الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن أبي حاتم ، وابن عساكر من طريق عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت قال : نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وقال عكرمة : من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه من طريق سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه عن عكرمة في قوله : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت . قال : ليس بالذي تذهبون إليه، إنما هو نساء النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن سعد عن عروة : ليذهب عنكم الرجس أهل البيت قال : يعني أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، نزلت في بيت عائشة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم والطبراني ، وابن مردويه ، [ ص: 37 ] عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بيتها، على منامة له عليه كساء خيبري فجاءت فاطمة ببرمة فيها خزيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ادعي زوجك وابنيك حسنا وحسينا" . فدعتهم، فبينما هم يأكلون إذ نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بفضلة كسائه فغشاهم إياها، ثم أخرج يده من الكساء وألوى بها إلى السماء، ثم قال : "اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا" . قالها ثلاث مرات، قالت أم سلمة : فأدخلت رأسي في الستر فقلت : يا رسول الله، وأنا معكم؟ فقال : "إنك إلى خير" مرتين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني عن أم سلمة قالت : جاءت فاطمة غدية بثريد لها تحملها في طبق لها حتى وضعتها بين يديه، فقال لها : "أين ابن عمك؟" قالت : هو في البيت، قال : "اذهبي فادعيه وائتني بابني" . فجاءت تقود ابنيها . كل واحد منهما في يد وعلي يمشي في إثرهما، حتى دخلوا على رسول [ ص: 38 ] الله صلى الله عليه وسلم فأجلسهما في حجره، وجلس علي عن يمينه، وجلست فاطمة عن يساره . قالت أم سلمة : فأخذت من تحتي كساء كان بساطنا على المنامة في البيت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة : ائتني بزوجك وابنيه . فجاءت بهم، فألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم كساء فدكيا، ثم وضع يده عليهم، ثم قال : "اللهم إن هؤلاء أهل محمد" - وفي لفظ : آل محمد- "فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد"، قالت أم سلمة : فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجبذه من يدي وقال : "إنك على خير" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن أم سلمة قالت : نزلت هذه الآية في بيتي : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا وفي البيت سبعة، جبريل وميكائيل، وعلي وفاطمة، والحسن، والحسين، وأنا على باب البيت . قلت : يا رسول الله، ألست من أهل البيت؟ قال : "إنك إلى خير، إنك من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، والخطيب، عن أبي سعيد الخدري قال : كان يوم أم [ ص: 39 ] سلمة أم المؤمنين، فنزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الآية : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا قال : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحسن وحسين وفاطمة وعلي، فضمهم إليه ونشر عليهم الثوب، والحجاب على أم سلمة مضروب، ثم قال : "اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا"، فقالت أم سلمة : فأين أنا؟ قال : "إنك إلى خير" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الترمذي وابن جرير ، والطبراني ، وابن مردويه عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم قال : لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت . في بيت أم سلمة فدعا فاطمة وحسنا وحسينا فجللهم بكساء، وعلي خلف ظهره، ثم قال : "اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " . قالت أم سلمة : فأنا معهم يا نبي الله؟ قال : "أنت على مكانك وأنت على خير" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الترمذي وصححه، وابن جرير ، وابن المنذر ، والحاكم وصححه، وابن مردويه ، والبيهقي في "سننه" من طرق، عن أم سلمة قالت : في بيتي نزلت : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت . وفي البيت فاطمة وعلي، والحسن، والحسين، فجللهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكساء [ ص: 40 ] كان عليه، ثم قال : "هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والطبراني عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "نزلت هذه الآية في خمسة، في وفي علي وفاطمة، وحسن، وحسين : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، ومسلم ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والحاكم عن عائشة قالت : خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن والحسين، فأدخلهما معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها معه، ثم جاء علي فأدخله معهم ثم قال : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 41 ] وأخرج ابن جرير والحاكم ، وابن مردويه ، عن سعد قال : نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، فأدخل عليا وفاطمة وابنيهما تحت ثوبه، ثم قال : "اللهم هؤلاء أهلي وأهل بيتي" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني والحاكم وصححه، والبيهقي في "سننه"، عن واثلة بن الأسقع قال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فاطمة ومعه حسن وحسين، وعلي، حتى دخل، فأدنى عليا وفاطمة، فأجلسهما بين يديه، وأجلس حسنا وحسينا، كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه وأنا مستدبرهم، ثم تلا هذه الآية : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت . وقال : "اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا" . قلت : يا رسول الله وأنا من أهلك؟ قال : وأنت من أهلي" . قال واثلة : إنه لأرجى ما أرجوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن سعد، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه ، عن الحسن بن علي قال : نحن أهل البيت الذي قال الله : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 42 ] وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، والترمذي وحسنه، وابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني ، والحاكم ، وصححه، وابن مردويه ، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر بباب فاطمة إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول : الصلاة يا أهل البيت، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مسلم عن زيد بن أرقم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أذكركم الله في أهل بيتي" فقيل : لزيد : ومن أهل بيته؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده؛ آل علي، وآل عقيل وآل جعفر، وآل عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحكيم الترمذي والطبراني ، وابن مردويه وأبو نعيم ، والبيهقي معا في “الدلائل” عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله قسم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما، فذلك قوله : وأصحاب اليمين [الواقعة : 27] و أصحاب الشمال [الواقعة : 41]، فأنا من أصحاب اليمين، وأنا خير أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثا، فجعلني في خيرها ثلثا، فذلك قوله : فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون [الواقعة : 8-10] . [ ص: 43 ] فأنا من السابقين وأنا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل، فجعلني في خيرها قبيلة، وذلك قوله . وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم [الحجرات : 13] . وأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله تعالى ولا فخر، ثم جعل القبائل بيوتا، فجعلني في خيرها بيتا، فذلك قوله : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا فأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت قال : هم أهل بيت طهرهم الله من السوء واختصهم برحمته .

                                                                                                                                                                                                                                      قال : وحدث الضحاك بن مزاحم، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : "نحن أهل البيت شجرة النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، وبيت الرحمة، ومعدن العلم" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : لما دخل علي بفاطمة، جاء النبي صلى الله عليه وسلم أربعين صباحا إلى بابها يقول : "السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، الصلاة رحمكم الله، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 44 ] وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه عن أبي الحمراء قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية أشهر بالمدينة، ليس من مرة يخرج إلى صلاة الغداة إلا أتى باب علي، فوضع يده على جنبتي الباب ثم قال : "الصلاة، الصلاة، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : شهدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أشهر يأتي كل يوم باب علي بن أبي طالب عند وقت كل صلاة فيقول : "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا . الصلاة رحمكم الله" كل يوم خمس مرات .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني عن أبي الحمراء قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي باب علي وفاطمة ستة أشهر فيقول : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا .

                                                                                                                                                                                                                                      -

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية