الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                              [ ص: 590 ] قال الله عز وجل: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء

                                                                                                                                                                                              خرجا في "الصحيحين " من حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت نزلت في عذاب القبر" . زاد مسلم : "يقال له: من ربك; فيقول: ربي الله، ونبيي محمد، فذلك قوله سبحانه وتعالى: " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت " .

                                                                                                                                                                                              وفي رواية للبخاري، قال: "إذا أقعد العبد المؤمن في قبره أتي . ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فذلك قوله: " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت وخرج الطبراني من حديث البراء بن عازب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يقال للكافر: من ربك; فيقول: لا أدري، فهو تلك الساعة أصم أعمى أبكم، فيضرب بمرزبة لو ضرب بها جبل صار ترابا، فيسمعها كل شيء إلا الثقلين " قال: وقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت " الآية .

                                                                                                                                                                                              وخرج أبو داود ، من حديث المنهال بن عمرو ، عن زاذان ، عن البراء بن عازب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين حين يقال له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ " .

                                                                                                                                                                                              وفي رواية له: "قال: ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان: ما دينك; فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي [ ص: 591 ] بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيقولان له: وما يدريك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت " .

                                                                                                                                                                                              وفي رواية له: "فذلك قوله عز وجل: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت " الآية، قال: "فينادي مناد من السماء: أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة وألبسوه من الجنة، قال: فيأتيه من روحها وطيبها، قال: ويفسح له في قبره مد بصره " قال: وذكر الكافر، قال: "وتعاد روحه إلى جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فينادي مناد من السماء: أن كذب عبدي فأفرشوه من النار، وألبسوه من النار، وافتحوا له بابا إلى النار" . قال: "فيأتيه من حرها وسمومها" قال: "ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه " .

                                                                                                                                                                                              وفي رواية له: "ثم يقيض له أعمى أبكم معه مرزبة من حديد لو ضرب بها جبل لصار ترابا" قال: "فيضربه ضربة يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين، فيصير ترابا" قال: "ثم تعاد فيه الروح " .

                                                                                                                                                                                              وخرجه النسائي وابن ماجه مختصرا،

                                                                                                                                                                                              وخرجه الإمام أحمد بسياق مطول والحاكم ، وقال: على شرط الشيخين . وفي رواية للإمام أحمد : "ثم يقيض له أعمى أبكم أصم في يده مرزبة لو ضرب بها جبل كان ترابا فيضربه ضربة فيصير ترابا، ثم يعيده الله عز وجل كما كان، فيضربه ضربة أخرى فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين " . [ ص: 592 ] قال البراء بن عازب : "ثم يفتح له باب إلى النار ويمهد له من فرش النار" . كذا خرجه من رواية يونس بن خباب عن المنهال بن عمرو .

                                                                                                                                                                                              وخرجه ابن منده من هذا الوجه أيضا وزاد في حديثه: "لو اجتمع عليها الثقلان على أن يقلبوها لم يستطيعوا، فيضربه بها ضربة يصير ترابا، وتعاد فيه الروح فيضربه بين عينيه ضربة فيسمعها من على الأرض ليس الثقلين - فينادي مناد: أن افرشوا له لوحين من نار، وافتحوا له بابا إلى النار" .

                                                                                                                                                                                              وخرجه أيضا من طريق عيسى بن المسيب، عن عدي بن ثابت ، عن البراء ابن عازب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال فيه في حق المؤمن: "فيأتيه منكر ونكير يثيران الأرض بأنيابهما ويفحصان الأرض بأشعارهما فيجلسانه " . وذكر في الكافر مثل ذلك: وزاد فيه: "أصواتهما كالرعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف "، وقال: "فيضربانه بمرزبة من حديد، لو اجتمع عليه من بين الخافقين لم تقل " .

                                                                                                                                                                                              وخرجا في "الصحيحين " من حديث قتادة ، عن أنس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن العبد إذا وضع في قبره وتولى أصحابه، إنه ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا أتاه الملكان فيقعدانه فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد - صلى الله عليه وسلم -; فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة"، قال: "فيراهما جميعا" . قال قتادة : وذكر لنا أنه يفسح له في قبره مد بصره، ثم رجع إلى حديث أنس - قال: "وأما المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا [ ص: 593 ] أدري; كنت أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت، ولا تليت، ويضرب بمطارق من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين" .

                                                                                                                                                                                              وخرجه أبو داود بزيادات أخر منها: "إن المؤمن يقال له: ما كنت تعبد؟ فإن الله هداه، قال: كنت أعبد الله، فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول . هو عبد الله ورسوله، قال: فما يسأل عن شيء غيرها"، وزاد فيه أيضا: "فيقول دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي، فيقال له: اسكن "، وذكر في الكافر: "أنه يسأل عما كان يعبد ثم عن هذا الرجل " .

                                                                                                                                                                                              وخرجا في "الصحيحين " من حديث أسماء بنت أبي بكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته يوم كسفت الشمس: "ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريبا من فتنة المسيح الدجال يؤتى أحدكم، فيقال له: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن أو الموقن فيقول: محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى، فأجبنا وآمنا واتبعنا . فيقال له: نم صالحا، فقد علمنا إن كنت لموقنا، وأما المنافق أو المرتاب فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته " .

                                                                                                                                                                                              وخرجه الإمام أحمد ، ولفظه: "قد رأيتكم تفتنون في قبوركم ويسأل الرجل: ما كنت تقول؟ وما كنت تعبد؟ فإن قال: لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته ويصنعون شيئا فصنعته . قيل له: أجل على شك عشت، وعليه مت، هذا مقعدك من النار، وإن قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله . قيل له على اليقين عشت وعليه مت، هذا مقعدك من الجنة" . [ ص: 594 ] وخرج الترمذي وابن حبان في "صحيحه " من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قبر الميت " - أو قال: أحدكم - أتاه ملكان أسودان أزرقان، يقال لأحدهما: المنكر، والآخر: النكير، فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول ما كان يقول: هو عبد الله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله . فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول هذا، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين ذراعا، ثم ينور له فيه، ثم يقال له: نم، فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم، فيقولان: نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك . وإن كان منافقا، قال: سمعت الناس يقولون قولا فقلت مثله، لا أدري، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول ذلك، فيقال للأرض: التئمي عليه، فتلتئم عليه حتى تختلف أضلاعه، فلا يزال فيها معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه " .

                                                                                                                                                                                              وخرج الإمام أحمد وابن ماجه من حديث أبي هريرة أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "يجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع ولا مشغوف، ثم يقال له: فيم كنت؟ فيقول: كنت في الإسلام، فيقال له: ما هذا الرجل؟ فيقول: محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه، فيقال له: هل رأيت الله؟ فيقول: ما ينبغي لأحد أن يرى الله، فيفرج له فرجة قبل النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضا، فيقال له: انظر إلى ما وقاك الله، ثم يفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له: هذا مقعدك، ويقال له: على اليقين كنت، وعلى اليقين مت، وعليه تبعث إن شاء الله تعالى، ويجلس الرجل السوء في قبره فزعا مشغوفا فيقال له: فيم كنت؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: ما هذا الرجل؟ فيقول: سمعت الناس يقولون قولا فقلته، فيفرج له [ ص: 595 ] فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له: انظر إلى ما صرف الله عنك، ثم يفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا، فيقال له: هذا مقعدك، على الشك كنت، وعليه مت، وعليه تبعث إن شاء الله تعالى" .

                                                                                                                                                                                              وخرج الطبراني من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: شهدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جنازة، ولما فرغ من دفنها وانصرف الناس، قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنه الآن يسمع خفق نعالهم، أتاه منكر ونكير أعينهما مثل قدور النحاس ، وأنيابهما مثل صياصي البقر، وأصواتهما مثل الرعد، فيجلسانه فيسألانه: ما كان يعبد؟ ومن كان نبيه؟ فإن كان ممن يعبد الله، قال: كنت أعبد الله، والنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - جاءنا بالبينات والهدى فآمنا واتبعنا، فذلك قول الله عز وجل: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت الآية . فيقال له: على اليقين حييت وعليه مت، وعليه تبعث ثم يفتح له باب إلى الجنة، ويوسع له في حفرته، وإن كان من أهل الشك قال: لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، فيقال له: على الشك حييت، وعليه مت، وعليه تبعث، ثم يفتح له باب إلى النار ويسلط عليه عقارب وتنانين لو نفخ أحدهم في الدنيا ما أنبتت شيئا، تنهشه، وتؤمر الأرض فتضم حتى تختلف أضلاعه " .

                                                                                                                                                                                              وخرج الإمام أحمد من حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فإذا دخل المؤمن قبره وتولى عنه أصحابه جاءه ملك شديد الانتهار فيقول له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول المؤمن: إنه عبد الله ورسوله . فيقول له الملك: انظر إلى مقعدك الذي كان لك في النار، قد أنجاك الله منه، وأبدلك بمقعدك الذي ترى من النار الذي ترى من الجنة، فيراهما كليهما فيقول المؤمن: دعوني أبشر أهلي " [ ص: 596 ] فيقال له: اسكن . وأما المنافق فيقعد إذا تولى عنه أصحابه وأهله، فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ قال: لا أدري، أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت، هذا مقعدك الذي كان لك في الجنة، أبدلك الله به مقعدك من النار" . قال جابر : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يبعث كل عبد على ما مات عليه، المؤمن على إيمانه، والمنافق على نفاقه " .

                                                                                                                                                                                              وأخرج ابن ماجه من حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا دخل الميت القبر مثلت الشمس عند غروبها فيجلس يمسح عينيه: ويقول: دعوني أصلي " .

                                                                                                                                                                                              وخرج الإمام أحمد أيضا من حديث عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "وأما فتنة القبر، فبي تفتنون وعني تسألون، فإذا كان الرجل الصالح أجلس في قبره غير فزع ولا مشغوف، ثم يقال له: فيم كنت؟ فيقول: في الإسلام . فيقال: ما هذا الرجل الذي كان فيكم؟ فيقول: محمد رسول الله، جاءنا بالبينات والهدى من عند الله فصدقناه . فيفرج له فرجة قبل النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضا . فيقال له: انظر إلى ما وقاك الله منه ثم يفرج له فرجة قبل الجنة، فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال: هذا مقعدك منها . ويقال له: على اليقين كنت، وعليه مت، وعليه تبعث إن شاء الله تعالى، وإن كان الرجل السوء أجلس في قبره فزعا مشغوفا، فيقال له: فيم كنت؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: ما هذا الرجل الذي كان فيكم؟ فيقول: سمعت الناس يقولون قولا فقلت كما قالوا . فيفرج له فرجة إلى الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له: انظر إلى ما صرف الله عنك، ثم يفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا، ويقال له: هذا [ ص: 597 ] مقعدك منها، على الشك كنت، وعليه مت، وعليه تبعث إن شاء الله تعالى ثم يعذب " .

                                                                                                                                                                                              وخرج الإمام أحمد أيضا من حديث أبي سعيد الخدري ، قال: شهدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جنازة . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أيها الناس إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فإذا الإنسان دفن فتفرق عنه أصحابه جاءه ملك في يده مطراق فأقعده، قال: ما تقول في هذا الرجل؟ فإن كان مؤمنا، قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله . فيقول له: صدقت، ثم يفتح له بابا إلى النار، فيقول: هذا كان منزلك لو كفرت بربك، فأما إذا آمنت بربك فهذا منزلك، فيفتح له باب إلى الجنة، فيريد أن ينهض إليه، فيقول له: اسكن، ويفسح له في قبره، وإن كان كافرا أو منافقا فيقول له: ما تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا، فيقول . لا دريت ولا تليت ولا اهتديت، ثم يفتح له باب إلى الجنة، فيقول له: هذا منزلك لو آمنت بربك، فأما إذا كفرت به فإن الله عز وجل أبدلك به هذا، ويفتح له باب إلى النار، ثم يقمعه قمعة بالمطراق، يسمعها خلق الله عز وجل كلهم غير الثقلين " . فقال بعض القوم: يا رسول الله، ما أحد يقوم عليه ملك في يده مطراق إلا هيل عند ذلك . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت " .

                                                                                                                                                                                              وخرج أبو بكر في كتاب "السنة" من حديث عمر بن الخطاب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "كيف أنت يا عمر إذا كنت من الأرض في أربعة أذرع في ذراعين، فرأيت منكرا ونكيرا؟ " قلت: يا رسول الله، وما منكر ونكير؟ قال: "فتانا القبر يبحثان الأرض بأنيابهما، ويطآن في أشعارهما، أصواتهما كالرعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف، ومعهما مرزبة لو اجتمع عليها أهل منى لم يطيقوا رفعها وهي أيسر عليهما من عصاي هذه " قال: قلت: يا رسول الله، وأنا على حالي [ ص: 598 ] هذه؟ قال: "نعم " فقلت: إذا أكفيكهما .

                                                                                                                                                                                              وفي رواية أيضا: "فامتحناك فإن التويت ضرباك ضربة صرت رمادا" . وفي إسناده ضعف .

                                                                                                                                                                                              وخرجه الإسماعيلي من وجه آخر فيه ضعف أيضا عن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوه وزاد فيه: "يأتيان الرجل في صورة قبيحة، يطآن على شعورهما، ويحفران الأرض بأنيابهما" وزاد فيه: "يقولان له: من ربك؟ فإن كان مسلما يقول . ربي الله . وإن كان فاجرا فيقول: لا أدري، فيضربانه ضربة لو كان جبلا صار ترابا، فيصيح صيحة ما يبقى شيء إلا سمعها إلا الثقلين الجن والإنس، فذلك قوله سبحانه وتعالى: ويلعنهم اللاعنون " . وقد روي حديث عمر هذا من وجوه أخر مرسلة .

                                                                                                                                                                                              وخرج الإمام أحمد وابن حبان في "صحيحه " من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر فتاني القبر، فقال عمر : أترد إلينا عقولنا يا رسول الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم، كهيئتكم اليوم " . فقال عمر : بفيه الحجر .

                                                                                                                                                                                              وخرج أبو داود عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال: "استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل " .

                                                                                                                                                                                              وفي حديث يونس بن خباب ، عن المنهال بن عمرو ، عن زاذان ، عن [ ص: 599 ] البراء بن عازب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر سؤال المؤمن في قبره، وأن الملك ينتهره، قال: "وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن فذلك، قوله تعالى: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت أخرجه الإمام أحمد .

                                                                                                                                                                                              وكذا رواه جرير ، عن الأعمش ، عن المنهال ، وفي حديثه: "إن المؤمن يقول ذلك ثلاث مرات، ثم ينتهرانه انتهارة شديدة، وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن " .

                                                                                                                                                                                              ورواه أبو عوانة ، عن الأعمش ، وفي حديثه: "ويأتيه ملكان شديدا الانتهار" وذلك في حق الكافر والمؤمن .

                                                                                                                                                                                              وقد روي عن مجاهد : أن الموتى كانوا يفتنون في قبورهم سبعا، فكانوا يستحبون أن يطعم عنهم تلك الأيام .

                                                                                                                                                                                              وعن عبيد بن عمير ، قال: المؤمن يفتن سبعا، والمنافق أربعين صباحا . وقال الإمام أحمد : أخبرنا يزيد بن هارون ، عن المسعودي ، عن العلاء بن الشخير، حدثنا بعض حفدة أبي موسى الأشعري ، أن أبا موسى الأشعري أوصاهم، قال: إذا حفرتم فأعمقوا قعره، أما إني والله لأقول لكم ذلك وإني لأعلم إن كنت من أهل طاعة الله ليفسحن لي في قبري ولينور لي فيه . ثم ليفتحن لي باب مساكني في الجنة، فما أنا بمساكني من داري هذه بأعلم من مساكني منها، وليأتيني من روحها وريحتها وريحانها، ولئن كنت من أهل المنزلة الأخرى ليضيق علي قبري، وليهدمن من علي الأرض، فليفتحن الله إلي باب مساكني من النار، فما أنا بمساكني من داري هذه بأعلم من مساكني منها، ثم ليأتيني من شرها، وشرورها، ودخانها . [ ص: 600 ] وروى المسعودي ، عن عبد الله بن المخارق، عن أبيه قال: قال عبد الله - يعني ابن مسعود -: إن المسلم إذا مات أجلس في قبره . فيقال له: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ قال: فيثبته الله تعالى، فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد - صلى الله عليه وسلم -، فيوسع له في قبره ويفرج له فيه . ثم قرأ عبد الله : يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت الآية .

                                                                                                                                                                                              وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا أحمد بن بحير، حدثنا بعض أصحابنا، قال: مات أخ لي فرأيته في النوم، فقلت له: ما حالك حين وضعت في قبرك؟ قال: أتاني آت بشهاب من نار فلولا أن داع دعا لي لرأيت أنه سيضربني به .

                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية