الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                وسئل رحمه الله عمن قال لشريف : يا كلب يا ابن الكلب لا تمد يدك إلى حوض الحمام . فقيل له : إنه شريف فقال : لعنه الله ولعن من شرفه . فقيل له : أين عقلك ؟ هذا شريف فقال : كلب بن كلب فقام إليه وضربه فهل يجب قتله أم لا ؟ وشهد عليه بذلك عدو له ؟

                [ ص: 198 ]

                التالي السابق


                [ ص: 198 ] فأجاب : لا تقبل شهادة العدو على عدوه ولو كان عدلا ; وليس هذا الكلام بمجرده من باب السب الذي يقتل صاحبه بل يستفسر عن قوله من شرفه . فإن ثبت بتفسيره أو بقرائن حالية أو لفظية أنه أراد لعن النبي صلى الله عليه وسلم وجب قتله . وإن لم يثبت ذلك أو ثبت بقرائن حالية أو لفظية أنه أراد غير النبي صلى الله عليه وسلم مثل أن يريد لعن من يعظمه أو يبجله أو لعن من يعتقده شريفا : لم يكن ذلك موجبا للقتل باتفاق العلماء ; لا يظن بالذي ليس بزنديق أنه يقصد لعن النبي صلى الله عليه وسلم . فمن عرف من حاله أنه مؤمن ليس بزنديق كان ذلك دليلا على أنه لم يرد النبي صلى الله عليه وسلم . ولا يجب قتل مسلم بسب أحد من الأشراف باتفاق العلماء إنما يقتل من سب الأنبياء . وفيمن سب الصحابة تفصيل ونزاع بين العلماء . ولكن من ثبت عليه أنه اعتدى بقوله أو فعله على شريف أو غيره عوقب على عدوانه : إما بالقصاص بما يكون فيه المماثلة وإما التعزيز بما يمنعه من العدوان وإما بحد القذف إن كان العدوان قذفا يوجب الحد . وتجب عقوبة المعتدين أيضا وإن كان شريفا فقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " { إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والذي [ ص: 199 ] نفس محمد بيده لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها } " . وما يشرع فيه القصاص في الدماء والأموال وغيرها لا فرق فيه بين الشريف وغيره قال النبي صلى الله عليه وسلم " { المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم } " الحديث . والله أعلم .




                الخدمات العلمية