لزوال الضرر بالفسخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو تعلق برقبته إلخ ) أي قبل القبض كما هو ظاهر ( قوله : [ ص: 300 ] لا إن مات ) أي بعد القبض وقوله : بمرض سابق بخلاف غير المرض قال في العباب كشرح الروض أو تلف بعده أي القبض بسبب سابق أي يتخير بذلك ( قوله : وامتنع الراهن من تسليم الأخرى ) قال في العباب لتعذر رده بحاله ا هـ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : إذ الأعيان لا تقبل الإبدال ) أي فلا يجبر على قبول بدل ما شرط رهنه ولو أعلى قيمة أما لو تراضيا بالإبدال وأسقط البائع الخيار فيصح ويكون رهن تبرع ومن فوائده أنه لو امتنع من إقباضه أو بان معيبا لم يثبت الخيار للبائع ا هـ ع ش ( قوله : أو لم يشهد ) أي من شرط عليه الإشهاد كأن مات قبله نهاية ومغني قال ع ش وكذا لو امتنع من الاعتراف بالحق عند الشهود وظاهره أنه لا يقوم وارثه مقامه وفيه نظر إذ المقصود من الشهود ثبوت الحق وإقرار الوارث بشراء مورثه وإشهاده عليه كإشهاد المورث في إثبات الحق فالقياس الصحة ووقع السؤال عما لو اشترى مجوسية بشرط عدم الوطء هل يصح البيع أم لا والجواب عنه أنه إن شرط عدم الوطء مطلقا لم يصح أو ما دام المانع قائما بها صح أخذا مما لو باعه ثوب حرير بشرط أن لا يلبسه إلى آخر ما يأتي ا هـ قول المتن ( أو لم يتكفل المعين ) بأن امتنع أو مات قبله نهاية ومغني قال ع ش أي أو أعسر على ما قاله الإسنوي إنه القياس سم على منهج وسيأتي في كلام الشارح ا هـ قول المصنف ( فللبائع الخيار ) أي إن شرط له وإن شرط للمشتري فله عند فوات المشروط من جهة البائع ولا يجبر من شرط عليه ذلك على القيام بما شرط لزوال الضرر بالفسخ نهاية ومغني وأسنى ( قوله : وهو ) أي الخيار ( وقوله : كتخمره ) أي فلو تخلل قبل فسخ البائع فينبغي أن يقال إن لم تنقص قيمته خلا عن قيمته عصيرا لم يتخير وإلا تخير ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : أو تعلق ) إلخ أي قبل القبض كما هو ظاهر سم على حج وهو مستفاد من كلام الشارح لأن قوله وغيره عطف على هلاكه ( وقوله : كتخمره أو تعلق ) أمثلة له ( وقوله : لهلاكه ) متعلق بيقبضه ا هـ ع ش والأظهر أن قوله أو تعلق كقوله أو ظهر عطف على قوله لم يقبضه فيحتاج إلى ما قدره سم ثم قوله : بيقبضه صوابه بلم يقبضه ( قوله : برقبته ) [ ص: 300 ] ظاهره وإن قل جدا ويوجه بأن تعلق الجناية به قد يورث نقصا في قيمته من حيث الجناية ا هـ ع ش ( قوله : كولد المشروط رهنها ) أي لأنه ربما يحتاج إلى البيع ويتعذر لحرمة التفريق بينها وبين ولدها ا هـ ع ش ( قوله : لا إن مات ) أي بعد القبض فلا خيار سم و ع ش ( قوله : بمرض سابق ) أي بخلاف غير المرض قال في العباب كشرح الروض أو تلف بعده أي القبض بسبب سابق أي يتخير بذلك ا هـ سم ( قوله : فماتت ) أي التي تسلمها ( قوله : وامتنع الراهن إلخ ) أي فلا خيار لأنا لو أثبتناه لقلنا له فسخ البيع ورد المرهون وهو غير مقدور على رده بموته ا هـ ع ش عبارة سم عن العباب لتعذر رده أي الذي تسلمه بحاله ا هـ . وهذا التعليل لشموله لصورتي الموت والتعيب معا أولى من تعليل ع ش ( قوله : من تسليم الأخرى ) وتغير حال الكفيل بإعسار أو غيره قبل تكفله أو تبين أنه قد كان تغير قبله ملحق بالرهن كما قاله الإسنوي أي فيثبت به الخيار ا هـ نهاية زاد المغني ولو علم المرتهن بالعيب بعد هلاك المرهون فلا خيار له لأن الفسخ إنما يثبت إذا أمكنه رد المرهون كما أخذه نعم إن كان الهلاك يوجب القيمة فأخذها المرتهن رهنا ثم علم بالعيب فله الخيار كما جزم به الماوردي ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية