الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : يسألونك عن الخمر والميسر .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، وأبو داود ، والترمذي وصححه، والنسائي ، وأبو يعلى ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والنحاس في "ناسخه"، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، والحاكم وصححه، والبيهقي ، والضياء المقدسي في "المختارة"، عن عمر ، أنه قال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا؛ فإنها تذهب بالمال والعقل، فنزلت : يسألونك عن الخمر والميسر . التي في سورة "البقرة" فدعي عمر فقرئت عليه، فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت الآية التي في سورة "النساء" : [ ص: 545 ] يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى . فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة نادى أن : لا يقربن الصلاة سكران، فدعي عمر، فقرئت عليه، فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت الآية التي في "المائدة"، فدعي عمر، فقرئت عليه، فلما بلغ : فهل أنتم منتهون . قال عمر : انتهينا انتهينا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن أنس قال : كنا نشرب الخمر، فأنزلت : يسألونك عن الخمر والميسر الآية ، فقلنا : نشرب منها ما ينفعنا ، فأنزلت في "المائدة" : إنما الخمر والميسر ، الآية ، فقالوا : اللهم قد انتهينا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الخطيب في "تاريخه"، عن عائشة قالت : لما نزلت سورة "البقرة" نزل فيها تحريم الخمر، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن المسيب قال : إنما سميت الخمر؛ لأنها صفا صفوها، وسفل كدرها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو عبيد، والبخاري في "الأدب المفرد" ، وابن جرير ، وابن المنذر ، [ ص: 546 ] وابن أبي حاتم ، عن ابن عمر قال : الميسر القمار .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد قال : الميسر القمار، وإنما سمي الميسر لقولهم : أيسروا جزورا . كقولك : ضع كذا وكذا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والنحاس في "ناسخه"، عن ابن عباس في قوله : يسألونك عن الخمر والميسر . قال : الميسر القمار؛ كان الرجل في الجاهلية يخاطر عن أهله وماله، فأيهما قمر صاحبه ذهب بأهله وماله ، وفي قوله : قل فيهما إثم كبير . يعني : ما ينقص من الدين عند شربها، ومنافع للناس . يقول : فيما يصيبون من لذتها وفرحها إذا شربوها، وإثمهما أكبر من نفعهما . يقول : ما يذهب من الدين، والإثم فيه أكبر مما يصيبون من لذتها وفرحها إذا شربوها، فأنزل الله بعد ذلك : لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى الآية ، فكانوا لا يشربونها عند الصلاة، فإذا صلوا العشاء شربوها، فما يأتي الظهر حتى يذهب عنهم السكر، ثم إن ناسا من المسلمين شربوها، فقاتل بعضهم بعضا، وتكلموا بما لا يرضي الله من القول ، فأنزل الله : إنما الخمر والميسر والأنصاب [ ص: 547 ] الآية ، فحرم الخمر ونهى عنها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، والبيهقي ، عن ابن عباس في قوله : يسألونك عن الخمر الآية . قال : نسختها : إنما الخمر والميسر الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن مجاهد في قوله : قل فيهما إثم كبير

                                                                                                                                                                                                                                      قال : هذا أول ما عيبت به الخمر، ومنافع للناس . قال : ثمنها وما يصيبون من الجزور .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس قال : منافعهما قبل التحريم، وإثمهما بعد ما حرما .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية