قال ( ثم مكة وطاف بالبيت سبعة أشواط لا يرمل فيها وهذا طواف الصدر ) ويسمى طواف الوداع وطواف آخر عهده دخل بالبيت لأنه يودع البيت ويصدر به [ ص: 504 ] ( وهو واجب عندنا ) خلافا ، لقوله صلى الله عليه وسلم { للشافعي البيت فليكن آخر عهده بالبيت الطواف } ورخص للنساء الحيض تركه . قال ( إلا على أهل من حج هذا مكة ) لأنهم لا يصدرون ولا يودعون ، ولا رمل فيه لما بينا أنه شرع مرة واحدة . ويصلي ركعتي الطواف بعده لما قدمنا
التالي
السابق
( قوله لأنه يودع البيت ) ولهذا كان المستحب أن يجعله آخر طوافه . وفي الكافي : ولا بأس بأن يقيم بعد ذلك ما شاء ، ولكن الأفضل من ذلك أن يكون طوافه حين يخرج . للحاكم
وعن أبي يوسف : إذا اشتغل بعده بعمل والحسن بمكة يعيده لأنه للصدر ، وإنما يعتد به إذا فعله حين يصدر . وأجيب بأنه إنما قدم مكة للنسك ، فحين تم فراغه منه جاء أوان الصدر فطوافه حينئذ يكون له إذا الحال أنه على عزم الرجوع .
نعم روي عن رضي الله عنه : إذا طاف للصدر ثم أقام إلى العشاء قال : أحب إلي أن يطوف طوافا آخر كي لا يكون بين طوافه ونفره حائل ، لكن هذا على وجه الاستحباب تحصيلا لمفهوم الاسم عقيب ما أضيف إليه ، وليس ذلك بحتم إذ لا يستغرب في العرف تأخير السفر عن الوداع بل قد يكون ذلك . والحاصل أن المستحب فيه أن يوقع عند إرادة السفر ، وأما وقته على التعيين فأوله بعد طواف الزيارة إذا كان على عزم السفر ، حتى لو أبي حنيفة بمكة ولو سنة ولم ينو الإقامة بها ولم يتخذها دارا جاز طوافه ولا آخر له وهو مقيم ، بل لو أقام عاما لا ينوي الإقامة فله أن يطوفه ويقع أداء . طاف لذلك ثم أطال الإقامة
ولو يجب عليه أن يرجع فيطوفه ما لم يجاوز المواقيت بغير إحرام جديد ، فإن جاوزها لم يجب الرجوع عينا ، بل إما أن يمضي وعليه دم ، وإما أن يرجع فيرجع بإحرام جديد لأن الميقات لا يجاوز بلا إحرام فيحرم بعمرة ، فإذا رجع ابتدأ بطواف العمرة ثم بطواف الصدر ولا شيء عليه لتأخيره [ ص: 504 ] وقالوا : الأولى أن لا يرجع ويريق دما لأنه أنفع للفقراء وأيسر عليه لما فيه من دفع ضرر التزام الإحرام ومشقة الطريق ( قوله لقوله عليه الصلاة والسلام ) أخرج نفر ولم يطف عنه عليه الصلاة والسلام { الترمذي البيت فليكن آخر عهده بالبيت ، إلا الحيض فرخص لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم } قال حسن صحيح . من حج
وفي الصحيحين عن رضي الله عنهما { ابن عباس بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض } لا يقال : أمر ندب بقرينة المعنى وهو أن المقصود الوداع . لأنا نقول : ليس هذا يصلح صارفا عن الوجوب لجواز أن يطلب حتما لما في عدمه من شائبة عدم التأسف على الفراق ، وشبه عدم المبالاة به على أن معنى الوداع ليس مذكورا في النصوص ، بل أن يجعل آخر عهدهم بالطواف فيجوز أن يكون معلولا بغيره مما لم نقف عليه ، ولو سلم فإنما تعتبر دلالة القرينة إذا لم يفقها ما يقتضي خلاف مقتضاها ، وهنا كذلك فإن لفظ الترخيص يفيد أنه حتم في حق من لم يرخص له لأن معنى عدم الترخيص في الشيء هو تحتيم طلبه إذ الترخيص فيه هو إطلاق تركه فعدمه عدم إطلاق تركه ، ومما يفيد أيضا أن الأمر على حقيقته من الوجوب ما وقع في صحيح أمر الناس أن يكون آخر عهدهم { مسلم بالبيت } فهذا النهي وقع مؤكدا بالنون الثقيلة ، وهو يؤكد موضوع اللفظ ، والله سبحانه أعلم ( قوله وليس على أهل كان الناس ينصرفون في كل وجه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ينصرفن أحد حتى يكون آخر عهده مكة ) ومن مكة دارا ثم بدا له الخروج ليس عليهم طواف صدر ، وكذا فائت الحج لأن العود مستحق عليه ، ولأنه صار كالمعتمر ، كان داخل الميقات وكذا من اتخذ ذكره في التحفة . وليس على المعتمر طواف الصدر
وفي إثباته على المعتمر حديث ضعيف رواه . وفي البدائع قال الترمذي رحمه الله : أحب إلي أن يطوف المكي طواف الصدر لأنه وضع لختم أفعال الحج ، وهذا المعنى يوجد في أهل أبو يوسف مكة . وفصل فيمن مكة دارا بين إن نوى الإقامة بها قبل أن يحل النفر الأول فلا طواف عليه للصدر ، وإن نواه بعده لا يسقط عنه في قول اتخذ . وقال [ ص: 505 ] أبي حنيفة : يسقط عنه في الحالين إلا إذا كان شرع فيه أبو يوسف
وعن أبي يوسف : إذا اشتغل بعده بعمل والحسن بمكة يعيده لأنه للصدر ، وإنما يعتد به إذا فعله حين يصدر . وأجيب بأنه إنما قدم مكة للنسك ، فحين تم فراغه منه جاء أوان الصدر فطوافه حينئذ يكون له إذا الحال أنه على عزم الرجوع .
نعم روي عن رضي الله عنه : إذا طاف للصدر ثم أقام إلى العشاء قال : أحب إلي أن يطوف طوافا آخر كي لا يكون بين طوافه ونفره حائل ، لكن هذا على وجه الاستحباب تحصيلا لمفهوم الاسم عقيب ما أضيف إليه ، وليس ذلك بحتم إذ لا يستغرب في العرف تأخير السفر عن الوداع بل قد يكون ذلك . والحاصل أن المستحب فيه أن يوقع عند إرادة السفر ، وأما وقته على التعيين فأوله بعد طواف الزيارة إذا كان على عزم السفر ، حتى لو أبي حنيفة بمكة ولو سنة ولم ينو الإقامة بها ولم يتخذها دارا جاز طوافه ولا آخر له وهو مقيم ، بل لو أقام عاما لا ينوي الإقامة فله أن يطوفه ويقع أداء . طاف لذلك ثم أطال الإقامة
ولو يجب عليه أن يرجع فيطوفه ما لم يجاوز المواقيت بغير إحرام جديد ، فإن جاوزها لم يجب الرجوع عينا ، بل إما أن يمضي وعليه دم ، وإما أن يرجع فيرجع بإحرام جديد لأن الميقات لا يجاوز بلا إحرام فيحرم بعمرة ، فإذا رجع ابتدأ بطواف العمرة ثم بطواف الصدر ولا شيء عليه لتأخيره [ ص: 504 ] وقالوا : الأولى أن لا يرجع ويريق دما لأنه أنفع للفقراء وأيسر عليه لما فيه من دفع ضرر التزام الإحرام ومشقة الطريق ( قوله لقوله عليه الصلاة والسلام ) أخرج نفر ولم يطف عنه عليه الصلاة والسلام { الترمذي البيت فليكن آخر عهده بالبيت ، إلا الحيض فرخص لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم } قال حسن صحيح . من حج
وفي الصحيحين عن رضي الله عنهما { ابن عباس بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض } لا يقال : أمر ندب بقرينة المعنى وهو أن المقصود الوداع . لأنا نقول : ليس هذا يصلح صارفا عن الوجوب لجواز أن يطلب حتما لما في عدمه من شائبة عدم التأسف على الفراق ، وشبه عدم المبالاة به على أن معنى الوداع ليس مذكورا في النصوص ، بل أن يجعل آخر عهدهم بالطواف فيجوز أن يكون معلولا بغيره مما لم نقف عليه ، ولو سلم فإنما تعتبر دلالة القرينة إذا لم يفقها ما يقتضي خلاف مقتضاها ، وهنا كذلك فإن لفظ الترخيص يفيد أنه حتم في حق من لم يرخص له لأن معنى عدم الترخيص في الشيء هو تحتيم طلبه إذ الترخيص فيه هو إطلاق تركه فعدمه عدم إطلاق تركه ، ومما يفيد أيضا أن الأمر على حقيقته من الوجوب ما وقع في صحيح أمر الناس أن يكون آخر عهدهم { مسلم بالبيت } فهذا النهي وقع مؤكدا بالنون الثقيلة ، وهو يؤكد موضوع اللفظ ، والله سبحانه أعلم ( قوله وليس على أهل كان الناس ينصرفون في كل وجه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ينصرفن أحد حتى يكون آخر عهده مكة ) ومن مكة دارا ثم بدا له الخروج ليس عليهم طواف صدر ، وكذا فائت الحج لأن العود مستحق عليه ، ولأنه صار كالمعتمر ، كان داخل الميقات وكذا من اتخذ ذكره في التحفة . وليس على المعتمر طواف الصدر
وفي إثباته على المعتمر حديث ضعيف رواه . وفي البدائع قال الترمذي رحمه الله : أحب إلي أن يطوف المكي طواف الصدر لأنه وضع لختم أفعال الحج ، وهذا المعنى يوجد في أهل أبو يوسف مكة . وفصل فيمن مكة دارا بين إن نوى الإقامة بها قبل أن يحل النفر الأول فلا طواف عليه للصدر ، وإن نواه بعده لا يسقط عنه في قول اتخذ . وقال [ ص: 505 ] أبي حنيفة : يسقط عنه في الحالين إلا إذا كان شرع فيه أبو يوسف