الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( nindex.php?page=treesubj&link=2709_2685_2767_2753_2762_2768ليس في أقل من ثلاثين من البقر السائمة صدقة ، فإذا كانت ثلاثين سائمة وحال عليها الحول ففيها تبيع أو تبيعة ) وهي التي طعنت في الثانية ( وفي أربعين مسن أو مسنة ) وهي التي طعنت في الثالثة ، [ ص: 179 ] بهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا رضي الله عنه ( فإذا زادت على أربعين وجب في الزيادة بقدر ذلك إلى ستين ) عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ; ففي الواحدة الزائدة ربع عشر مسنة ، وفي الاثنتين نصف عشر مسنة ، وفي الثلاثة ثلاثة أرباع عشر مسنة . [ ص: 180 ] وهذه رواية الأصل لأن العفو ثبت نصا بخلاف القياس ولا نص هنا . وروى الحسن عنه أنه لا يجب في الزيادة شيء حتى تبلغ خمسين ، ثم فيها مسنة وربع مسنة أو ثلث تبيع ، لأن مبنى هذا النصاب على أن يكون بين كل عقدين وقص ، وفي كل عقد واجب . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد : لا شيء في الزيادة حتى تبلغ ستين ، وهو رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة لقوله عليه الصلاة والسلام nindex.php?page=showalam&ids=32لمعاذ { nindex.php?page=hadith&LINKID=29888لا تأخذ من أوقاص البقر شيئا } وفسروه بما بين أربعين إلى ستين . قلنا : قد قيل إن المراد منها الصغار [ ص: 181 ] ( ثم في الستين تبيعان أو تبيعتان ، وفي سبعين مسنة وتبيع ، وفي ثمانين مسنتان ، وفي تسعين ثلاثة أتبعة ، وفي المائة تبيعان ومسنة . وعلى هذا يتغير الفرض في كل عشر من تبيع إلى مسنة ومن مسنة إلى تبيع ) لقوله عليه الصلاة والسلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=65035في كل ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة ، وفي كل أربعين مسن أو مسنة } nindex.php?page=treesubj&link=24598_16487_16535_16530_2812 ( والجواميس والبقر سواء ) لأن اسم البقر يتناولهما إذ هو نوع منه ، إلا أن أوهام الناس لا تسبق إليه في ديارنا لقلته ، فلذلك لا يحنث به في يمينه لا يأكل لحم بقر ، والله أعلم .
قدمها على الغنم لقربها من الإبل في الضخامة ، والبقر من بقر إذا شق ، سمي به لأنه يشق الأرض وهو اسم جنس ، والتاء في بقرة للوحدة فيقع على الذكر والأنثى لا للتأنيث ( قوله ففيها تبيع ) سمي الحولي من أولاد البقر به لأنه يتبع أمه بعد ، والمسن من البقر والشاة ما تمت له سنتان ، وفي الإبل ما دخل في السنة الثامنة . ثم لا تتعين الأنوثة في هذا الباب ولا في الغنم ، بخلاف الإبل لأنها لا تعد فضلا فيهما بخلاف الإبل . ثم إن وجد في الثلاثين تبيع وسط وجب هو ، أو ما يساويه وجب تبيع يساوي الوسط ، وإن شاء دفعه بطريق القيمة عن تبيع ; وإن كان الكل عجافا ليس فيها ما يساوي تبيعا وسطا وجب أفضلها ، ولو كانت البقر أربعين وفيها مسنة وسط أو ما يساويها [ ص: 179 ] فعلى ما عرف في الثلاثين ، وإن كان الكل عجافا وجب أن ينظر إلى قيمة تبيع وسط لأنه المعتبر في نصاب البقر وما فضل عنه عفو وإلى قيمة مسنة وسط ، فما وقع به التفاوت وجب نسبته في أخرى تلي أفضلها في الفضل ; مثلا لو كانت قيمة التبيع الوسط أربعين وقيمة المسنة الوسط خمسين تجب مسنة تساوي أفضلها وربع التي تليها في الفضل ، حتى لو كانت قيمة أفضلها ثلاثين والتي تليها عشرين تجب مسنة تساوي خمسة وثلاثين ، ولو كانت ستين عجافا ليس فيها ما يساوي تبيعان وسطا ففيها تبيعان من أفضلها إن كانا ، وإلا فاثنان من أفضلها ، وإن كان فيها تبيع وسط أو ما يساويه وجب التبيع الوسط وآخر من أفضل الباقي .
( قوله بهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا ) أخرج أصحاب السنن الأربعة عن nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق عن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل { nindex.php?page=hadith&LINKID=82808أن النبي صلى الله عليه وسلم لما وجهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة ، ومن كل أربعين مسنة ، ومن كل حالم يعني محتلما دينارا أو عدله من المعافر ثياب تكون باليمن } حسنه الترمذي . ورواه بعضهم مرسلا وهذا أصح . ويعني بالدينار من الحالم الجزية .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وأعله عبد الحق بأن nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروقا لم يلق nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا ، وصرح nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر بأنه متصل ، وأما nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم فإنه قال في أول كلامه إنه منقطع وإن nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروقا لم يلق nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا ، وقال في آخره : وجدنا حديث nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق إنما ذكر فيه فعل nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ باليمن في nindex.php?page=treesubj&link=2762زكاة البقر ، nindex.php?page=showalam&ids=17073ومسروق عندنا بلا شك أدرك nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا بسنه وعقله وشاهد أحكامه يقينا وأفتى في زمن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم وهو رجل كان باليمن أيام nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بنقل الكافة من أهل بلده عن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ في أخذه لذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم انتهى .
وحاصله أنه يجعله بواسطة بينه وبين nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ ، وهو ما فشا من أهل بلده أن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا أخذ كذا وكذا . والحق قول ابن القطان إنه يجب أن يحكم بحديثه عن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ على قول الجمهور في الاكتفاء بالمعاصرة ما لم [ ص: 180 ] يعلم عدم اللقي .
وأما على ما شرطه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وابن المديني من العلم باجتماعهما ولو مرة فكما قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم والحق خلافه ، وعلى كلا التقديرين يتم الاحتجاج به على ما وجهه nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم ( قوله وهذه رواية الأصل ) عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة فيما زاد على الأربعين ثلاث روايات : هذه ، ورواية الحسن أن لا شيء حتى تبلغ خمسين ، والرواية الثالثة كقولهما . وجه الأولى عدم المسقط مع أن الأصل أن لا يخلى المال عن شكر نعمته بعد بلوغه النصاب .
وجه هذه منعه بل قد وجد وهو ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار من حديث بقية عن المسعودي عن الحكم عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=65024بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا إلى اليمن ، فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا أو تبيعة ، ومن كل أربعين مسنة ، قالوا فالأوقاص ؟ قال : ما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بشيء . وسأسأله إذا قدمت عليه ، فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله فقال : ليس فيها شيء } قال المسعودي : والأوقاص ما بين الثلاثين إلى أربعين والأربعين إلى ستين . وفي السند ضعف .
وفي المنن أنه رجع فوجده عليه الصلاة والسلام حيا ، وهو موافق لما في معجم nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ، وفي سنده مجهول . وفيه أعني معجم nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني حديث آخر من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن nindex.php?page=showalam&ids=15784حيوة بن شريح عن nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن سلمة بن أسامة عن يحيى بن الحكم أن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=82809بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق أهل اليمن ، فأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا ، ومن كل أربعين مسنة ، ومن الستين تبيعين ، ومن السبعين مسنة وتبيعا ، وأمرني أن لا آخذ فيما بين ذلك شيئا إلا أن يبلغ مسنة أو جذعا } وهو مرسل ، وسلمة بن أسامة ويحيى بن الحكم غير مشهورين ، ولم يذكرهما ابن أبي حاتم في كتابه . واعترض أيضا بأن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا لم يدركه عليه الصلاة والسلام حيا .
في الموطإ عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس أن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا الحديث وفيه " فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يقدم nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ " nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس لم يدرك nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا . وأخرج في المستدرك عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال " كان nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل شابا جميلا حليما سمحا من أفضل شباب قومه ولم يكن يمسك شيئا ، ولم يزل يدان حتى أغرق ماله كله في الدين ، فلزمه غرماؤه حتى تغيب عنهم أياما في بيته ، فاستأذنوا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل في طلبه ، فجاء معه غرماؤه " فساق الحديث إلى أن قال " فبعثه إلى اليمن وقال له : لعل الله أن يجبرك ويؤدي عنك دينك ، فخرج nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ إلى اليمن فلم يزل بها حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ " الحديث بطوله .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم : صحيح على شرط الشيخين . وفي مسند أبي يعلى { nindex.php?page=hadith&LINKID=82810أنه قدم فسجد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : يا nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ ما هذا ؟ قال : وجدت اليهود والنصارى باليمن يسجدون لعظمائهم وقالوا هذا تحية الأنبياء ، فقال عليه الصلاة والسلام : كذبوا على أنبيائهم ، لو كنت آمر أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها } وفي هذا أن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا أدركه عليه الصلاة والسلام حيا ( قوله قد قيل إن المراد بها الصغار ) فتعارض التفسيران ، فلا تسقط الزكاة بالشك بعد تحقق السبب ، ثم إن كان خلاف القياس من حيث [ ص: 181 ] إنه إيجاب الكسور فقولهما مخالفه من وجهين : إثبات العفو بالرأي ، وكونه خارجا عن النظير في بابه ، فإن الثابت في هذا الباب جعل العفو تسعا تسعا ، والكسور في الجملة لها وجود في النقدين ، لكن دفع المصنف هذا ينتفي بما صرح به في رواية nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من قوله { nindex.php?page=hadith&LINKID=82811وأمرني أن لا آخذ فيما بين ذلك شيئا إلا أن تبلغ مسنة أو جذعا } وهكذا رواه القاسم بن سلام في كتاب الأموال ، لكن تمام هذا موقوف على صحة هذه الرواية أو حسنها ، والله أعلم .