الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ألم نخلقكم من ماء مهين الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : ألم نخلقكم من ماء مهين يعني بالمهين، الضعيف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله : من ماء مهين قال : ضعيف ، فجعلناه في قرار مكين قال : الرحم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 179 ] وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج فقدرنا فنعم القادرون قال : فملكنا فنعم المالكون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن الضحاك فقدرنا فنعم القادرون قال : فخلقنا فنعم المالكون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله ألم نجعل الأرض كفاتا قال : كنا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير عن مجاهد ألم نجعل الأرض كفاتا قال : تكفتهم أمواتا وتكف أذاهم أحياء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة في المصنف، وعبد بن حميد ، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي في "سننه" عن ابن مسعود أنه أخذ قملة فدفنها في المسجد ثم قرأ ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد ألم نجعل الأرض كفاتا قال : تكفت الميت ولا يرى منه شيء، وقوله : أحياء الرجل [ ص: 180 ] في بيته لا يرى من عمله شيء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله رواسي شامخات جبالا مشرفات وفي قوله فراتا عذبا بشرر كالقصر قال : كالقصر العظيم وفي قوله : جمالت صفر قال : قطع النحاس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد ظل ذي ثلاث شعب دخان جهنم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق عن الكلبي في قوله : ظل ذي ثلاث شعب قال : هو كقوله : نارا أحاط بهم سرادقها والسرادق الدخان دخان النار فأحاط بهم سرادقها ثم تفرق فكان ثلاث شعب شعبة هاهنا وشعبة هاهنا وشعبة هاهنا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن قتادة مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق والفريابي، وهناد، وعبد بن حميد ، والبخاري [ ص: 181 ] وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم، وابن مردويه من طريق عبد الرحمن بن عابس قال : سمعت ابن عباس يسأل عن قوله : إنها ترمي بشرر كالقصر قال : كنا نرفع الخشب بقصر ثلاثة أذرع أو أقل فنرفعه للشتاء فنسميه القصر، قال : وسمعته يسأل عن قوله : كأنه جمالت صفر قال : حبال السفن يجمع بعضها إلى بعض حتى تكون كأوساط الرجال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قرأها كالقصر بفتح القاف والصاد، قال : قصر النخل يعني الأعناق وكان يقرأ " جمالات " بضم الجيم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس كالقصر قال : كجذور الشجر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : كانت العرب تقول في الجاهلية : [ ص: 182 ] اقصروا لنا الحطب فيقطع على قدر الذراع والذراعين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط عن ابن مسعود في قوله : ترمي بشرر كالقصر قال : إنها ليست كالشجر والجبال ولكنها مثل المدائن والحصون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : كالقصر قال : هو القصر كأنه جمالت صفر قال : الإبل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن الأنباري في كتاب الأضداد عن الحسن في قوله : كأنه جمالت صفر قال : الصفر السود وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله : كالقصر قال : مثل قصر النخلة .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي قوله : جمالت صفر قال : هو الجسر وفي لفظ : كالحبال .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 183 ] وأخرج ابن جرير عن الضحاك في الآية قال : القصر أصول الشجر العظام كأنها أجواز الإبل الصفر، قال ابن جرير : وسط كل شيء جوزه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن هارون قال : قرأها الحسن " القصر " بجزم الصاد وقال : هو الجزل من الخشب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن الحسن كأنه جمالت صفر قال : كالنوق السود .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس كأنه جمالت صفر يقول : قطع النحاس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد في قوله : كالقصر قال : حزم الشجر وقطع النخل كأنه جمالت صفر قال : حبال الجسور .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة كالقصر قال : أصول الشجر وأصول النخل كأنه جمالت صفر قال : كأنه نوق سود .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 184 ] وأخرج عبد حميد عن عكرمة أنه كان يقرأ كالقصر قال : كقطعة النخلة الحادرة كأنه جمالت صفر قال : القلوص .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الصامت قال : قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص أرأيت قول الله : هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون قال : إن يوم القيامة يوم له حالات وتارات في حال لا ينطقون وفي حال ينطقون وفي حال يعتذرون لا أحدثكم إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان يوم القيامة ينزل الجبار في ظلل من الغمام وكل أمة جاثية في ثلاث حجب مسيرة كل حجاب خمسون ألف سنة حجاب من نور وحجاب من ظلمة وحجاب من ماء لا يرى لذلك فيأمر بذلك الماء فيعود في تلك الظلمة ولا تسمع نفس ذلك القول إلا ذهبت فعند ذلك لا ينطقون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه من طريق عكرمة قال : سأل نافع بن الأزرق ابن عباس عن قوله تعالى : هذا يوم لا ينطقون و فلا تسمع إلا همسا و " وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون " [ الصافات : 27 ، الطور : 25 ] . و هاؤم اقرءوا كتابيه فما هذا قال :

                                                                                                                                                                                                                                      ويحك! هل سألت عن هذا أحدا قبلي؟ قال : لا، قال : أما إنك لو كنت سألت هلكت [ ص: 185 ] أليس قال الله تعالى : وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون قال : بلى، قال : وإن لكل مقدار يوم من هذه الأيام لونا من الألوان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أنه سئل عن قوله : يوم كان مقداره خمسين ألف سنة قال : ألا أخبركم بأشد مما تسألون عنه؟ قال ابن عباس وذكر لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان فوربك لنسألنهم أجمعين و هذا يوم لا ينطقون قال ابن عباس : إنها أيام كثيرة في يوم واحد فيصنع الله فيها ما يشاء فمنها يوم لا ينطقون ومنها يوما عبوسا قمطريرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن أبي الضحى أن نافع بن الأزرق وعطية أتيا ابن عباس فقالا : يا ابن عباس أخبرنا عن قول الله : هذا يوم لا ينطقون وقوله : ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون وقوله : والله ربنا ما كنا مشركين وقوله : ولا يكتمون الله حديثا قال : ويحك يا ابن الأزرق إنه يوم طويل وفيه مواقف، تأتي عليهم ساعة لا ينطقون ثم يؤذن لهم فيختصمون ثم يمكثون ما شاء الله يحلفون ويجحدون فإذا فعلوا ذلك ختم الله على أفواههم ويأمر جوارحهم [ ص: 186 ] فتشهد على أعمالهم بما صنعوا ثم تنطق ألسنتهم فيشهدون على أنفسهم بما صنعوا، قال : وذلك قوله : ولا يكتمون الله حديثا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة، وابن المنذر عن أبي عبد الله الجدلي قال : أتيت بيت المقدس فإذا عبادة بن الصامت وعبد الله بن عمرو وكعب الأحبار يتحدثون في بيت المقدس فقال عبادة : إذا كان يوم القيامة جمع الناس في صعيد واحد فينفذهم البصر ويسمعهم الداعي ويقول الله هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين فإن كان لكم كيد فكيدون اليوم لا ينجو مني جبار عنيد ولا شيطان مريد، فقال عبد الله بن عمرو : إنا نجد في الكتاب أنه يخرج يومئذ عنق من النار فينطلق معنقا حتى إذا كان بين ظهراني الناس قال : يا أيها الناس إني بعثت إلى ثلاثة أنا أعرف بهم من الوالد بولده ومن الأخ بأخيه لا يغنيهم مني

                                                                                                                                                                                                                                      وزر ولا تخفيهم مني خافية : الذي جعل مع الله إلها آخر وكل جبار عنيد وكل شيطان مريد، قال : فينطوي عليهم فيقذفهم في النار قبل الحساب بأربعين، إما قال يوما وإما عاما، قال : ويهرع قوم إلى الجنة فتقول لهم الملائكة : قفوا للحساب .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 187 ] فيقولون : والله ما كانت لنا أموال وما كنا بعمال، فيقول الله : صدق عبادي أنا أحق من أوفى بعهده، ادخلوا الجنة، فيدخلون قبل الحساب بأربعين، إما قال يوما وإما عاما .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة في قوله : كلوا واشربوا هنيئا أي : لا موت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : كلوا وتمتعوا قليلا قال : عنى بذلك أهل الكفر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد وإذا قيل لهم اركعوا قال : صلوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون قال : عليكم بإحسان الركوع فإن الصلاة من الله بمكان، قال : وذكر لنا أن حذيفة رأى رجلا يصلي ولا يركع كأنه بعير [ ص: 188 ] نافر، قال : لو مات هذا ما مات على شيء من سنة الإسلام، قال : وحدثنا أن ابن مسعود رأى رجلا يصلي ولا يركع وآخر يجر إزاره فضحك، قالوا : ما يضحكك يا ابن مسعود؟ قال : أضحكني رجلان أحدهما لا ينظر الله إليه والآخر لا يقبل الله صلاته .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن ابن عباس وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون يقول : يدعون يوم القيامة إلى السجود فلا يستطيعون السجود من أجل أنهم لم يكونوا يسجدون لله في الدنيا

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية