الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( وإن حال دون مطلعه ) أي : الهلال ليلة الثلاثين من شعبان ( غيم أو قتر ) بالتحريك الغبرة . كالقترة ( أو غيرهما ) أي : الغيم والقتر كالدخان ، وكذا البعد عند ابن عقيل ( وجب صيامه ) أي : يصوم تلك الليلة ( حكما ظنيا احتياطا ) للخروج من عهدة الوجوب ( بنية ) أنه من ( رمضان ) في قول عمر وابنه وعمرو بن العاص وأبي هريرة ، وأنس ومعاوية وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر رضي الله تعالى عنهم أجمعين لحديث نافع عن ابن عمر مرفوعا { إنما الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له } .

                                                                          قال نافع " كان عبد الله بن عمر إذا مضى من الشهر تسعة وعشرون يوما يبعث من ينظر له الهلال فإن رئي فذلك ، وإن لم ير ، ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطرا ، وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائما " ومعنى " اقدروا له " ضيقوا لقوله تعالى : { ومن قدر عليه رزقه } و ( قدر في السرد ) والتضييق : جعل شعبان تسعة وعشرين يوما وقد فسره ابن عمر بفعله وهو راويه وأعلم بمعناه فوجب الرجوع إليه ، كتفسير التفرق من خيار المتبايعين ، وقد صنف أصحاب في المسألة التصانيف ، ونصروا المذهب ، وردوا حجج المخالف بما يطول ذكره ، وإن اشتغلوا عن الترائي لعدو أو حريق أو نحوه فذلك نادر ، فيسحب عليه ذيل الغالب ، وفارق الغيم والقتر فإن وقوعهما غالب ، وقد استوى معهما الاحتمالان ، فعملنا بأحوطهما ، قاله الشيخ تقي الدين .

                                                                          ( ويجزئ ) صوم هذا اليوم ( إن ظهر ) أنه ( منه ) أي : رمضان بأن ثبتت رؤيته بموضع آخر ، لأن صومه وقع بنية رمضان لمستند شرعي ، أشبه الصوم للرؤية ( وتثبت ) [ ص: 471 ] تبعا لوجوب صومه ( أحكام صوم ) رمضان ( من صلاة تراويح ) احتياطا ; لأنه صلى الله عليه وسلم " وعد من صامه وقامه بالغفران " ولا يتحقق قيامه كله إلا بذلك ( و ) ك ( وجوب كفارة بوطء فيه ) أي : ذلك اليوم ( ونحوه ) كوجوب إمساك على من أكل فيه جاهلا ، أو لم يبيت النية ( ما لم يتحقق أنه من شعبان ) بأن لم ير مع صحو بعد ثلاثين ليلة من الليلة التي غم فيها هلال رمضان ، فيتبين أنه لا كفارة بالوطء في ذلك اليوم و ( لا ) تثبت ( بقية الأحكام ) الشهرية بالغيم ، فلا يحل دين مؤجل به ، ولا يقع طلاق وعتق معلقين به ، ولا تنقضي عدة ، ولا مدة إيلاء به ونحوه عملا بالأصل ، خولف للنص ، واحتياطا لعبادة عامة

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية