الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 492 ] ( ثم الرمي ليس من أسباب التحلل عندنا ) خلافا للشافعي رحمه الله . هو يقول : إنه يتوقت بيوم النحر كالحلق فيكون بمنزلته في التحليل . ولنا أن ما يكون محللا يكون جناية في غير أوانه كالحلق ، والرمي ليس بجناية في غير أوانه ، بخلاف الطواف لأن التحلل بالحلق السابق لا به .

التالي السابق


( قوله ولنا أن ما يكون محللا يكون جناية في غير أوانه كالحلق ) يعني هذا هو الأصل لأن التحلل من العبادة هو الخروج منها ولا يكون ذلك بركنها بل إما بمنافيها أو بما هو محظورها هو أقل ما يكون ، بخلاف دم الإحصار لأنه على خلاف الأصل للحاجة إلى التحلل قبل أوان إطلاق مباشرة المحظور تحللا ، فإن قيل : يرد الطواف فإنه محلل من النساء وليس من المحظورات ؟ أجاب بمنع كونه محللا بل التحلل عنده بالحلق السابق لا به غاية الأمر بعض أحكام الحلق يؤخر إلى وقته .

ولا يخفى أن ما ذكرناه آنفا من السمعيات يفيد أنه هو السبب للتحلل الأول . وعن هذا نقل عن الشافعي أن الحلق ليس بواجب ، والله أعلم . وهو عندنا واجب لأن التحلل الواجب لا يكون إلا به ، ويحملون ما ذكرنا على إضمار الحلق : أي إذا رمى وحلق جمعا بينه وبين ما في بعض ما ذكرناه من عطفه على الشرط في رواية الدارقطني . قوله تعالى { ثم ليقضوا تفثهم } وهو الحلق واللبس على ما عن ابن عمر ، وقول أهل التأويل إنه الحلق وقص الأظفار قوله تعالى { لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين } الآية ، أخبر بدخولهم محلقين فلا بد من وقوع التحليق وإن لم يكن حالة الدخول في العمرة لأنها حال مقدرة ، ثم هو مبني على اختيارهم فلا بد من الوجوب الحامل على الوجود فيوجد المخبر به ظاهرا وغالبا لتطابق الأخبار ، غير أن هذا التأويل ظني فيثبت به الوجوب لا القطع .

ولو غسل رأسه بالخطمي بعد الرمي قبل الحلق لزمه دم على قول أبي حنيفة رضي الله عنه على الأصح ، لأن إحرامه باق لا يزول إلا بالحلق




الخدمات العلمية