الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وكذا ) ( النفل المؤقت ) كالرواتب مع الفرائض فلا يتيمم له قبل وقته ( في الأصح ) قياسا على الفرض وأوقات النوافل المؤقتة مقررة في أبوابها ، ووقت تحية المسجد دخوله له ، وصلاة الاستسقاء لمريدها جماعة الاجتماع لها ، ويظهر أن المراد به اجتماع المعظم ، فإن أراد أن يصليها منفردا تيمم عند إرادة فعلها ، وظاهر أنه يلحق بها في ذلك صلاة الكسوفين فيدخل الوقت لمن أرادها وحده بمجرد التغير ومع الناس باجتماع معظمهم .

                                                                                                                            وما اعترض به التوقف على الاجتماع من أنه يلزم عليه أن من أراد صلاة الجنازة أو العيد في جماعة لا يتيمم إلا بعد الاجتماع ولا قائل به يرد بالفرق ، إذ صلاة الجنازة مؤقتة بمعلوم وهو من فراغ الغسل إلى الدفن ، والعيد وقتها محدود الطرفين كالمكتوبة فلم يتوقفا على اجتماع وإن أراده ، بخلاف الاستسقاء [ ص: 317 ] والكسوفين إذ لا نهاية لوقتهما معلومة فنظر فيهما لما عزم عليه .

                                                                                                                            والثاني يجوز قبله لأن أمره أوسع ، ولهذا جاز الجمع بين نوافل .

                                                                                                                            وخرج بالمؤقت النفل المطلق وما تأخر سببه أبدا فيتيمم له متى شاء إلا في وقت الكراهة فلا يصح تيممه له .

                                                                                                                            والأوجه كما قاله الزركشي أن محله فيما إذا تيمم في وقتها ليصلي فيه ، فلو تيمم فيه ليصلي مطلقا أو في غيره فلا ينبغي منعه ، ولو تيمم في غير وقت الكراهة ليصلي فيه لم يصح .

                                                                                                                            لا يقال هي مؤقتة أيضا بمقتضى ما تقرر فيصح التيمم لها مطلقا ; لأنا نقول : مرادنا بالمؤقت ما له وقت محدود الطرفين .

                                                                                                                            والمطلقة ليست كذلك لأن ما عدا وقت الكراهة يزيد وينقص لما يأتي أن منه ما يتعلق بالفعل وهو قد يزيد وقد ينقص .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : قبل وقته ) أشار به إلى أن التعبير في كلام المصنف بوقت الفعل ليس قيدا ، فتصح نية استباحة سنة الظهر البعدية قبل فعل الظهر لدخول وقتها الزماني ( قوله : عند إرادة فعلها ) أي ثم لو عن له أن يصليها معهم أو صلاها منفردا ثم أراد إعادتها مع الجماعة بذلك التيمم لم يمتنع ( قوله : ومع الناس إلخ ) وأراد الخروج معهم إلى الصحراء وجب تأخير التيمم إليها على الأوجه كما لا يتيمم لتحية المسجد إلا بعد دخوله ا هـ شرح الإرشاد .

                                                                                                                            ومفهوم قوله معهم أنه لو تأخر عن موافقتهم في الخروج إلى وقت غلب على ظنه اجتماع المعظم في الصحراء جواز التيمم له قبل خروجه من بيته مثلا ، ولا يشترط وصوله إلى الصحراء وهو واضح ( قوله : مؤقتة بمعلوم ) اعترض سم على حج فقال : قوله مؤقتة [ ص: 317 ] بمعلوم إلخ قد ينظر فيه بأنه إن أراد أنه معلوم بالوصف ، بمعنى أن بدايته معلومة بالوصف وهو فراغ الغسل ، ونهايته معلومة بالوصف وهو الدفن فالاستقاء والكسوف كذلك ، لأن بداية الأول معلومة بالوصف وهو انقطاع الماء مع الحاجة ، ونهايته معلومة بالوصف وهو حصول السقيا ، وبداية الثاني معلومة بالوصف وهو التغير ، ونهايته معلومة بالوصف وهو زوال التغير .

                                                                                                                            وإن أراد أنه معلوم بالشخص بمعنى أن وقت بدايته ونهايته متعينان لا يتقدمان ولا يتأخران فهو ممنوع كما هو معلوم .

                                                                                                                            وقوله الآتي إذ لا نهاية لوقتهما معلومة .

                                                                                                                            يقال عليه إن أريد أنها غير معلومة بالوصف فممنوع أو بالشخص فصلاة الجنازة كذلك فليتأمل ا هـ .

                                                                                                                            أقول : ويمكن الجواب بأن الدفن لما كان وقته معلوما باعتبار الغالب وهو ما يريدون دفنه فيه نزل منزلة المعلوم لكونه موكولا إلى فعلهم ولا كذلك الاستسقاء ونحوه ( قوله وما تأخر سببه ) كركعتي الإحرام والاستخارة ومن أراد السفر ( قوله : أن محله ) أي محل قوله فلا يصح تيممه له ( قوله : لا يقال ) وارد على قوله : ولو تيمم في غير وقت الكراهة ليصلي إلخ ( قوله : هي ) أي النافلة المطلقة ( قوله ما تقرر ) أي من أنه لا يفعلها في وقت الكراهة فكأنها مؤقتة بغير وقت الكراهة .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : إذ صلاة الجنازة مؤقتة بمعلوم إلخ ) لا يخفى أن صلاة الخسوفين مؤقتة بمعلوم أيضا ، وهو من التغير إلى الانجلاء ، فلا فرق بينهما وبين صلاة الجنازة . فإن قيل : الانجلاء غير معلوم الوقت فقد يتقدم وقد يتأخر . قلنا : كذلك الدفن بالنسبة لصلاة الجنازة إلا أن يفرق بأن الدفن متعلق بالاختيار ولا كذلك الانجلاء ، ثم رأيت الشهاب ابن قاسم ذهب إلى نحو ذلك إلا ما ذكرته آخرا [ ص: 317 ] قوله : لا يقال : إلخ ) هذا وارد على قوله : ولو تيمم في غير وقت الكراهة ليصلي فيه لم يصح . وحاصله أنها مؤقتة بغير وقت الكراهة ، والمؤقت يصح التيمم له في وقته مطلقا سواء أصلاه في وقته أم في غيره ، وهو إذا تيمم في غير وقت الكراهة ليصلي فيه كمن يتيمم في وقت العصر ليصلي به وقت المغرب . وحاصل الجواب منع كونها مؤقتة ( قوله : هي مؤقتة ) الضمير للنفل المطلق بالتأويل




                                                                                                                            الخدمات العلمية