الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( و ) يجب ( أن لا يمس عورة من بلغ سبع سنين ) لأن المس أعظم من النظر وكحال الحياة .

                                                                          وروي " أن عليا حين غسل النبي صلى الله عليه وسلم لف على يده خرقة حين غسل فرجه " ذكره المروزي عن أحمد ( ويسن أن لا يمس ) الغاسل ( سائره ) أي باقي بدن الميت ( إلا بخرقة ) قال في شرحه : لفعل علي مع النبي صلى الله عليه وسلم فحينئذ يعد الغاسل خرقتين ، إحداهما : للسبيلين والأخرى : لبقية بدنه .

                                                                          ( ثم ينوي ) الغاسل ( غسله ) لأنه طهارة تعبدية ، [ ص: 349 ] أشبه غسل الجنابة ( ويسمي ) وجوبا وتسقط سهوا كغسل الحي .

                                                                          ( و ) يسن ( أن يدخل ) الغاسل بعد غسل كفي الميت نصا ثلاثا ( إبهامه وسبابته عليهما خرقة مبلولة بماء بين شفتيه ) أي الميت ( فيمسح ) بها ( أسنانه ، و ) يدخلهما ( في منخريه فينظفهما ) نصا ، فيقوم مقام المضمضة والاستنشاق ، لحديث " { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } " ( ثم يوضئه ) استحبابا كاملا لحديث أم عطية مرفوعا في غسل ابنتها " { ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها } " رواه الجماعة ، وكغسل الجنابة ( ولا يدخل ) غاسل ( ماء في فمه ، ولا ) في ( أنفه ) أي الميت خشية تحريك النجاسة بدخول الماء إلى جوفه ( ثم يضرب سدرا ونحوه ) كخطمي ( فيغسل برغوته رأسه ولحيته فقط ) لأن الرأس أشرف الأعضاء ، ولهذا جعل كشفه شعار الإحرام وهو مجمع الحواس الشريفة ، والرغوة تزيل الدرن ولا تتعلق بالشعر فناسب أن تغسل بها اللحية ( ثم يغسل شقه الأيمن ثم ) شقه ( الأيسر ) لحديث " { ابدأن بميامنها } " وكغسل الحي يبدأ بصفحة عنقه ثم إلى الكتف ثم إلى الرجل ، ويقلبه على جنبه مع غسل شقه فيرفع جانبه الأيمن ويغسل ظهره ووركه .

                                                                          ويغسل جانبه الأيسر كذلك ولا يكبه على وجهه ( ثم يفيض الماء على جميع بدنه ) ليعمه الغسل ( ويثلث ذلك ) أي يكرره ثلاثا كغسل الحي ( إلا الوضوء ) ففي المرة الأولى فقط ( يمر ) الغاسل ( في كل مرة ) من الثلاث غسلات ( يده على بطنه ) أي الميت برفق ليخرج ما تخلف فلا يفسد الغسل بعد به .

                                                                          ( فإن لم ينق ) الميت ( بثلاث ) غسلات ( زاد ) في غسله ( حتى ينقى ، ولو جاوز السبع ) مرات لأنه المقصود ( وكرهاقتصار في غسل ) ميت ( على مرة ) واحدة لأنه لا يحصل بها كمال النظافة بخلاف الحي فإنه يرجع إلى الغسل ( إن لم يخرج شيء ) من الميت بعد المرة ، فإن خرج حرم الاقتصار عليها بل ما دام يخرج إلى السبع ( ولا يجب الفعل ) أي مباشرة الغسل ، كالحي ( فلو ترك ) ميت ( تحت ميزاب ونحوه ) مما ينصب منه الماء ( وحضر من يصلح لغسله ) وهو المسلم المميز ( ونوى ) غسله وسمى ( ومضى زمن يمكن غسله فيه ) بحيث يغلب على الظن أن الماء عمه ( كفى ) في أداء فرض الغسل .

                                                                          ( وسن قطع ) عدد غسلاته ( على وتر ) لحديث أم عطية في غسل ابنته [ ص: 350 ] { اغسلنها وترا ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أكثر من ذلك ، إن رأيتن } " متفق عليه .

                                                                          ( و ) سن ( جعل كافور وسدر في الغسلة الأخيرة ) نصا لأن الكافور يصلب الجسد ويبرده ، ويطرد عتة الهوام برائحته .

                                                                          وإن كان الميت محرما جنب الكافور لأنه من الطيب ( و ) سن ( خضاب شعره ) أي الميت يعني رأس المرأة ولحية الرجل ( بحناء وقص شارب غير محرم وتقليم أظافر إن طالا ) أي الشارب والأظافر ( وأخذ شعر إبطيه ) نصا لأنه تنظيف لا يتعلق بقطع عضو أشبه إزالة الوسخ والدرن .

                                                                          ويعضده عمومات سنن الفطرة ( وجعله ) أي المأخوذ من شعر وظفر ( معه ) أي الميت في كفنه بعد إعادة غسله ندبا ( كعضو ساقط ) لما روى أحمد في مسائل صالح : عن أم عطية قالت : " تغسل رأس الميتة فما سقط من شعرها في أيديهم غسلوه ، ثم ردوه في رأسها " ولأنه يستحب دفن ذلك من الحي فالميت أولى وتلفق أعضاؤه إن قطعت : بالتقميط والطين الحر ، حتى لا يتبين تشويهه وما فقد منها لم يجعل له شكل من طين ولا غيره .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية